فداء عيتاني
منذ ما قبل انتهاء ولاية الرئيس إميل لحود الممدّدة، بدأت المسارات تظهر جليّة لمن يريد أن يعي. راغب الحكم يتجه بمن يمثلهم إلى الغرب، حيث يغريه دعم واستقرار ونمو وثروات يتوهم أن غربه سيمنحها إياها، وثمة من يتجه إلى مقارعة الغرب في حركة اعتراضية لها ما لها، وعليها ما عليها من مآخذ، ولكنها تمثل حساسية لبنانية وعربية معينة وقديمة الجذور. ومقارعة الغرب هنا تأخذ عنوان العداء لإسرائيل، ويأخذ من يريد مواجهة العدو معه أيضاً جمهوره.
بين الخيارين لا مجال اليوم لوسط، ورغم أن حدة الانقسام تحيل الكل على مطلَقين تحت سقف واحد، فإن حزب الله اختار أن يلعب كل ما لديه، وذهب في استشراف معركة هي الفصل، هزيمته فيها تعني نهايته، وانتصاره يعني نهاية خيار أميركي في المنطقة، أو على الأقل هذه وجهة في النظر.
منذ ما قبل رحيل لحود عن بعبدا والتوتر الداخلي ينبئ بما سنصل إليه، ومنذ ما قبل مقتل الحريري بدا واضحاً أن من عليه الاختيار فإن وقت الانحياز محدود. ثمة من يجبر اللبنانيين على وضع رهانات على الطاولة، واللعب على أرواحهم، وهو ليس طبعاً من يقاوم الأميركي.