strong> راجانا حميّة
هذه المرّة ليست كغيرها، وإن كان الشباب هم أنفسهم، أبناء الضاحية الجنوبيّة. فقد بانوا في الأمس شباباً آخرين، لم يجدوا في الصمت ملاذاً ولا الخجل. ضحكوا وتكلّموا كما لم يجرؤوا في المرّات السابقة. هؤلاء الشباب كان لديهم الكثير ليقولوه في الجلسة التي أقامها مركز الخدمات الإنمائية ــــ الغبيري، التابع لوزارة الشؤون الاجتماعيّة. ربّما هذه المرّة لأنّ الموضوع يعنيهم أكثر من سواهم، يعنيهم كفتيانٍ وفتياتٍ يحلمون بحياتهم «بعضهم مع بعض»، فلم يجدوا عائقاً في الحديث، وإن كانوا في بعض الأحيان يتكلّمون عن عواطفهم ومشاكلهم بلسان «الجارة» أو «وحدة بعرفها». في اليوم الأوّل من النشاط الذي أقامته مجموعة متطوّعين في المركز، بالتعاون مع جمعيّة «كفى عنف واستغلال»، عن العلاقات السليمة بين الجنسين، وبمشاركة 18 تلميذاً من عددٍ من مدارس الضاحية الجنوبيّة. كان الهدف تعريف الشباب على تلك العلاقة انطلاقاً من بضعة ألعابٍ تمكّنهم من فهمها من دون الخوض في حواراتٍ قد تدفعهم للبوح بخصوصياتهم أمام «الغرباء». بدأ الدرس الأوّل بلعبة «البالون»، فأمسك كلّ اثنين منهم بالوناً يلهوان به بأصابعهما على أنغام الموسيقى، يرقصان معاً، ويجهدان قدر الإمكان في إبقاء التوازن بينهما، بحيث لا يسقط «البالون» أرضاً. خمس دقائق من الرقص والنظرات، انتهت بجلسةٍ حواريّة سألت خلالها منسّقة المشروع شيرين دياب عن المغزى من اللعبة. وهنا، بدأت الاعترافات، كلمة من هنا وأخرى من هناك، أثبتت أنّ «الشباب خبرة»، على حدّ قول دياب. فهؤلاء كانوا على درايةٍ شبه كافية بما تعنيه هذه العلاقة بين الجنسين، خلصوا فيها إلى أنّه لا بدّ من توافر الاحترام والتواصل والانسجام، على قاعدة «إنّو إيد واحدة ما بتزقف». ولكن ثمّة بنداً آخر قد لا يجد مبرّراً لوجوده في نظر إحداهنّ، وهو المساواة. فهذه الفتاة، من وجهة نظرها، لا تعترف بمساواةٍ بين الشاب والفتاة، لأنّه بكل بساطة «ما لازم يكون في مساواة بالمطلق بين البنت والشاب. دائماً البنت عندها شويّة حنّية والشاب لازم يكون أقوى». قد يكون مبرّراً قول تلك الفتاة التي اعتادت في مثل تلك المجتمعات التي نعيشها أن تكون الفتاة هي «الحلقة الأضعف». نشاط آخر شعر فيه الشباب بأنّهم دخلوا «الجدّ»، إذ ركّز هذه المرّة على قاعدة «opposite sex»، بحيث تقوم الفتاة بدور الشاب في التحدّث عن هواجسه، وهو بالمثل ينقل أحلامها، وكيف يرى الاثنان تلك العلاقة، على أن يكمل كلّ ثنائي الأفكار التي بدأها الثنائي السابق. وهنا، بعد التدريبات، يبدأ النشاط الأساس الذي يستمرّ إلى غدٍ الأحد في مركز الغبيري، وهو الفيلم الذي يتحضّر الشباب لتنفيذه، أو بالأحرى لكلّ شيء فيه، من كتابة السيناريو والتمثيل والإخراج والتنفيذ. فيلم يحمل بصماتهم وكلّ ما يفكرّون فيه وما يحلمون به في علاقاتهم المستقبلية. ويتوقّع أن يُعرض الفيلم في المدارس والمراكز الإنمائية التابعة للوزارة في الضاحية، بحيث يُتاح لعددٍ كبيرٍ من الشباب الاطلّاع على تجربة تشبههم.