ليال حداد
«...واستراح في اليوم السابع». هذا ما ترويه القصص الدينية عن الله الذي خلق الكون في ستة أيام واختار اليوم السابع ليرتاح فيه. إلا أنّ طلّاب جامعة القديس يوسف اختاروا قلب المعادلة، وإطلاق حملة «عمليّة اليوم السابع» ليتحوّل يوم الراحة إلى أكبر حملة لإغاثة النازحين والجرحى خلال عدوان تموز وبعده.
توزّع أكثر من ستمئة طالب على ثلاثين منطقة وقرية. معظمهم اختبر الحرب للمرة الأولى، ففي الحرب الأهلية كانوا أطفالاً.
تحاول كارول عازار أن تتذكّر التفاصيل الكاملة لتلك الأيّام. «لم أهتمّ للقصف الذي كنت أسمعه من منزلي في الحازمية، فاهتمامي كان منصبّاً على ترتيب برنامج الإغاثة. كنّا نحمل المواد الغذائية، الفرش، وكل حاجات السكان لنحاول تخفيف مأساتهم».
بدأت الحرب إذاً. قصدت كارول الجامعة لتعرف كيف تستطيع المساعدة، «كان مستحيلْ اقعد بالبيت، وفي عالَمْ تشردّت وماتت». وهناك في مدارس بيروت، التي استقبلت النازحين، رأت كارول مشاهد لم تتخيل أنها موجودة في هذا العصر. «رأيت امرأةً تلد ابنتها في مدرسة صغيرة. انهارت المرأة ورفضت حمل ابنتها، التي لم يتوافر لها الحدّ الأدنى من المقوّمات الصحية الضرورية للمولود الجديد».
تعدّدت المآسي في الحرب، ولكلّ طالب شارك في «عملية اليوم السابع» قصّة حفظها أو مشهد يتذكّره. يروي باتريك طيّاح عن تلك العائلة المكوّنة من ثمانية أشخاص، «وجدتها في غرفة عند مدخل أحد المباني، عائلة من ثمانية أشخاص في غرفة صغيرة، تأكلها الرطوبة، ولا تهوئة أو شباك فيها». باتريك لم يُصدم بما شاهده، فتجربته في العمل الكشفي عوّدته رؤية مآسي العالم، ولكنّه هذه المرة وجد فرصة ليكون فاعلاً وبطريقة مباشرة. هذا في بيروت، أما في الجنوب، فعملت الجامعة أيضاً، ولكن بعد انتهاء العدوان. هناك كان الوضع مختلفاً عنه في العاصمة، فالدمار أكبر، وعدد المتضررين بالآلاف. وبلدة قانا التي نالت نصيبها من الإرهاب الإسرائيلي، خصّص لها طلاب الجامعة قسماً كبيراً من الاهتمام. تتحدّث ملاك الحاج عن حماستها للعمل التطوّعي في قانا: «أنا ابنة الجنوب، ولم أتركه طيلة فترة العدوان، كنّا ننتظر في أي لحظة أن تهبط البيوت على رؤوسنا، لذلك أدرك أهمية العمل الذي قمنا به في الجامعة».
انتهى العدوان، وانتهت أعمال الإغاثة، وبقيت «عملية اليوم السابع» تنشط في كل المناطق اللبنانية للمساعدة في مجالات عدة. فبدأت أعمال إعادة التحريج بعد الحرائق التي اندلعت الصيف الماضي. وكانت الجامعة اليسوعية قد عقدت لقاءً في حرم العلوم الطبية عرضت فيه دراسة تقويمية للعملية، مستندة إلى شهادات وكتابات من شارك فيها.