باريس ـ بسّام الطيارة
لم يتغير شيء في الموقف الفرنسي، إذ ما زال داعماً للمبادرة العربية، بحسب ما يردّده المسؤولون الفرنسيون في الإليزيه وموظفو الخارجية الفرنسية في الكي دورسيه. ولكن رغم هذا الثبات في دعم جهود عمرو موسى، فإن ملامح التغيير بدأت تلوح في الدبلوماسية الفرنسية تحسباً لتطورات محتملة.
وترفض المصادر التسليم بوجود خطة بديلة في الأدراج، ولكن هذا لا يمنع وجود توجه لإعادة تصويب العمل الفرنسي في ضوء التنويه بأن المبادرة العربية تعود في أصولها إلى المبادرة الفرنسية المعروفة بـ«تمرين سان كلو».
ويعرف الجميع هنا أن محرك مبادرة سان كلو كان السفير فوق العادة جان كلود كوسران. كما يعرف الجميع أن يد كوسران كُفّت عن الموضوع عندما دخل هذا الموضوع «حلقة الضوء الإعلامية». وسوف يعود كوسران إلى بيروت موفداً رئاسياً هذه المرة لربط ما فرّقه تداخل صلاحيات خليّة الإليزيه مع الكي دورسيه.
وقد سألت «الأخبار» السفير كوسران عن الأمر فنفى «التغيير»، مؤكداً «أن الأمور باقية كما كانت». إلا أنه أكد بطريقة غير مباشرة عودته إلى الشأن اللبناني بتأكيده أن فرنسا ما زالت تدعم المبادرة العربية وتنتظر نتائجها. وتقول مصادر مطلعة إن كوسران لا يعرف لماذا أُبعد، كما لا يعرف لماذا أُعيد، وهو يقوم بالمهمّات التي توكل إليه.
وتؤكد أوساط مطلعة أن كوسران سيعمل «على الخط السعودي ـــــ السوري» لأن التوتر بين البلدين بلغ درجةً خطيرة من الاحتقان تنعكس على الداخلي اللبناني أمنياً وسياسياً. وتشير الأوساط إلى تسارع خطوات التهدئة العربية وكلها «تتقاطع في باريس»، مشيرةً إلى عدد من «المبادرات الحسنة» كمبادرة حاكم دبي محمد بن راشد آل مكتوم ومبادرتي قطر والجزائر.
ولا يتوقف التقاطع في العاصمة الفرنسية، بل يمرّ في طهران أيضاً، إذ تؤكد المصادر أن «تحريك السفير كوسران» يسير باتجاه انفتاح محدود نحو إيران وبدرجة أقل نحو سوريا لإعادة وصل الحوار الذي انقطع بغياب كوسران أو بتراجع دوره.
وتؤكّد مصادر عربية وفرنسية أن «ما تعمل عليه الدبلوماسية الفرنسية ليس بديلاً من المبادرة العربية، بل تكملة لها إذا وصلت إلى نتيجة مبتورة. والنتيجة المبتورة هي «حلّ مبتور» يقوم على انتخاب رئيس في ٢٦ الشهر «والعمل فوراً لتأليف حكومة مصغّرة». ويتحدث البعض عن حكومة من ١٤ وزيراً تنكبّ على البحث في الإجراءات المطلوبة للخروج الحقيقي من
الأزمة.
وتقول المعلومات التي «تبشّر» بالحل المبتور إن أسباباً كثيرة تشير إلى إمكان العمل عليه، إذ إن «دمشق أثبتت أن الحل يمرّ من خلالها»، فيما أثبتت الأكثرية أنها تستطيع استيعاب التحولات الإقليمية، وهو ما يرى فيه المراقبون «تعادلاً للقوى» يمكن أن يقود نحو القمة العربية.
ويصل الرئيس السنيورة اليوم إلى باريس وفي انتظاره «هدية فرنسية»، إذ علمت «الأخبار» أن فرنسا قررت تقديم مساعدات مالية مباشرة إلى الحكومة اللبنانية تبلغ نحو ٣٧٥ مليون دولار، بررها مسؤول رفض ذكر اسمه بأنها «في إطار التزامات فرنسا وأنها ستخصص للموازنة»، وتستعملها الحكومة اللبنانية حسب
حاجاتها.