اجتمع في مسرح المدينة، أول من أمس، محبو جوزف سماحة في احتفال دعا إليه «نادي اللقاء» وأصدقاء «أبو الزوز» لمناسبة مرور عام على رحيله.الحفل الذي شارك فيه عدد من الشخصيات السياسية اللبنانية والفلسطينية، فضلاً عن أدباء وكتاب وشعراء وقوى نقابية وثقافية وإعلامية، تضمن بث مقتطفات من مقابلات تلفزيونية مع جوزف، وشهادة بصرية قصيرة للمخرج ماهر أبو سمرا.
بعد ذلك تعاقب عدد من محبي الراحل على تقديم شهادات به. الدكتور غسان عيسى الذي قدّم للحفل، حيا ذكرى سماحة، وتوقف عند الصداقة التي ربطته بالراحل، وأكد «المواقف الثابتة التي التزم بها سماحة ولم يحد عنها قيد أنملة»، لافتاً إلى «أنه لم يلتحق بساحات الطوائف وأمراء الحرب والمال، بل كان مدافعاً عن العروبة والديموقراطية والعلمانية». وأشار إلى «أن سماحة كان يسارياً يحارب الديكتاتوريات، ملتزماً بمبدئية أخلاقية عزَّ نظيرها، وملتزماً بقضايا الناس الاجتماعية والحياتية والمعيشية»، لافتاً إلى «أن أحد محبيه اقترح أن تُدَرَّس افتتاحيات سماحة في كلية الإعلام».
وتوقف ناشر صحيفة «السفير» طلال سلمان في شهادته عند العلاقة المهنية التي جمعته بالراحل طوال سنوات عمله في «السفير»، مؤكداً في الوقت نفسه «عمق الصداقة بينهما»، مشيراً إلى «أن سماحة كان ملتزماً بالقضايا العربية، وأحب وآمن بالرئيس جمال عبد الناصر، كما آمن بخيار المقاومة، وكان يرى أن السيد حسن نصر الله نسخة جديدة عن عبد الناصر».
أما الروائي حسن داوود فتحدث في شهادته عن مزايا سماحة في علاقته بأصدقائه، شارحاً «الصعوبة الكبيرة التي تعتري محاولة رثاء شخص تعرفه كثيراً»، مستذكراً محطات عديدة فيها، وقال: «عندما أتذكر سماحة، فإنني لا أتذكره وحدي ولأجلي، فهو حاضر على الدوام».
وقالت الكاتبة دلال البزري: «تذكرته مراراً أثناء هذه السنة المنصرمة لمقارعته بالسياسة، كان نقاشاً صامتاً بيني وبين نفسي أفضي به دائماً إلى سؤال، ما أهمية أن يرحل المرء وهو على حق؟ أو على غير حق؟».
أضافت: «نويت بعيد غيابه أن أجمع كل كتاباته وأعيد قراءتها بصفتها مساراً فكرياً ـــــ سياسياً لمثقف يساري لبناني ذي طبائع خاصة»، وأكدت أن جوزف «كان صديقنا جميعاً نحتفي بذكراه احتفاءً بالصداقة».
الزميلة ضحى شمس من «السفير» قدمت شهادة مميزة بالنيابة عن المعتقل السياسي في السجون السورية وصديق سماحة الحميم ميشال كيلو. وأشارت إلى المرة الأولى التي تعرفت فيها إلى سماحة في باريس الذي عرّفها إلى كيلو ولم تكن في حينها تعرف شيئاً عن السياسة.
وتضمنت شهادة شمس مقتطفات مما رواه كيلو لزوجته عن شعوره بفقدان سماحة الذي يحتفظ له بصورة يعلقها فوق سريره في زنزانته. كما استعادت ما كتبه سماحة عن كيلو في «الأخبار»: ميشال كيلو حراً يعني سوريا أكثر قوة وعافية. وحتى إذا وجد من يقول عكس ذلك، فإنه لن يستطيع التهرّب من المعادلة الآتية: إن سوريا أكثر قوة وعافية تعني ميشال كيلو حراً.
الكاتب السياسي سليمان تقي الدين رأى في شهادته «أن سماحة لم يغادر خياراته السياسية، بل كان ملتزماً سياسياً بالقضايا الكبرى دون الارتباط بها، وهو لا يتصرف كصحافي ومثقف يدعي الحياد». وتحدث عن «سماحة الصحافي البارع المتفوق بالمعرفة وبالسجال المنطقي وكانت الصحافة لعبته»، مؤكدا «أن انتسابه الفكري والسياسي لم يكن عرضياً، ولقد كان عضواً في المكتب السياسي لمنظمة العمل الدولية، وهذه ليست تجربة عابرة».
الشاعر عباس بيضون قال: «كان في جوزف سر لا ينكشف لأحد، حتى له، الجميع يرجعون عنه حاسري البصر، لكن يتراءى أنهم رأوا شيئاً من أنفسهم. بكى جوزف سماحة خصومه السياسيين بقدر ما بكاه مشايعوه، بكوا جميعاً الذكاء والألمعية والصديق والإنسان، بكوا فيه أنفسهم بقدر ما أحبوا فيه أنفسهم».
ورأى نائب رئيس الحزب الشيوعي اللبناني سعد الله مزرعاني «أن جوزف سماحة كان سياسياً قبل أن يكون إعلامياً، وهو حين بلغ ذلك الموقع الفذ في عالم الصحافة لم يغادر أياً من خياراته الأساسية». وقال: «إن جوزف سماحة لم يكن مجرد قلم جميل وأخضر ومقنع أو مزعج، كان صاحب هدف سياسي يتمثل في التمسك بما سماه «الخيارات الجذرية» في منطقة تتعرض للغزو والنهب والتفتيت والهيمنة، هذا ما أكده في الافتتاحية «المانيفاستو» التي انطلق بها العدد الأول من الأخبار».
وكشف رئيس مجلس إدارة «الأخبار» إبراهيم الأمين «أن جوزف سماحة كان صديقاً للقائد العسكري في المقاومة الشهيد عماد مغنية، وأن صورة مغنية التي وزعت أخيراً، حُذف آخرون كانوا في الكادر نفسه، وكان جوزف إلى يساره»، لافتاً إلى «أن جوزف سماحة ترك خلفه الكثير من الأسرار، لكن كان لديه سره الذي يعبِّر عن أحلام جوزف الحقيقية».
وبعد تقديم الشهادات، اختتم الحفل بسهرة غنائية مع علي حليحل وفرقة الدبكة البعلبكية.
(الأخبار)