strong>فاتن الحاج
بات بعض مديري فروع الجامعة اللبنانية يمزجون الأكاديمي بالسياسي، فتعكس قراراتهم الإدارية وجهة نظرهم الحزبية، بحيث تتحول كلياتهم إلى غيتوات مذهبية لهذا الحزب وذاك التيار. وغالباً ما يتلطّى المديرون وراء مذكرة رئيس الجامعة القاضية بمنع النشاط السياسي لإمرار موقفهم من نشاط لا يتوافق مع توجهاتهم، وبالتالي يتخذون القرار من دون الحاجة إلى العودة حتى إلى العميد و«الرئيس» نفسه. وإذا كان منطقياً أن يحصل المنظّمون لأي نشاط على إذن من الإدارة، يبدو مستغرباً أن تتوقف الدراسة احتجاجاً على تنظيم النشاط، كما حصل في كلية الصحة العامة ــــ الفرع الأول في الجامعة، حيث امتنع الأساتذة أمس عن التدريس، بناءً على قرار من مديرة الفرع الدكتورة فاتنة سليمان، «رفضاً لنشاط فرضه طلاب أحد التنظيمات السياسية»، كما جاء في بيان الأساتذة.
وأشار البيان إلى أنّ المنظّمين لم يأخذوا إذن إدارة الكلية وأساتذتها، وبالتالي لم يتقيّدوا بقرار رئيس الجامعة لجهة منع النشاطات السياسية إلاّ بإذن مسبق. وأعلن الأساتذة «أننا لسنا ضد أي نشاط سياسي يقام في الكلية، لكن ما حصل هو عدم الالتزام بالقرارات الداخلية الخاصة بهذا الموضوع، والتوقف عن التدريس لم يتم الاّ بعدما فُرض النشاط على الكلية وأساتذتها».
وفي تفاصيل القضية أنّ التعبئة التربوية في الكلية أحيت أسبوع المقاومة وذكرى استشهاد السيد عباس الموسوي والشيخ راغب حرب والمجاهد عماد مغنية، بمشاركة عضو المجلس السياسي في حزب الله غالب أبو زينب، ما أثار حفيظة الإدارة وبعض الأساتذة الذين ينتمون إلى تيار المستقبل، فعلّقوا الدروس احتجاجاً. وتمثّل هذه الخطوة ، بحسب بعض الدكاترة، سابقة في تاريخ الجامعة، بحيثّ يتخذ فريق من الأساتذة موقفاً سياسياً ضد الطلاب.
والمفارقة أنّ عميد الكلية الدكتور إلياس شمعون لم يكن مطّلعاً على مجريات الأمور، ورمى الكرة في ملعب رئاسة الجامعة، مكتفياً بالقول: «نتمنى أن يمر الأمر بسلام وأن تحلّ المشكلات حبّياً». من جهتها، وصفت سليمان الاحتجاج بالسلمي والديموقراطي، «شو القصة فلتانة، ما في إدارة ياخدوا منها إذن، على كل حال كنا قمنا بواجب الضيف». ورأت أنّ النشاط لم يحترم قرار «الرئيس» وحرمة الكلية إدارةً وأساتذةً ومدرّبين. وإذا كانت سليمان تؤكد أنّ الكلية تطبيقية ولا مجال فيها لتضييع الوقت، ألا يُعَدُّ توقيف الدروس يوماً كاملاً مضيعة لوقت الطلاب؟.
أما مسؤول التعبئة التربوية المركزي في حزب الله، يوسف مرعي، فسجّل موقفاً مبدئياً من مذكّرة رئيس الجامعة التي استهدفت كما قال القوى الأساسية في المعارضة التي لديها الغلبة في معظم فروع الجامعة. وفيما أكد مرعي أنّ الطلاب سعوا إلى أخذ الإذن من الإدارة التي رفضت طلبهم، ذكّر بكلام رئيس الجامعة عن أنّ النشاط المتصل بالمقاومة هو مناسبة وطنية وليس نشاطاً سياسياً تماماً مثل المناسبات الأخرى كالاحتفاء بذكرى استشهاد الرئيس رفيق الحريري وغيرها. وانتقد مرعي ممارسة بعض المديرين الذين لا يفصلون بين مهماتهم الأكاديمية وتطلّعات أحزابهم السياسية.