149; عون يدافع عن حق «حزب الله» في الردِّ على اغتيال مغنية وكرامي يهاجم جعجع
رغم تكثُّف الاتصالات للملمة ذيول إشكالات مساء السبت، والدعوات إلى ضبط النفس، بقيت الأنظار مشدودة إلى الشارع وتطوراته، مع تصاعد التحذيرات العربية والدولية من تطورات الأوضاع، وبدء «النصائح» بتجنب السفر إلى لبنان

رفعت التطورات الأخيرة، نسبة القلق من الوضع اللبناني، ما دفع رئيس الوزراء البريطاني غوردون براون، إلى القول إن بلاده تناقش مع جهات في المنطقة «ما يمكن أن نقوم به» حيال هذه التطورات، «وما إذا كانت هناك قضية لاستصدار قرار جديد في الأمم المتحدة، وما إذا كنا سنحصل على الدعم لفعل ذلك». فيما حذر السفير البابوي لويجي غاتي، إثر لقائه بطريرك الروم الكاثوليك غريغوريوس الثالث لحام، من أن استمرار الوضع الحالي «ينذر بالكثير من الانعكاسات السلبية»، ورأى أن «الحالة اللبنانية أشبه باللغز الذي تحيط به تعقيدات كثيرة يصعب الوصول إلى حل لها بسهولة، ما يستدعي استنفار الجهود والنيات لإنقاذ لبنان من التحديات الخطيرة التي تواجهه إقليمياً ودولياً».
وأمس، أهابت قيادة تيار المستقبل في بيروت، بأهل العاصمة التزام أعلى درجات التماسك الوطني، والتعاون التام مع الجهات الأمنية المختصة، مشيرة إلى أن الاجتماع «الذي نظمته قيادة الجيش» مساء الأحد «لا يعدو كونه اجتماعاً مخصصاً لتطويق ذيول الحوادث الأخيرة في بيروت، والتزام سقف الشرعية وقواها الأمنية، وهو لا يعكس من قريب أو من بعيد أي توجه لإحياء زمن اللجان الأمنية المشتركة أو ما يشابهها في ذاكرة اللبنانيين».

