أنطون الخوري حرب
من الواضح أن فريق السلطة في لبنان بات يربط كل خطواته المقبلة بحدٍّ فاصل جديد، هو ما قبل رد حزب الله المتوقع على اغتيال المسؤول العسكري في المقاومة عماد مغنية وما بعده.
المفاجأة الكبرى في الاغتيال جاءت من السلطة التي صدمها الأمر وأعاد خلط حساباتها وخططها، وهي في خضمّ الجهد لإحياء ذكرى الرئيس الحريري بحشد شعبي ضخم بغية إسماع المجتمع الدولي الصوت المُطالِب بانتخاب قائد الجيش رئيساً للجمهورية.
وقال أحد أعضاء فريق المتابعة في قوى 14 آذار إن «خبر اغتيال مغنية وقع علينا وقع الصاعقة، وأرسى لدينا حالاً من التضعضع والتشاؤم، فقد وددنا جعل إحياء ذكرى الحريري مناسبة لإظهار تفوقنا الشعبي الداعم لموقفنا السياسي، فجاءت عملية الاغتيال، لا الطقس الماطر، لتنفّس الحشد الجماهيري مطوّقاً خطابنا السياسي وراسماً سقفاً متدنّياً له، ما دفع البعض إلى التعويض عنه بالشتائم».
بات الجدول السياسي لفريق الأكثرية مرتبطاً بالرد الذي توعّد به نصر الله في مأتم مغنية، والذي يترجم معادلة «الحرب المفتوحة»، ذلك أن كلاً من السلطة والمعارضة على يقين من حصول هذاالرد.
وفي هذا الإطار يبرز داخل السلطة رأيان، الأول للنائب وليد جنبلاط، ويدعو إلى استثمار الرد المحتمل في عملية تحريض مضاد لتحميل المقاومة كل «ويلات الحرب التي ستحل بلبنان جراء الاشتباك العسكري مع إسرائيل»، أما الرأي الثاني فيجد أن اغتيال مغنية يجب أن يكون دافعاً للتفاهم مع المعارضة، لأنه في حال اندلاع مواجهة، فإن هذه ستكون قاسية لدرجة تطغى فيها على أي صوت ينتقد المقاومة، ولا سيما إذا حققت نصراً ثانياً على إسرائيل. وستتغيّر خريطة المواقف العربية والدولية عند بروز خطر وقوع حرب إقليمية تشارك فيها كل من سوريا وإيران لدعم حزب الله.
وتزداد تعقيدات التوقعات الأكثرية في ظل معلومات عن تحضير المقاومة لنفسها، وخاصة بعد تأكد السلطة من أن الإجراءات التي كان مغنية قد أوصى بتنفيذها في حال اغتياله أنجزت بالكامل، وذلك ليس على الجبهة الخارجية فحسب، بل أيضاً على الجبهة الداخلية مع الحلفاء في المعارضة، كي لا يسمح أحد لنفسه بطعن المقاومة في ظهرها كما حصل سابقاً.
وفي هذه الأجواء تحاول الدبلوماسية الأميركية رصد وضع حلفاء حزب الله في حال نشوب نزاع بين المقاومة وإسرائيل بعد التلميحات التي نقلت عن بعض زعماء المعارضة والتي لا توحي بخوف ولا بقلق أو تردّد حيال التصعيد المحتمل. وهذا ما يضيف مشكلة جديدة إلى مشاكل فريق السلطة. ويبقى أن جديد الأكثرية هذه المرة هو التحسّب لاحتمال حصول انقسام في صفوفها إذا سجّل حزب الله انتصاراً عسكرياً وسياسيّاً آخر.