strong>ليال حدّاد
بعيداً عن المدرسة، وعن الفروض المنزلية، يأتي تلامذة مدارس منطقة رأس بيروت الرسمية إلى مركز نسمة للموارد والتعلّم بحثاً عن بيئة تعليمية لا توفّرها لهم المدرسة، فمعظم هؤلاء ينتمون إلى أسر محدودة الدخل ويرتادون مدارس مكتظّة وسيئة التجهيز من ناحية الوسائل التربوية الحديثة، وهو ما يحرمهم من خبرات تربوية تسهم في تنمية قدراتهم الذهنية والاجتماعية، خلافاً للأطفال الذين ينتمون إلى أسر ميسورة ويرتادون مدارس خاصّة.
تختلف النشاطات التي يقدّمها المركز للتلامذة، إلا أنّها تهدف كلّها إلى تعويض الطفل ما ينقصه في البيت والمدرسة، من أجهزة كومبيوتر وكتب متنوّعة ومطبوعات دورية.
يعمل في المركز عشرات المتطوّعين، من طلاب الجامعات ولا سيّما الجامعة الأميركية في بيروت، والجامعة اللبنانية الأميركية، مع أكثر من 54 تلميذاً يأتون يومياً إلى المركز من الثانية والنصف ظهراً إلى الخامسة والنصف من بعد الظهر. يتحدّث المتطوّع عباس سباعي عن تجربته في المركز، مشيراً إلى الفرق بين التطوّع في «نسمة» وفي غيرها من الجمعيات، لافتاً إلى «أنّني هنا أشعر بحرية في التعامل مع الأطفال وفي التصرّف». يذكر سباعي عدداً من المصاعب التي يواجهها مع الأولاد، ولا سيّما تلك المتعلّقة بتنمية خيالهم وإبداعهم إذ يلفت أنّه «في المدارس الرسميّة لا يهتمّ الأساتذة بهذا الموضوع، وهو ما نحاول نحن في المركز تعويضه».
من جهتها، تضيف مديرة المركز في بيروت، علا خالد، مشاكل أخرى، أهمّها عدم وعي الأهل «الذين يظنّون أنّ أولادهم يضيّعون وقتهم في المركز وأنّ الكومبيوتر لا يفيد إلا للتسلية»، وتأمل خالد أن يفهم الأهل أن المركز يطمح إلى تحسين الظروف التعليمية لأبنائهم. إلا أنّ المشاكل لا تقف عند حدود الأهل، فتتعداها إلى العدوانية الموجودة عند بعض الأطفال، والخجل الذي يمنع عدداً منهم من المشاركة في الحوارات التي يجريها المركز.
يقسمّ المسؤولون عن المركز دوام الأطفال إلى عدّة نشاطات، فيبدأ التلامذة بالقراءة الحرّة، ثمّ يقرأ لهم المتطوّعون إحدى القصص. أما أكثر جزء قد يلقى حماسة فهو استعمال الكومبيوتر وطباعة النصوص عليه، إضافة إلى الرسم والأشغال اليدوية ومشاهدة الأفلام العلمية والثقافية والترفيهية.
تشدّد خالد على أنّ المركز ليس مدرسة، فهو لا يقوم بحلّ فروض الأولاد المنزلية، إنما يساعدهم فقط إذا كان لديهم سؤال، أمّا جلّ اهتماماته فهي تنمية أفكاره وحسّه الإبداعي.
تستفيض خالد متحدّثة عن طموحاتها في ما خصّ المركز والأولاد، إذ تأمل «أن يصل اليوم الذي يكبر فيه الأطفال ويتطوّعون بدورهم لمساعدة غيرهم، كما أتمنى أن أراهم يحملون كتاباً من تلقاء أنفسهم ليقرأوه أو يناقشوه». من جهة ثانية، يحضّر المركز لعدد من النشاطات في أسبوع المطالعة في نيسان المقبل، ومنها أن يؤلّف الأطفال قصصاً ويصدروا العدد الأول من المجلّة الخاصّة بالمركز.
إضافة إلى فرع بيروت، يفتتح المركز قريباً فرعاً في برج البراجنة في ضاحية بيروت الجنوبية «وهو فرع أكبر من بيروت، ويحتوي على تقنيات جديدة» كذلك ينتظر المركز استقرار الأوضاع لافتتاح فرعه المتنقّل في الجنوب، ولا سيّما في المناطق التي تضرّرت من عدوان تموز والتي ينقص مدارسها الكثير من التجهيزات.