149; موسى يؤجّل عودته إلى بيروت يومين والمعارضة لا تمانع تولّي الحريري رئاســة الحكومة و 14 آذار تطالب بتنفيذ المبادرة بلا شروط
سجّل اليوم الثاني من محادثات مدير مكتب الأمين العام لجامعة الدول العربية مع الأطراف اللبنانية تطورين: الأول مرونة في موقف المعارضة، والثاني تهديد تلقّته السفارة الكويتية في لبنان من مجهول بقصفها بصاروخين.

على وقع تهديد أمني تلقّته السفارة الكويتية ودفع السلطات في الكويت إلى الطلب من رعاياها اتخاذ الحيطة والحذر عند السفر إلى لبنان، وذلك بعد النصيحة السعودية المماثلة إلى الرعايا السعوديين، أجرى مدير مكتب الأمين العام لجامعة الدول العربية هشام يوسف محادثات مع ممثلي الموالاة والمعارضة، أفضت إلى تأجيل الأمين العام للجامعة عمرو موسى عودته التي كانت مقررة اليوم ليومين إضافيين.

إخلاء السفارة الكويتيّة

وفي خضم الانهماك الداخلي بمساعي الجامعة العربية لحل الأزمة اللبنانية، أعلن القائم بالأعمال الكويتي في لبنان طارق خالد الحمد أن السفارة تلقّت قرابة العاشرة صباح أمس تهديداً عبر الهاتف من شخص قال إنه سيفجِّر السفارة بإطلاق صاروخين نحوها، وأشار إلى أنه جرى إخلاء السفارة من العاملين فيها، وشكر القوى الأمنية على سرعة الاستجابة والحضور في المبنى واتخاذ التدابير الأمنية التي من شأنها المحافظة على سلامتنا.
وذكر مصدر مسؤول في السفارة أنه أُحضرت كلاب بوليسية تابعة لمكتب اقتفاء الأثر، وفتّشت المكاتب ومبنى السفارة ومحيطه، ولم يُعثر على شيء. ورأى «أن ما حصل غريب علينا، فللمرة الأولى نتلقّى تهديداً مباشراً».
من جهته، أعلن مصدر مسؤول في وزارة الخارجية الكويتية أنه «نظراً إلى الظروف السياسية الراهنة التي يمر بها لبنان الشقيق، فإن وزارة الخارجية، وحرصاً منها على سلامة المواطنين، ترى ضرورة التريّث في السفر إلى لبنان في هذه الظروف».
واستنكر وزراء ونواب من الموالاة والمعارضة هذا التهديد، واتصل رئيس المجلس النيابي نبيه بري بالقائم بالأعمال الكويتي، مؤكداً «ضرورة ديمومة عمل السفارة واستمرارها». كما أكد «تقديم كل ما يلزم لحماية السفارة، حتى لو اقتضى ذلك الاستعانة بشرطة مجلس النواب». وأوضح له أن «هذا الموقف هو موقف اللبنانيين وكل أطراف المعارضة». فيما سارعت الأمانة العامة لقوى 14 آذار إلى اتهام «القوى التابعة للمحور السوري ــــ الإيراني في لبنان» بتوجيه هذه التهديدات التي استنكرها المسؤول عن العلاقات الدولية في «حزب الله» نواف الموسوي خلال اتصال بالقائم بالأعمال الكويتي.
من جهته، شدد السفير السعودي في لبنان عبد العزيز خوجة على أن السعودية نصحت رعاياها بعدم زيارة لبنان «فقط لا غير»، ونفى أن يكون لهذه النصيحة أي علاقة بتداعيات اغتيال القيادي في المقاومة الشهيد عماد مغنية.

