غسان سعود
تميّز الاجتماعين الرباعيين أمس والأحد بهدوء نبرة المتحاورين ووضوحهم، سواء في طرح القضايا أو رفضها. ويقول مشاركون في الاجتماعين إن مفاجأة الأحد تمحورت حول طلب الحريري التزام البيان الوزاري تطبيق جميع القرارات الدولية. أما مفاجأة الأمس، وفق مصادر موثوقة، فبدأت بطلب الحريري والجميّل تعديل الدستور لانتخاب سليمان رئيساً للجمهورية، الأمر الذي رفضه عون تجنّباً للإشكالات الدستورية التي قد تدفع إلى الواجهة بمزيد من القضايا الخلافيّة.
ومع طلب موسى الانتقال إلى ملف تأليف الحكومة، انتظر الطرفان اقتراحاته بعد سماع وجهة نظر عون الداعية إلى تأليف حكومة وحدة حقيقية تجمع كل اللبنانيين دون استثناء. عرض موسى تشكيلة 13 (موالاة) ــــ 10 (معارضة) ــــ 7 (رئيس الجمهورية)، فوافق عون بسرعة شرط أن يكون أحد وزراء الرئيس مقرّباً من المعارضة، ووزير آخر مقرّباً من الموالاة. فسارع الحريري إلى رفض الطلب، وبالتالي أسقط الاقتراح. فقدم موسى اقتراحاً ثانياً، وفق ما بات يعرف بتشكيلة الـ3 عشرات. ونظر موسى إلى عون، فأكد الأخير أنه مع اقتراح كهذا شرط التزام رئيس الجمهورية بالمادة 65 من الدستور، وبالتالي لعب دور التوافقي وعدم الانحياز مع كتلته إلى أيّ من الطرفين حين يحصل خلاف في وجهات الرأي، وشرح أن هذا الأمر يتعلق بالملفات الكبرى مثل إعلان حالة الحرب، (...) تعيين موظفي الفئة الأولى. فتكرر مشهد الاقتراح الأول، إذ يرفض الحريري اقتراح عون، مبرراً ذلك بالحرص على صلاحيات رئاسة الجمهورية، ما دفع عون لمقاطعته، شارحاً أن القرارات المماثلة كانت دائماً تتطلب إجماعاً، واقتراحه يقضي بتوفير بنية لهذا الإجماع، ويفترض النظر إليه بإيجابية لا وفق الأحكام المسبقة.
ومع الانتقال، السلبي دائماً، إلى ملف توزيع المقاعد الحكوميّة، سارع رجلا الأكثرية إلى رفض منطق المناصفة الذي تتبناه المعارضة، مبرران هذا الأمر بما مفاده أن الأكثرية مع المناصفة الطائفيّة، لا السياسيّة. وتساءل الحريري كيف يطلب من أكثرية نيابية أن تتنازل عن الوزارات الأساسية، علماً بأن شعبها سيحاسبها لاحقاً.
وفي موضوع قانون الانتخابات، لم تكن الإيجابيات أفضل حالاً، فقد قال الجميّل، ومعه الحريري، إنهما مع قانون انتخابات على أساس القضاء. وحين سأل عون إذا كانا يقصدان قانون 1960، حاولا التهرّب من الجواب، ففهم موسى الرسالة بأنهما يعارضان تقسيم بيروت وفق قانون 1960، وهو ما تراه مصادر المعارضة إصراراً من الأكثرية على تهميش مسيحيي العاصمة، وخصوصاً الأرمن. وتشدد المصادر في هذا السياق على انسجام الحريري والجميّل الكبير، ولعبهما على الموجة نفسها.
لاحقاً، طرح عون موضوع مهجّري الجبل، وفي اعتقاده أن الأكثرية تعرف البعد الأخلاقي لهذه القضية. وإذ به يفاجأ بموقف الحريري الذي يربط أي انفراج في هذا الملف بتوافر الأموال، وهو ما أثنى عليه الجميّل، محاولاً توفير بعض الحجج.
هكذا انتهى الاجتماع. سأل موسى: «الآن ماذا؟» فأجابته الرؤوس الثلاثة بابتسامة تعجيزيّة. وما إن أغلق ملفه، حتى كان العماد عون واقفاً يستعد لمغادرة الغرفة، نراك قريباً، حيّا الحريري والجميّل، أدار ظهره، ومشى.
ماذا غداً، يبتسم المصدر المعارض بعد نهار طويل، ويقول: «تنفهم بداية شو صار اليوم».