البقاع ــ أسامة القادري

لم تنجز الحملة الشعبية السعوديّة إلى الآن ملفّ المدارس الأربع عشرة اللبنانيّة التي تبنّتها لمعالجة الأضرار التي سبّبها نازحو حرب تمّوز، ولن تنجز ذلك رغم الوعود باستكمال المشروع قبل بداية العام الدراسي الحالي، معلّقة قرار المباشرة بالترميم أو استكماله ريثما تنتهي خلافاتها الشخصيّة داخل إدارتها وبينها وبين مؤسّسة ثراء الخليجي للخدمات العامّة

بعد حرب تمّوز مباشرة، أصدرت الحملة الشعبية لإغاثة الشعب اللبناني قراراً قضت بموجبه حجز 600 ألف دولار أميركي لمشروع ترميم 14 مدرسة متضرّرة من مختلف المناطق اللبنانيّة، مرفقة موافقتها على المشروع الأوّل بملحقٍ يتضمّن بناء وتجهيز مدرستين، الأولى لعرب الفاعور في البقاع الأوسط بمبلغ قدره 500 ألف دولار والثانية مدرسة سنديانة ريدان في عكار بمبلغ 450 ألف دولار. بحيث يصبح المبلغ الإجمالي المتبرّع به مليون وخمسمئة وخمسين ألف دولار. وبناءً على القرار الصادر عن وزير الداخلية والمشرف العام للحملة الأمير نايف بن عبد العزيز، وقّعت الحملة اتفاقاً خطّياً مع مؤسسة ثراء الخليجي التي فازت بالمناقصة، على أن تنجز الأخيرة عملها خلال مدّة زمنية لا تتجاوز 75 يوماً، وتنتهي عند حدود اليوم الأول من العام الدراسي 2007 ـ 2008، وتقوم الحملة بتمويل المشروع على ثلاث دفعات، الأولى بنسبة 50% والثانية 40% بعد استكمال نصف الأعمال والثالثة 10 % مع نهاية المشروع. ومن جهةٍ ثانية، حرصت الحملة على تغريم شركة ثراء إذا تأخّرت في الإنجاز.
بدأت الشركة عملها، فطلبت من إدارات المدارس إخلاء المباني من أثاثها، ومن الحملة الشعبية بدء التمويل التي حوّلت بموجب الطلب شكاً بنصف مبلغ الترميم من «حساب عام الشعب اللبناني» في البنك الأهلي السعودي إلى المؤسسة. ولكن لم يكد يبدأ العمّال بتحضير المواد اللازمة. حتى تبدّلت إدارة الحملة في لبنان وتبدّل القرار، وعلى الفور أصدر المدير الحالي للحملة أحمد الزايدي قراراً آخر يقضي بوقف العمل وكفّ يد المؤسّسة إلى حين يتم تلزيم مؤسّسة أخرى عبر الإدارة الجديدة، وأُلحق القرار بكتابٍ عاجل من إدارة الحملة في السعودية يتضمن إيقاف المشروع إلى حين التبليغ الرسمي، وضمن الشروط المتفق عليها. والسبب بعض الخلافات الشخصية مع الإدارة السابقة. فالتقرير الذي رفعته الإدارة الجديدة إلى إدارة الحملة في السعودية يشرح فيه أسباب اعتراضه وتوقيفه المشروع، بحجّة أن أغلب المشاريع حدّدت في منطقة البقاع دون سواها ومن دون توازن مناطقي، إضافة إلى أنّ إدارة الحملة السابقة لزّمت مؤسّسة ليست من الفئة الأولى تحت اسم ثراء الخليجي المرخّصة حديثاً باسم أحد موظفي الحملة السابقة. واعتبار أن التلزيم «تنفيعي»، لأنّه مقرّب من المدير السابق. وبعد هذا القرار، وقفت إدارات المدارس حائرة في أمرها، فهي لا يمكنها تفويت العام الدراسي على طلّابها، ولا تستطيع ترك المشروع، لذلك امتثلت لأوامر الحملة، وها هي الآن تنتظر منذ ثلاثة أشهر، عقب بداية العام الدراسي، والمشروع لمّا يبدأ بعد. ولفتت مصادر مطّلعة، إلى أن المبلغ الذي كان قد صُرف إلى الأعمال الأولية وقيمته 300 ألف دولار أصبح في عهدة وزير التربية والتعليم العالي خالد قباني، ليقوم بعدها بتحديد الأولويات في صرفه على المشاريع التربوية.
تجدر الإشارة إلى أن المبلغ المرصود حسم منه 150 ألف دولار بدل أتعاب وأرباح المؤسّسة التي تمّ فسخ العقد معها، ما اضطرّ مجالس الأهل بالتعاون مع البلديات وإدارات المدارس، لمباشرة أعمال الترميم ضمن الإمكانات لإعادة تأهيل المدارس بما أمكن لفتح أبوابها أمام الطلّاب. وذلك بعد أن ملّ مديرو المدارس من الوعود التي رفعتها الحملة في لبنان. ومن جهةٍ ثانية، عمل المديرون على خطّ الحملة في السعودية والهيئة العليا للإغاثة، مطالبين بتعجيل العمل وتلزيمه لأي شركة يريدونها من دون تفويت العام الدراسي على الطلاب، كذلك شرحوا مدى حاجة مناطقهم لأعمال الترميم التي وُعدوا بها، وخصوصاً أنّ ما يمرّ به اللبنانيون من تردٍّ في الأوضاع الاقتصادية، تجعله بحاجة ماسة إلى المدارس الرسمية. وإلى الآن، لم يجد المديرون ما يعوّضهم، فلا المراسلات نفعت ولا الوعود رمّمت المدارس، التي ينتظر طلّابها ومديروها أيضاً انتهاء الحملة من «حملة المحسوبيات والتنفيعات»، وأخذ همومهم على محمل الجدّ.