تباعد كبير بين الموالاة والمعارضة

في هذه الأثناء تابع مدير مكتب الأمين العام للجامعة العربية لقاءاته مع الأطراف اللبنانية التي تميّزت أمس بتشدد الموالاة في مواقفها، مقابل ليونة أبدتها المعارضة بشأن مسائل جوهرية، فيما نقل الوزير السابق وديع الخازن، إثر زيارته عين التينة، عن الرئيس بري تأكيده «أن هناك اجتماعاً رباعياً يوم الأحد المقبل في المجلس النيابي، وأنه سيسعى جاهداً بكل ما أوتي من قوة للوصول إلى حل يتناسب والجميع، أي الوصول إلى حكومة مقبولة، وتزكية العماد ميشال سليمان نهار الثلاثاء، بحيث تم الاتفاق عليه رئيساً توافقياً».
وكان السفير يوسف، يرافقه الأمين العام المساعد للجامعة العربية السفير عبد الرحمن الصلح، والمستشار في الجامعة طلال الأمين، قد التقى أمس على التوالي الرئيس أمين الجميل، وزير الإعلام غازي العريضي، النائب ميشال المر وقائد الجيش العماد ميشال سليمان، ثم عقد اجتماعاً مع ممثّلي المعارضة في مكتب النائب علي حسن خليل، حضره، إلى النائب خليل، النائب أسامة سعد، المعاون السياسي للأمين لعام لـ«حزب الله» حسين الخليل والمسؤول عن العلاقات السياسية في «التيار الوطني الحر» جبران باسيل.
وأفضت لقاءات وفد الجامعة إلى تأجيل موسى عودته التي كانت مقررة اليوم ليومين إضافيين.
وقالت مصادر شاركت في اللقاءات مع يوسف لـ«الأخبار» إنه سيغادر بيروت اليوم لإطلاع موسى على نتائج محادثاته، ومن ثم يعودان معاً غداً السبت أو بعده، لأن موعد الاجتماع الرباعي المقرر بعد غد الأحد ما زال قائماً.
وكشفت المصادر أن يوسف لاحظ في المحادثات وجود تباعد كبير بين موقفيهما، ولمس أن موقف المعارضة تميّز هذه المرة بمرونة لجهة وجوب انتخاب رئيس جمهورية جديد، وعدم ممانعة في أن يتولّى رئاسة الحكومة الجديدة النائب الحريري، أو أي شخص يحظى بتأييد الأكثرية النيابية في الاستشارات الملزمة التي سيجريها رئيس الجمهورية لتسمية الشخصية التي يكلّفها تأليف الحكومة، وذلك بعدما كانت تطالب بأن يكون رئيس الحكومة الجديدة محايداً.
وقالت المصادر نفسها إن فريق المعارضة أكد أنه يؤيد صيغة حكومة المثالثة (10 + 10 + 10)، وأن يكون وزير الداخلية محايداً وأن يجري تقاسم الوزارات السيادية مناصفة بينها وبين فريق الموالاة.
وذكرت المصادر أن فريق الموالاة عارض حكومة المثالثة، وكرر طرح صيغة حكومة 13 + 10 + 7، وأن الرئيس الجميّل عبّر صراحة عن هذا الأمر، وكذلك نادر الحريري ممثل رئيس كتلة «المستقبل» الذي زار يوسف والوفد المرافق في مقر إقامته.
وأشارت المصادر إلى أن الحريري سيعود خلال اليومين المقبلين ليشارك في الاجتماع الرباعي. وقالت إن الأزمة لا تزال في عنق الزجاجة، ولن تتوافر لها حلول ما لم يحصل اتفاق سوري سعودي على تطبيع العلاقات بين دمشق والرياض. وتوقعت أن تؤدي محادثات موسى الأحد إلى تأجيل جلسة انتخابات رئاسة الجمهورية المقررة الثلاثاء المقبل، إلى النصف الأول من آذار، مشيرة إلى أن مهمة موسى في بيروت الأحد، ستكون المهمة ما قبل الأخيرة، إذ ستكون له جولة جديدة قبيل موعد القمة العربية العادية المقررة في دمشق أواخر الشهر المقبل.
من ناحيته، أعلن رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط رفضه مبدأ المثالثة، مشيراً إلى أنها «طعن للطائف»، مبدياً ملاحظات على اللجنة الرباعية، ومفضلاً الحوار مع الرئيس بري الذي قد «نصل معه إلى نتيجة».
