نادر فوز
في البدء أقفل المركز الثقافي الفرنسي مكتبين له في الجنوب، ثم طالب السفير السعودي في بيروت مواطنيه بعدم التوجه إلى لبنان، ثم كان الاتصال الهاتفي الذي هدد بقصف السفارة الكويتية.
تحوّلت أعين الجهات السياسية والأمنية من الحرص على سلامة الشارع إلى تدابير أمنية تحمي السفارات.
وفور إعلان نبأ تهديد السفارة الكويتية، هبّ عدد من السياسيين، معارضين وموالين، مستنكرين. وفيما اكتفى معظم المعارضين بإدانة التهديد واعتباره تهديداً للسلم الأهلي، انكبّ بعضهم على اتّهام النظام السوري.
واللافت، إيلاء هذا التهديد أهمية كبرى في التصريحات والاتّهامات، ما يدفع إلى التفكير بهدف هذه التحذيرات الأمنية وتواليها منذ اغتيال عماد مغنية الأسبوع الماضي.
يصف أحد مسؤولي المعارضة الحالة بـ«المنطقية والمتجهة نحو المزيد من التصعيد»، على اعتبار أنّ الضغوط السياسية الدولية السابقة والمستمرة لم تفلح في تقويض موقف المعارضة من الأزمة، مشيراً إلى إمكان ازدياد هذه الضغوط ولكن «على صُعُد إقليمية، تكون فيها للأنظمة العربية الحليفة للمشروع الأميركي اليد الطولى».
ولم يستبعد المسؤول أن تكون هذه الخطوات الأمنية ضمن خطة لإعلان تخلّي الدول العربية عن مشروعها الذي تقول إنه وفاقي، بغية توجيه الأزمة اللبنانية نحو مجلس الأمن والأمم المتحدة. كما رأى أنّ من شأن هذه التهديدات «تكوين ذريعة لمقاطعة القمة العربية في سوريا، بعد اتّهام دمشق بالوقوف وراءها»، مشيراً إلى إمكان مواصلة هذا النوع من «الخطوات الأمنية» ما دامت المعارضة لم تلن.
«يذكرنا الأمر بالثمانينيات حين تكرّرت الاعتداءات على البعثات الدبلوماسية»، يقول الوزير مروان حمادة، متخوّفاً من تكرار السيرة ذاتها. وقال حمادة إن التساهل مع هذه المواضيع الأمنية يفسح أمام «المغامرين الكثر» للتهويل والاعتداء على المراكز الدبلوماسية العربية والغربية «بغية إفراغ لبنان من أي نشاط أو مسعى لحل الأزمة، كما حصل في الثمانينيات». واستغرب حمادة القراءة السياسية لهذه الحوادث على أنها تضع المزيد من الضغوط السياسية على المعارضة، «فالضغط هو على كل القوى والمواطنين الذين يدفعون ثمن التعطيل المبرمج والمستمرّ من المعارضة التي باتت غير مسؤولة».
وفيما استبعد أي علاقة بين دعوة السعودية لمواطنيها إلى عدم القدوم إلى بيروت وتهديد السفارة الكويتية، رأى الوزير أنه يمكن الأمر أن يكون ردة فعل على ما قيل ضد عماد مغنية في الكويت.
ورأى عضو كتلة القوات اللبنانية النائب فريد حبيب أنّ كشف القناع عن وجه «أبطال» التهديد أمر في غاية الأهمية، من أجل وضع حد لمسعى «تهجير السفارات وزعزعة الأمن وخراب لبنان». وفيما أكّد حبيب أنّ الأزمة اللبنانية دوّلت، شدّد على أنّ انفلات الأمن هو لمصلحة سوريا وإيران «الدولتين الوحيدتين اللتين لا تهمهما مصلحة لبنان».