دعوات إلى وقف الخطاب الطائفي والسجالات

وقد أشاد الرئيس نجيب ميقاتي بإسراع قيادات الموالاة والمعارضة باستيعاب ما حدث، وإعلانها «رفع الغطاء عن المخلين بالأمن، ودعم الجيش في المهمات التي يقوم بها لحفظ الأمن». إلا أنه رأى أن ذلك سيبقى ناقصاً «إذا لم توقف القيادات السياسية سيل التصريحات التخوينية النارية والاستفزازية التحريضية، وإذا لم تسارع إلى التفاهم على القواسم المشتركة التي تمثل مدخلاً إلى الحل السياسي الشامل».
وبينما حمّل العلامة السيد محمد حسين فضل الله، مسؤولية ما جرى للخطاب السياسي «المتوتر والصدامي»، ذكّر نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبد الأمير قبلان، بأن الاعتداء على الناس محرم، معلناً التبرؤ «من كل معتدٍ يؤذي الناس ويتعرض لهم». وأشاد النائب عاطف مجدلاني بالاجتماع الأمني، محذراً من «طابور خامس يستغل ما يحصل ويختلق المشاكل ويطلق النار». ورأى رئيس جبهة العمل الإسلامي فتحي يكن أن «المعالجة تبدأ بوقف الخطاب الطائفي وتقديم تنازلات من كلا الفريقين».
وأمام وفد من حكومة الظل الشبابية، عاهد المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي، على بذل «الغالي والنفيس في سبيل تحقيق الأمن لمجتمعنا والحفاظ على السلم الأهلي، وأن نبقى على مسافة واحدة من الجميع مهما حاولوا زجنا مع فريق ضد آخر».
في هذا الوقت، انتقل رئيس الحكومة فؤاد السنيورة، إلى بريطانيا، وقال في حديث تلفزيوني، إن لبنان «يريد أن يكون على علاقة جيدة مع كل دول العالم، ما عدا إسرائيل التي نصنفها بلداً عدواً. أما بقية البلدان فهي الشقيقة، بما فيها سوريا، والصديقة، إيران التي نريد أن يكون بيننا وبينها علاقات فيها الكثير من الود، ولكن مبنية على الاحترام المتبادل بين دولة ودولة. لا نريد أن يكون تعاملها مع لبنان على أن هذا الأخير هو ساحة للتقاتل أو للنزاع بين بلد وآخر». ورأى أن الحكومة «منبثقة من تأييد اللبنانيين»، مردفاً: «لا نعتمد على الغرب من أجل بقائنا، نحن لسنا كقشرة موز يمكن سلخها في لبنان». وكرر أن اللبنانيين «كلهم ضد إسرائيل»، داعياً إلى الكف عن التصنيفات «ومحاولة اتهام الآخرين بالعمالة والخيانة».
وفي المواقف البارزة أمس، رأى النائب العماد ميشال عون، بعد ترؤسه اجتماع تكتل التغيير والإصلاح، أن اغتيال القيادي في المقاومة عماد مغنية «اعتداء على لبنان وسوريا، وتوسيع لرقعة الإرهاب»، وأنه «سيؤثر على مسار الأحداث في الشرق الأوسط». وقال إن حصوله خارج لبنان أسقط شروط اللعبة «التي فرضناها على أنفسنا وجعلنا سلاح «حزب الله» للدفاع عن لبنان»، مدافعاً عن حق الحزب في الدفاع عن نفسه بعد الاعتداء عليه.
وإذ تمنى للأمين العام للجامعة العربية «التوصل إلى حل إيجابي»، رأى وجود «تناقضات كثيرة تظهر من أقطاب التفاوض»، معلناً الإيجابية «ولكن ليس إلى حد إلغاء الذات». وتخوف من تأثير كلام مساعد وزيرة الخارجية الأميركية دايفيد ساترفيلد على المفاوضات الرباعية المقبلة. واتهم كل من ترك المشكلة اللبنانية تتطور إلى الدرجة الحالية، بأنه «متآمر بالإهمال أو بالصمت أو فعلاً متآمر على لبنان عن سابق تصور وتصميم».
وفي افتتاح مركز جديد لحزب التحرر العربي في بلدة دده ـــ الكورة، لفت الرئيس عمر كرامي في كلمة ألقاها عنه نجله فيصل، إلى أن لبنان «لا يحتمل الهزات الكبرى في ظل وضع بالغ الخطورة إقليمياً ودولياً». وحدّد الخلاص بالوعي الكامل والجهوزية الكاملة «مع وإلى جانب ووراء مقاومتنا البطلة... ولنترك كل الخلافات والاختلافات ما بيننا إلى ما بعد العاصفة». وهاجم رئيس الهيئة التنفيذية في القوات اللبنانية سمير جعجع، قائلاً له: «لست أقوى من لبنان ولا من أحد، أنت أصغر من التاريخ ومن الجغرافيا والعدالة ومن الشراكة، وسيبقى دم رشيد كرامي أقوى منك إلى يوم الدين».
وشهدت بنشعي أمس، اجتماعاً بين رئيس تيار المردة سليمان فرنجية ورئيس الحزب الديموقراطي طلال أرسلان والنائب السابق إميل لحود، وضعه الأول في إطار ضرورة لقاء «أبناء الخط الواحد» لمناقشة الأوضاع. فيما قال أرسلان: «الذي يريد الطلاق فليطلِّق وحده، ما من أحد يملك وكالة باسم الناس أو الطوائف أو المذاهب أن يعلن الطلاق على أحد في البلد». ووضع الإشكالات الأخيرة في إطار «مشروع قديم جديد» لإحداث فتنة مذهبية، ينفذها «متآمرون مرتزقة». وأردف: «نحن لسنا طلاب حرب أهلية، ولا طلاب فتنة في البلد، بل طلاب حق، فإذا كانوا يفكرون بأنهم سينزلوننا إلى الزواريب الداخلية، وكذلك المقاومة، فأؤكد لهم أنهم لن يصلوا إلى هذا أبداً». وعقّب فرنجية بالقول: «لو يصار إلى إزالة حرف «ج» (جعجع وجنبلاط) من المعادلة السياسية فإن البلد حكماً يرتاح».
من جهته، قال النائب محمد رعد، في احتفال تأبيني في الجنوب: «إننا منذ سنوات نضبط أعصابنا ونتصرف بحكمة حفاظاً على وحدة البلد وعلى سلامة الوضع السياسي الذي يخدم مشروعنا ورؤيتنا الاستراتيجية لحاضر البلاد ومستقبلها، ولن يستدرجنا أحد إلى مواقع الآخرين أو مشاريعهم»، مؤكداً أن لبنان «لن يكون موطئاً لإسرائيل وحلقة من حلقات المشروع الأميركي كما يريده الذين يحرضون على الحرب الأهلية والفتنة الداخلية».

سجالات متفرّقة ورفض لـ«الحرب المفتوحة»

في هذا الوقت استمر حديث الموالاة عن انتخاب رئيس جديد بالنصف زائداً واحداً، إذ أعلن النائب وائل أبو فاعور أن ذلك «أحد الخيارات التي لم تسقط أساساً، لكنها لا تطرح في شكل ملحّ». وكشف عن «تحرك واسع لقوى 14 آذار على المستوى المحلي والعربي والدولي لإنجاز الاستحقاق الرئاسي». كذلك أعلن جعجع «أن احتمال اللجوء» إلى هذا الخيار «لم يغب في أي وقت من الأوقات، وما زال مطروحاً»، مشيراً إلى أنه «من ضمن الحلول المقترحة لحل الأزمة الرئاسية»، إضافة إلى إمكان «ترميم الحكومة الحالية وتعويمها».
لكن النائب علي خريس، رأى أن الأكثرية «لا تجرؤ على المضي» في اعتماد النصف +1، وقال إن هذا الطرح فيه «دمار وخراب»، ودعا إلى «الخروج من منطق الغالب والمغلوب الذي هو ليس في مصلحة أحد، وحيث سيخسر الجميع».
وفي شأن المبادرة العربية، رأى النائب إبراهيم كنعان، أن مواقف الأكثرية الأخيرة مخالفة لنص المبادرة وروحيتها، قائلاً إن الالتزام بها «يعني الالتزام بسلة متكاملة والتفاوض والوصول إلى حل وتسوية، لا إلى عملية تذاكٍ ومناورات وتصعيد يترافق مع تصعيد خطير جداً يحصل في المنطقة ويستعمل لبنان مجدداً ساحة لتصفية حسابات إقليمية ودولية».
وفي المقابل، قال النائب مصطفى علوش: «لا مجال لبحث أي سلة طلبات، والمسألة الأساسية هي البند الأول وربما تمّ البحث في البند الثاني بناءً فقط على المبادرة العربية».