نعمت بدر الدين
قالت مصادر دبلوماسية لبنانية إن عدداً من سفراء لبنان في الخارج يمتنع منذ مدة غير قصيرة عن إرسال التقارير الدبلوماسية إلى الإدارة المركزية. وعلى عكس ما يتوقعه البعض، فإن لبنان الذي لم تبق أي دولة إلّا وتدخلت لمعالجة أزمته، لا يستند إلى تقارير سفاراته لمعرفة ما يدور من حوله، وهي سفارات يقارب عددها المئة، مضيفة أن هذا لا يعفي وزير الخارجية والمغتربين المستقيل فوزي صلوخ من مسؤوليته في متابعة السفراء والطلب إليهم إرسال تقارير إلزامية حتى «لا يبقى الإنفاق في هذا المجال يشبه الهدر».
بدورها أضافت مصادر سياسية ودبلوماسية لبنانية أن على هذه البعثات واجباً يدخل في صلب مهماتها فـ: «نحن نعيش في ظروف حساسة، وعلى البعثات في عواصم دول القرار المؤثرة، واشنطن، نيويورك، باريس، لندن، الرياض، القاهرة، الفاتيكان وبروكسل، أن تلعب الدور الملقى على عاتقها، وإعلام المسؤولين في البلد بكل ما يتعلق بالأزمة اللبنانية من معلومات ونقاشات، إضافة إلى ما يُعدّ هناك من أفكار وخطط ومشاريع»، مشيرة إلى أن التقارير الواردة إلى الإدارة المركزية من إحدى هذه العواصم المتدخلة جداً في الملف اللبناني، عددها قليل جداً، وليست بذات أهمية سياسية، ومعظمها يقتصر على مقالات وتقارير مترجمة، في الوقت الذي لا تُرسل فيه أي معلومات عن الأفكار والتحضيرات التي تجري هناك.
وقالت إن هذا يشير إلى:
1ــــ إما أن يكون السفير لا ينشط، وهذا يستدعي إعادة النظر في جدواه.
2ــــ أن السفير لا يفيد الوزارة ويكتفي فقط بإرسال التقارير إلى رئيس الحكومة فؤاد السنيورة وإعلامه، وهذا يعني انحيازه إلى فريق، ما يستدعي أيضاً إعادة النظر في جدواه ولو في وقت لاحق. والخلاصة، «أن امتناع السفراء عن الكتابة إلى الوزارة بما هو مفيد ودسم يعطّل الدبلوماسية اللبنانية عن دورها المفترض والمطلوب منها في ظل الأزمة الراهنة، ويصبّ في مصلحة فريق، ما يدفع إلى «إعادة نظر جذرية في التعيينات الدبلوماسية التي حصلت، وضرورة تعديلها، مضيفة أن في فريق المعارضة من يتابع ويراقب، وهو يعلم أن شيئاً ما يجري التحضير له في الكواليس الدولية، مشيرة إلى أنه من المستبعد أن يجري التسامح مع البعض الذي سيقول كالعادة «ما في يدنا حيلة». فالأمر غير صحيح وواجبهم الوظيفي يقتضي منهم العمل الجاد وإبلاغ وزارتهم بما يعرفون.
واستغربت المصادر هذا الإحجام المتعمّد عن الكتابة، إذ إنه ليس من مسؤولية السفراء أن يقرروا عدم إرسال تقارير جدّية، وخصوصاً أنهم ارتضوا أو سعوا لتعيينهم في عواصم القرار.
فالإفادة عن أمر ما مهما كان حساساً ودقيقاً هي جزء من العمل الدبلوماسي، ولا تحمّل أصحابها أي مسؤولية على اعتبار أن «استخدام المعلومات» يعود إلى أصحاب القرار السياسي، بينما يفسّر إخفاء المعلومة باعتباره سياسياً بامتياز. كما أن مستقبل البلاد الذي يُعمل على تحديده في الخارج على المحك، والمطلوب من «سفراء الدولة» التصرّف كبيروقراطيين محترفين، يقومون بواجباتهم على أكمل وجه، ويعلون مصلحة الدولة فوق أي اعتبار، بما يعني البحث الجاد عن المعلومة واستطلاع المناخ السياسي في العواصم التي يعملون فيها وتزويد الإدارة بتقارير جدّية وشاملة.
ولفت إلى أن هذا الموقف السلبي قد يضع أصحابه في دائرة التساؤل ويفسح في المجال أمام اتهامات في العمل لحساب فريق دون آخر، وهو أمر قد يقود إلى محاسبة ما في المستقبل.
وأكد أن الرهان على العقلية اللبنانية في لفلفة المسائل والتغطية على الإساءات والتقصير قد لا يكون في محلّه هذه المرة، وخصوصاً أن كل التطورات تشير إلى أن المستقبل القريب قد يكون مختلفاً بشكل كبير.