غسان سعود
أسئلة كثيرة تشغل الرأي العام عن صوابية الاتهامات المتسرّعة لهذا الطرف أو ذاك فور وقوع جريمة من الجرائم، بعد إسقاط النائب العام التمييزي القاضي سعيد ميرزا الشبهة عن سوريا في قضية تفجير باصَي عين علق، رغم اعتبار الأكثرية النيابية هذه الجريمة يومها «حلقة في سلسلة مستمرة من الاغتيالات والتفجيرات».
وميرزا الذي طلب حصر الاتهام بـ«فتح الإسلام»، لم يذكر أي رابط لهؤلاء بالسوريين. ويزيد استنتاج النائب العام التمييزي، أن يكون اغتيال النقيب وسام عيد «رداً على ما أنجزه في هذه القضية»، من حراجة الأكثريين الذين اتهموا جهات أخرى بالضلوع في اغتيال عيد، وهم كانوا قد استنكروا، غداة عين علق، قول البعض إن هدف الجريمة تعميق الهوّة بين اللبنانيين، واتهموا أصحاب هذه النظرية بتغطية المجرمين، لتأتي مطالعة ميرزا الأخيرة وتؤكد أن المتفجرتين «استهدفتا الكتائب وعبرها نهج طائفة معينة».
يُذكر أن لجنة متابعة 14 آذار سارعت يوم جريمة 13 شباط إلى «تحميل النظام السوري المسؤولية الكاملة». فيما ذهب قائد القوات اللبنانية سمير جعجع، إلى حدِّ اعتبار أن ثمة «قضية واحدة ومجرماً واحداً وشعباً واحداً مستهدفاً». ولم يتردد النائب سعد الحريري في اعتبار «الجريمة دليلاً على وصول المجرمين إلى مرحلة الإفلاس السياسي»، وقرأ في الجريمة «رسالة تقول للناس ألا يستقلّوا الباصات للمشاركة في إحياء ذكرى استشهاد الحريري».
وبدوره، تساءل الشيخ محمد الحاج حسن عن هوية «هذا المجرم الذي يحظى بغطاء كبير ويتنقّل بجريمته على ساحة الوطن دون رادع». وانتهى النائب بطرس حرب باعتبار باصَي عين علق دليلاً قاطعاً على «روح الإجرام عند الذين يريدون تدمير ثورة الأرز».
وفي المقابل، وجد حزب الله أنها «محاولة خبيثة للنيل من الاستقرار والأمن الداخلي». وانتقد العماد ميشال عون التسرّع في توجيه الاتهامات، مشيراً إلى أن «الجريمة سياسية، ومن يوظّفها سياسياً هو من يرتكبها».
ولكن رغم أرجحيّة وجهة نظر المعارضة في ما يتعلق بالجريمة، يرفض معظم مسؤولي الموالاة الاعتراف بتسرّعهم في الاتهام وتحديد أهداف الجريمة. ويرى أحد نواب الأكثريّة الشماليين أن قراءة مطالعة ميرزا يفترض أن تتركز على «ما بين السطور»، مشيراً إلى أن «فتح الإسلام»، بالنسبة إلى الأكثرية، «أنشأته وسلّحته ووضعت مخططاته المخابرات السورية»، رغم نفي مدير المخابرات جورج خوري هذا الأمر. ويحاول معظم الذين تسرّعوا في إطلاق الأحكام أن يتهرّبوا من التعليق، فيعتذر النائب هنري حلو، مثلاً، عن عدم إبدائه الرأي في الموضوع لعدم توافر المعطيات، وكان قد قدّم في 13 شباط 2007، مطالعة طويلة تحدّد هدف القتلة بمنع اللبنانيين من المطالبة بحقّهم في الحرية والسيادة والاستقلال».
تحاول الأكثرية إبعاد كأس الإحراج عنها، نتيجة اتهاماتها الخاطئة واستغلالها الجرائم، وتطالب بإبقاء أكثر من ملف تحقيق قيد الكتمان، لعلّ أشهرها ملف اغتيال الوزير بيار الجميّل.