علي محمد
أشادت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بقرار المديرية العامة للأمن العام الذي منح فترة 3 أشهر للاجئين العراقيين لتسوية أوضاعهم في لبنان، بعد طول معاناة من الملاحقة لهم. وأكّد مصدر في الأمن العام أن القرار يشمل كل الأجانب

بعد مرور نحو خمسة أعوام على معاناة اللاجئين العراقيين في لبنان، أصدرت المديرية العامة للأمن العام قراراً يسمح لنحو 50 ألف عراقي بتسوية أوضاعهم. وسيشمل القرار مئات العراقيين المحتجزين في سجن رومية المركزي بجرم الدخول خلسة إلى الأراضي اللبنانية.
ورحّبت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين في الأمم المتحدة بقرار السلطات اللبنانية، وجاء على لسان المفوّض السامي للأمم المتحدة للاجئين أنطونيو غوتيريس، خلال مؤتمر صحافيّ في عمّان أن «ذلك يُعد تطوراً هاماً وإيجابياً». كما أشاد ممثل المفوضية في لبنان ستيفان جاكميه بالقرار واصفاً إياه بالشجاع، وأضاف أن «لهذا القرار دلالة خاصة لأنه اتخذ خلال فترة تواجه فيها البلاد وضعاً سياسياً وأمنياً غير مستقروفي اتصال مع «الأخبار» تحدثت المسؤولة الإعلامية في مفوضية اللاجئين في لبنان لور شدراوي عن الأمر، وأوضحت أن اللاجئين المعتقلين في السجون اللبنانية يشكلون الأهمية القصوى في هذا القرار، إذ تشير المفوضية إلى أنه حتى شهر تشرين الأول من العام الفائت، كان هناك ما يقارب 584 عراقياً محتجزاً في لبنان بسبب وضعهم غير القانوني، وقد أتمّ عدد كبير منهم فترة محكوميتهم ولكنهم ظلّوا مُحتجزين بصورة تعسفية. وقالت شدراوي إنه لا يمكن إعطاء رقم أكيد عن عدد الموقوفين حالياً، إذ تم ترحيل العديد منهم ضمن ما سُمّي «عملية الإعادة الطوعية» التي قامت بها السفارة العراقية بالتعاون مع الدولة اللبنانية ومنظمة الهجرة العالمية. وتجدر الإشارة إلى أنه في 25/9/2007 أصدرت 14 جمعية أهلية بياناً استنكرت فيه عملية «الإعادة الطوعية» للاجئين إلى العراق، مطالبة بوضع حد لممارسة الاعتقال المطوّل للاجئين وطالبي اللجوء، واحترام مبدأ عدم الإعادة القسرية لهم ومنحهم إقامة مؤقتة لأسباب إنسانية.
وأكدت شدراوي أن المفوضية تعمل الآن للوصول إلى أكبر عدد ممكن من اللاجئين لحثهم على التقدم من المديرية العامة للأمن العام بطلب تسوية أوضاع بعد «كسر حاجز الخوف لديهم»، مشيرة إلى أن العديدين يهابون التقدم من السلطات الرسمية خوفاً من الاعتقال. وشرحت أن القرار سوف يمنح اللاجئين مهلة ثلاثة أشهر لتسوية أوضاعهم، يقوم العراقي خلالها بتأمين كفيل له. ولفتت شدراوي إلى أن المفوضية ستقوم بالتعاون مع كاريتاس لبنان بتأمين التكاليف اللازمة للأوراق والمستندات المطلوبة ورسوم تسوية أوضاع المعتقلين الذين يطلق سراحهم. أما الموقوفون الذين لم ينهوا محكومياتهم، «فهؤلاء يجب أن ينهوا مدة أحكامهم قبل التسوية». وقالت إن المفوضية سوف تؤمن تصاريح عمل للمخلى سبيلهم وسيلة للاكتفاء الذاتي.
ومن جهة أخرى، أوضحت المسؤولة الإعلامية أن هذا القرار يشمل فقط اللاجئين غير الشرعيين الذين يحملون جوازات سفر، «أما الذين لا يحملون جوازات، فتواصلنا مع السفارة العراقية بخصوصهم وستحاول تأمين جوازات السفر للذين يتقدمون منها حاملين بطاقات الهوية أو أوراقاً ثبوتية». وعن الموقوفين الذين لا يملكون جوازات، أوضحت شدراوي أن إدارة السجن «تحضّر لائحة بأسمائهم لإرسالها في ما بعد إلى السفارة العراقية لتأمين الأوراق المطلوبة». يذكر أنه وفقاً لمسحٍ أجراه المجلس الدنماركي للاجئين في أواخر عام 2007، يقدر عدد العراقيين في لبنان بحوالى 50 ألفاً، 77،5% منهم دخلوا بصورة غير شرعية.
من جهته، اعتبر الباحث في منظمة «هيومن رايتس ووتش» نديم حوري، أن هذه الخطوة التي أقدمت عليها السلطات اللبنانية إيجابية «ولكن يجب أن تُستتبع بحلول جيدة لوقف معاناة اللاجئين العراقيين في لبنان». وإذ أشار إلى أن العراقيين «ليسوا مجرمين بل ضحية الحرب الدائرة في بلادهم منذ حوالى 5 سنوات»، أوضح أنه من وجهة نظر المنظمة، الحل يكون بإنشاء ما يسمّى «الوضع الخاص» للاجئين يسمح لهم بالعيش بشكل طبيعيّ في لبنان. كما لفت إلى «الابتزاز الذي يتعرض له العراقي عند تأمينه كفيلاً يحاول الكسب منه بأكبر شكل ممكن»، متمنياً أن تتبع هذه الخطوة خطوات أخرى تساعد على حل هذه المشكلة.
بدوره، أكد مصدر في المديرية العامة للأمن العام لـ«الأخبار»، أن هذا القرار غير خاص باللاجئين العراقيين وهو «يشمل جميع الأجانب الذين يقيمون بصورة غير شرعية في لبنان». وأكد المصدر أن هذا القرار يهدف إلى إفساح المجال أمام الراغبين في السفر كي يدفعوا الرسوم المتوجبة عليهم ويسافروا بطريقة قانونية، بالإضافة إلى منح اللاجئ مهلة 3 أشهر لتسوية أوضاعه «ولن يتعرض المخالف خلالها للتوقيف». وأشار أخيراً إلى أهمية هذا القرار في تخفيف اكتظاظ السجون، وتخفيف العبء عن الأجانب في لبنان من ناحية ملاحقتهم وتوقيفهم ريثما يسوّون أوضاعهم، وعن السلطات اللبنانية في ما خص التوقيف والسوق والمحاكمة.