وطالبت قوى 14 آذار، بعد اجتماع لجنة المتابعة فيها، بتطبيق المبادرة العربية فوراً على القاعدة ذاتها التي حدّدتها الجامعة ومن دون أي بنود إضافية أو شروط تعجيزية أو اجتهادات وتفسيرات جانبية. وأكدت رفضها منطق تقاسم السلطة على قاعدة المساواة بين غالبية نيابية وشعبية وأقلية نيابية وشعبية.
في المقابل، رأى الرئيس عمر كرامي أن جولة اتصالات موسى لن تثمر جديداً على صعيد حل الأزمة، وأعلن أنه لا يرى هناك حلولاً»، وكل فريق على مواقفه، والبلاد تذوب بين أيدينا».
في غضون ذلك، نقلت «وكالة الصحافة الفرنسية» عن مصادر رسمية ودبلوماسيين سعوديين أن الأزمة في العلاقات السعودية السورية تهدد القمة العربية المقبلة.
وأكد مصدر سعودي رسمي أن «هناك فعلاً أزمة في العلاقة مع الحكومة السورية، وسببها الرئيسي الأزمة اللبنانية»، مشيراً إلى أن المملكة تشعر بالاستياء «من عدم تجاوب دمشق مع مختلف الجهود، وآخرها المبادرة العربية لانتخاب رئيس للجمهورية متوافق عليه».
من جهته، أشار عضو مجلس الشورى السعودي، محمد عبد الله آل زلفه،
إلى عامل مهم آخر في الأزمة هو على حد قوله الدور السوري في تعزيز النفوذ الإيراني على المستوى الإقليمي.
على صعيد آخر، واصل رئيس الحكومة فؤاد السنيورة زيارته لفرنسا، والتقى الرئيس نيكولا ساركوزي في قصر الإليزيه. وبعد الاجتماع، نقل السنيورة عن الرئيس ساركوزي «تأييده الكامل للبنان وللحكومة اللبنانية الشرعية ولعملية انتخاب رئيس الجمهورية في أقرب وقت ممكن، ودعمه ودعم فرنسا للمبادرة العربية ولاستقلال لبنان وسيادته وحريته».
وأكد رداً على سؤال «أن اللبنانيين في معظمهم لا يريدون تردّياً في الأوضاع، ولا حرباً داخلية».
ورعى ساركوزي والسنيورة توقيع اتفاقية بين الوكالة الفرنسية للتنمية ولبنان بقيمة 375 مليون يورو. والتقى رئيس الحكومة نظيره الفرنسي فرانسوا فيون، واجتمع إلى السفراء العرب المعتمدين في باريس.
وأفاد مراسل «الأخبار» في باريس، بسّام الطيارة، نقلاً عن أحد الوفود العربية، أن السنيورة شرح للجسم الدبلوماسي العربي موقفه من الطروحات الأخيرة المتعلّقة بالمبادرة العربية، وتطرّق إلى القمة المرتقبة في الشهر المقبل قائلاً إنه «لا يتصور قمة من دون رئيس لبناني». وأبلغ مراسل «الأخبار» بأنه على الرغم من موافقة معظم السفراء على ضرورة المحافظة على «مميزات المجتمع اللبناني ومكتسبات الطائف، إلا أنه استطرد بأن بعض السفراء لا يرون الربط بين المثالثة في الحكومة واتفاق الطائف».
إلى ذلك، كشف مبعوث الحكومة البريطانية إلى الشرق الأوسط، مايكل ويليامز، عن أن السنيورة ناقش خلال زيارته إلى لندن هذا الأسبوع مع نظيره البريطاني غوردون براون إمكان إصدار مجلس الأمن الدولي قراراً جديداً بشأن لبنان.

نداء إلى أهل بيروت

وفي خضم هذه الأجواء الملبّدة، أكدت القمة الروحية الإسلامية ــــ الإسلامية التي عقدت أمس في مقر المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى وضمت نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبد الأمير قبلان، مفتي الجمهورية الشيخ الدكتور محمد رشيد قباني، شيخ عقل الطائفة الدرزية الشيخ نعيم حسن، تحريم الاقتتال الداخلي بكل المقاييس الشرعية، وارتأت تأليف لجنة مشتركة للتشاور والتنسيق بين المرجعيات الروحية الإسلامية، واتفقت على إبقاء اجتماعاتها مفتوحة لمتابعة التطورات.
وأدلى الشيخ قبلان بعد الاجتماع ببيان توجه فيه إلى «أهلنا في بيروت وفي كل مكان، لنقول لهم: حرام الاقتتال، وحرام التحدي، وحرام ضرب المؤسسات والمحال والبيوت».