149; الفيصل يدعـو «الأطـراف المؤثـرين» للتسهيل وعـون يربـط عـودة موسـى بالموافقة على المثالثة
قبيل عودة «الشيف» عمرو موسى، انتقلت الأزمة إلى المطبخ، مع تبادل الاتهامات بشأن «الطبخة» السورية والأميركية و«النَّفَس» المفضَّل والطعام الأشهى، والاتجاه نحو الإفراط في السجال بدلاً من «الريجيم» المهدِّئ للشارع

بدأ مدير مكتب الأمين العام للجامعة العربية، هشام يوسف، أمس زيارة لبيروت، وباشر مساءً تحضيراته لجولة عمرو موسى الذي من المقرر أن يأتي إلى لبنان غداً في زيارة تستغرق يومين، أبرز عناوينها عقد اجتماع رباعي يوم الأحد، فالتقى ممثلي المعارضة، النائبين علي حسن خليل وأسامة سعد ومسؤول العلاقات السياسية في التيار الوطني الحر جبران باسيل والمعاون السياسي للأمين العام لحزب الله حسين الخليل.
وشرحت مصادر في المعارضة لـ«الأخبار» أسباب هذا اللقاء الموسع، بأن المعارضة قررت ألّا تتعامل منفردةً مع المبادرة العربية، وخصوصاً في اللقاءات التحضيرية مع يوسف، بما في ذلك عدم المشاركة في اجتماعات ثنائية، لذلك تم الاتفاق على أن تتمثل القوى الرئيسية فيها بمندوبين، لذلك حضر الاجتماع المسائي ممثلون لحزب الله وحركة أمل والتيار الوطني الحر واللقاء الوطني.
وكشفت هذه المصادر أن قيادات المعارضة كانت قد اتفقت مسبقاً على طرح متكامل للمعارضة قدمه ممثلوها إلى يوسف في الاجتماع الذي عقد مساء أمس، وهو يتضمن سلة متكاملة للحل فيها تعديل لما سبق أن طرحته المعارضة، وهو تعديل غير جوهري «لأنه يُعَدُّ تسييراً للتفاوض، ويفنّد في ورقة من نقاط عدة، طلبت المعارضة موافقة موقعة عليها من قوى الأكثرية من أجل الوصول إلى حل نهائي».
وأشارت مصادر المعارضة إلى أن يوسف اكتفى خلال الاجتماع الذي استمر ثلاث ساعات، بطرح صيغة 13ـــــ10ـــــ7 «التي تتناقض مع سلة المعارضة للحل». وذكرت أن الاجتماع انتهى «ليذهب يوسف للقاء الأكثرية وتسليمها ورقة المعارضة، على أن يعاود الاجتماع مع المعارضة في الثالثة من بعد ظهر اليوم».
ومن بوينس آيرس حيث يعقد اجتماع وزاري عربي ــــ أميركي جنوبي، قال موسى إن «لبنان ليس فقط مشكلة داخلية، بل أيضاً مشكلة إقليمية خطيرة جداً»، مشيراً إلى أن الحل يكمن في «مصالحة توافق عليها الجامعة العربية والعالم». وشدد على وجوب أن يعمل الرئيس الجديد على «تأمين علاقة صحية ومتوازنة مع سوريا»، فيما وجه وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل نداءً إلى «كل الأطراف المؤثرين لتسهيل نجاح المبادرة العربية»، قائلاً إن المبادرات السابقة للجامعة العربية لم تحقق «النجاح المرجو بسبب المتطرفين» الذين وضعوا لبنان «على شفير الحرب الأهلية».

المثالثة وتفاؤل المعارضة ورفض الموالاة

وفي بيروت، تصاعد أمس السجال حول المثالثة، وقال عون في حديث لـ«المنار» إنه «لا ضرورة لعودة» موسى «إذا كان الموقف النهائي لفريق الموالاة هو رفض صيغة حكومة المثالثة». ونصح رئيس الحكومة فؤاد السنيورة بـ«عدم التذاكي على اللبنانيين من خلال ربطه بين هذه الصيغة والانقلاب على الطائف». وسأل الحكومة عن موقفها من «اغتيال مواطن لبناني يدعى عماد مغنية». وسخر من «محاولات بعض الأطراف اللعب على وتر العلاقة بين حزب الله والتيار الوطني الحر»، داعياً إياهم إلى «أن يخيّطوا بغير هذه المسلة».
ورأى الوزير المستقيل محمد جواد خليفة أن المثالثة «أرضية صالحة للانتقال» إلى تذليل «الأمور الأخرى»، وأن عودة موسى «هي الأمل الكبير، وجلسة الانتخاب واردة في أي لحظة يجري التوصل فيها إلى أرضية صالحة للاتفاق والانطلاق منها». ورأى النائب قاسم هاشم أن اللقاء الرباعي «قد يؤسس لمناخ سياسي إيجابي»، وأن «الإمكانية كبيرة للوصول إلى تسوية وانتخاب رئيس للجمهورية في الجلسة المحددة».
وفي المقابل أعلن النائب محمد قباني تمسك الأكثرية برفض المثالثة، ولم يعلّق آمالاً جدّية على الاجتماع الرباعي، قائلاً إن الأجواء «لا توحي باقتراب الحلول». ورأى النائب أنطوان زهرا أن المثالثة «استمرار لتعطيل الانتخابات الرئاسية». ووضع النائب هنري حلو، الأمر في إطار «سيناريوات لا صحة لها إطلاقاً». كما رأى رئيس حركة التجدد الديموقراطي نسيب لحود، في تصريح في معراب، أن المثالثة «تحريف للمبادرة العربية».
وأعلن وزير الإعلام غازي العريضي، في حديث لفضائية سعودية، أنه ليس متفائلاً بانتخاب رئيس في 26 الجاري. ونفى ورود كلمة «التدويل» في أيٍّ من لقاءات النائب وليد جنبلاط في السعودية، وكشف أنه «في فترات لم يكن ثمة رضى من خادم الحرمين الشريفين عن بعض المواقف السياسية للأكثرية، من وليد بك أحياناً ومن النائب سعد الحريري أحياناً أخرى»، وذلك بسبب «طريقة التعاطي في بعض الأمور والمواقف والتصريحات إلخ». ونقل عن الملك السعودي استخدامه كلمة «ابننا »عن عدد من القياديين اللبنانيين، بينهم الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله. وقال رداً على سؤال عن عدم قيام الحكومة بتحرك إثر اغتيال الشهيد عماد مغنية: «ماذا في استطاعة الحكومة أن تفعل عندما اغتيل على أرض سورية وعندما تكتمت سوريا على الموضوع».
إلى ذلك، برز موقف لـ«آل معوّض» يربط مصير القمة العربية بالانتخابات الرئاسية، إذ أعلنت الوزيرة نائلة معوض في لقاء مع الجالية في الإمارات العربية المتحدة، أنه «إذا أصرّ المحور الإيراني ــــ السوري عبر حلفائه المحليين في العرقلة والتعطيل، فلن يكون هناك قمة عربية، وقوى 14 آذار لن تبقى مكتوفة الأيدي». ومن بكركي، كرر عضو لجنة المتابعة في 14 آذار ميشال معوض، أن انتخاب رئيس للجمهورية «يجب أن يحصل قبل القمة العربية، أو لن تكون القمة. وإذا لم تحصل القمة، فلكل حادث حديث»، مضيفاً «إما أن يفك النظام السوري أسر حلفائه في لبنان كي يجري انتخاب العماد سليمان قبل القمة العربية، وإما أن يكون هناك قرار جديد لقوى 14 آذار، لأنها لن تقف مكتوفة الأيدي».
وبين ذلك، تمنّى الرئيس نجيب ميقاتي بعد لقائه سفير إيطاليا غبريال كيكيا، عدم إغراق المسعى العربي الجديد الذي سيقوده موسى «بالشروط والشروط المضادة»، مكرراً أن المبادرة العربية «تمثّل في الوقت الحاضر فرصة أساسية للخروج من الأزمة الراهنة». كما جدّد كيكيا دعم بلاده للمبادرة واستعدادها «لبذل كل الجهود من أجل إنجاحها». وأعلن القائم بالأعمال الألماني، هانزيورغ هابر، بعد لقائه الرئيس نبيه بري، دعم بلاده للمبادرة «التي لا يوجد مبادرة غيرها، كما أنه لا يوجد مرشح للرئاسة غير العماد ميشال سليمان». ورأى إمكان «التوصل إلى اتفاق في الأيام المقبلة»، متسلحاً بـ«بعض الإشارات الإيجابية والتوافق اللذين سُجِّلا في الأيام الأخيرة».

الحاج حسن يرد على السنيورة والحص يسأل

وأمس، رد النائب حسين الحاج حسن على تصريحات السنيورة عن «انقلاب المعارضة على الطائف»، قائلاً إن المعارضة «تطرح الشراكة في الحكم والحكومة، وهي منفتحة في إطار مبادرة جامعة الدول العربية على الحلول للوصول إلى هذه الشراكة». وخاطبه رداً على حديثه عن «لبنان الساحة والانتصارات»: «الذي يتحدث عن لبنان بهذه الصيغة هو حليفك الأميركي إن لم نقل سيّدك، عندما رأى أن دعم حكومتك من أولويات الأمن القومي الأميركي، ووزيرة الخارجية كوندوليزا رايس قالت إن لبنان في الموقع المتقدم في مشروع الشرق الأوسط بين الاعتدال والإرهاب».
ورداً على المطالبات بحصر قرار الحرب والسلم بيد الدولة، سأل الرئيس سليم الحص: «هل يتصور أحدنا أن الحكومة ستجتمع في يوم من الأيام وتعلن الحرب على إسرائيل؟». وأجاب: «هذا محال، علماً بأننا في حال حرب مع إسرائيل منذ قيامها». وقال: «إن المواجهة بين حزب الله وإسرائيل تندرج في حكم المقاومة لا الحرب». ورأى في تحذير السعودية لرعاياها وقرار إغلاق مركزين ثقافيين فرنسيين أمراً مقلقاً سبّب «صدمة للبنانيين»، وتمنى لو أن ذلك اقترن «بمبادرة تسهم في درء الأخطار عن لبنان».
وإثر اجتماعها الدوري في مجلس النواب، حمّلت كتلة «الوفاء للمقاومة»، إسرائيل، مسؤولية اغتيال مغنية. وأدانت «ظاهرة التسلّح وافتعال التوترات المؤسفة في شوارع بيروت»، مشيرة إلى «أن إصرار فريق السلطة على تفكيك عرى الوطن والتحريض الطائفي والمذهبي هو خدمة مجانية تستفيد منها إسرائيل وأسيادها في الإدارة الأميركية، كما هو تهديد جدّي لوحدة لبنان ولدولته وللعيش المشترك وللسلم الأهلي فيه». وشدّدت على «أن التوافق الوطني والشراكة الحقيقية في القرار السياسي هما المدخل الوحيد لإنقاذ لبنان وصون دولته وميزاته ودوره، ولإعادة الاستقرار الداخلي القائم على التوازن المستند إلى تمثيل حقيقي للشعب اللبناني، يعيد إنتاج السلطة وفق قانون انتخاب منصف ومقبول من الجميع».
على صعيد الوضع الأمني الداخلي، أعلن المدير العام لقوى الأمن الداخلي، اللواء أشرف ريفي، بعد زيارته البطريرك الماروني نصر الله صفير، أن الإجراءات التي اتخذتها القوى الأمنية في بيروت «للحؤول دون وقوع أي حرب مذهبية أو أهلية، نالت رضى كل الأطراف الذين أكدوا عدم تغطيتهم أي حرب أهلية»، وأنها «كافية لوضع حد للفلتان الليلي الذي كان قد بدأ يتطور تدريجاً». وأشاد بالتزام القيادات وتعاونها، لكنه رأى أن لبنان سيبقى ساحة مفتوحة «ما دامت المنطقة في حالة صراع، ولا يوجد وفاق بين اللبنانيين».
في التحركات الخارجية، يلتقي السنيورة اليوم الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي. وقالت المتحدثة باسم الخارجية الفرنسية باسكال أندرياني إن الزيارة فرصة لتجديد الدعم للحكومة اللبنانية، ولـ«تكرار دعوتنا إلى انتخاب رئيس توافقي دون تأخير، انسجاماً مع الخطة العربية لتجاوز الأزمة، التي تبنّتها الدول العربية بالإجماع، وانسجاماً مع الأفكار التي سوّقناها». ونقلت إشادة فرنسا «بالتقدم الذي أُحرز على طريق إنشاء
المحكمة».
وكان رئيس الحكومة قد انتقل أمس من لندن إلى باريس، وتلقى اتصالاً من وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير، أعرب فيه عن أسفه لعدم تمكنه من لقائه بسبب ارتباطه بحضور اجتماع بوينس آيرس. واتصل السنيورة بدوره بموسى والفيصل، وعرض معهما الوضع اللبناني.
وعن زيارة السنيورة لألمانيا، قال القائم بالأعمال الألماني بعد زيارته الرابية، إنها للاستماع إلى رؤيته للأزمة اللبنانية، وشرح الموقف الألماني «لجهة دعم المبادرة العربية».