149; المعارضة تتّهم الموالاة بتعطيل التسوية للاستئثار بالحكم والأكثريّة تحمّل سوريا وإيران المسؤوليّة
بعد فشل المهمة الرابعة للأمين العام للجامعة العربية في بيروت، تبادلت الموالاة والمعارضة الاتهامات بالمسؤولية عن هذا الفشل في موازاة تصاعد الضغط العربي على دمشق وتحضير الأكثرية لتحرك جديد ضدها باتجاه مجلس الأمن الدولي

استرخى النشاط السياسي المحلي إثر مغادرة الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى بيروت من دون التوصل إلى حل للأزمة اللبنانية التي سينتقل ملفها إلى القمة العربية في دمشق على ما أعلن موسى، مشيراً إلى «أن مفاتيح حل الأزمة تقع خارج لبنان».
وهذا الملف سيكون حاضراً أيضاً خلال لقاء الملك السعودي عبد الله بن عبد العزيز وملك الأردن عبد الله الثاني اليوم في الرياض التي توجّه إليها رئيس كتلة «المستقبل» النائب سعد الحريري في زيارة وصفت بأنها خاصة.
وأعلن موسى أنه سيجري خلال الأيام المقبلة مشاورات مع الدول العربية بخصوص جدول أعمال القمة العربية في دمشق المقررة يومي 29 و30 آذار المقبل التي «ستُناقش خلالها المشكلات العربية، ومنها مشكلة لبنان»، مؤكداً أنه «لا بد أن يكون لبنان ممثلاً في القمة، موضحاً أنه تلقى تعهدات من المسؤولين السوريين بشأن دعوة لبنان.
ورأى أن مفاتيح حل الأزمة اللبنانية تقع خارج لبنان، مشيراً إلى أنه «لا تزال هناك إمكانات وأبواب لا بد من فتحها في الأزمة اللبنانية، وأهمها العربية والإقليمية».
وأكد «أننا دفعنا زعماء لبنان إلى آخر ما يمكن أن يقوموا به»، وقال: «آخر ما تم التوصل إليه في الأزمة اللبنانية هو بعض التحريك لا الحل، وسوف نظل في ذلك الإطار للحفاظ على إمكان الالتقاء بين الزعماء والأطراف المختلفة، وإننا نعمل على الإحاطة بالمشكلة اللبنانية خشية أن تتدهور».

برّي يكشف أسباب التعثّر

من جهتها، قالت مصادر مطلعة على موقف رئيس مجلس النواب نبيه بري لـ«الأخبار» إنه سيروي في إطلالته التلفزيونية مساء الجمعة المقبل عبر قناة «ANB» تفاصيل كل ما جرى في شأن المبادرة العربية وأسباب تعثرها، حتى يكون الرأي العام على بيّنة من كل هذا الأمور.
وأشارت المصادر إلى أن هذه الإطلالة التي سيحاوره فيها رئيس تحرير «النهار» غسان تويني ورئيس تحرير «السفير» طلال سلمان، ستليها مقابلة أخرى خلال الأسبوع المقبل عبر قناة «نيو.تي.في» يدلي خلالها بمزيد من التفاصيل عن الأوضاع وما آلت إليه المبادرات المطروحة في شأنها.
وكشفت المصادر أن اتصال رئيس كتلة «المستقبل» النائب سعد الحريري بالرئيس بري أول من أمس لم يتطرق إلى الشأن السياسي وإنما اقتصر على السلام فقط.
ونقل زوار رئيس المجلس عنه تأكيده أن الاجتماع الرباعي لم يتوصل إلى أي نتائج ملموسة، وأن موسى غادر على أمل أن يحصل تواصل بينهما إذا طرأ أي جديد من شأنه أن يساعد على التوصل إلى حل.
وذكر بري لزواره أنه كان في نيّته طرح بعض الأفكار العملية لإنهاء الأزمة ولكن ما إن سمع ما صدر عن الحريري من أن حكومة المثالثة «طبخة سورية» قبيل وصول موسى إلى بيروت، حتى عدل عن طرح هذه الأفكار لأنه أيقن أن فريق الموالاة لا يريد التوصل إلى اتفاق مع المعارضة، غير أن بري، أكد في المقابل، أنه لم يفقد الأمل بعد بإمكان حصول اتفاق قبل انعقاد القمة العربية، لأنه لا يزال هناك متسع من الوقت أمام المساعي والمبادرات في هذا الاتجاه.
والى ذلك، قال مصدر في تكتل التغيير والإصلاح لـ«الاخبار» إن الأزمة بين الموالاة والمعارضة باتت تتطلب تسوية سياسية لأن البحث عن تسوية من خلال الأرقام لم يعد مجدياً. وأشار الى أن كل الوسائل تمت تجربتها وثبت فشلها نتيجة تمسك كل فريق بمواقفه، وأشار المصدر الى أن الوضع بات مفتوحاً على احتمالين: إما حصول تطور اقليمي معيّن يغيّر في المعطيات ويؤدي الى حصول تسوية بين الفريقين، وإما حصول تطور داخلي يؤدي الى هذه التسوية. ورد المصدر تعنّت الموالاة وتمسكها بمواقفها الى إيحاءات خارجية تشجعها على المضي في رفض الدخول في تسوية مع المعارضة.
وكان التكتل قد اجتمع أمس واطلع من رئيسه النائب العماد ميشال عون على ما دار من مناقشات وطروح في اللقاءين الرباعيين، ورأى في بيان عقب الاجتماع تلاه النائب إبراهيم كنعان «أن فريق الموالاة أصر على نهجه الثابت القائم على رفض كل مشاريع الحلول والتسويات، حتى تلك المستمدة من نصوص المبادرة العربية، متمسكاً بما يعتبره حقاً له في امتلاك أكثرية في التركيبة الحكومية تضمن له القدرة على استمرار استئثاره بالسلطة خلافاً لمنطوق تلك المبادرة، عبر إصراره على صيغ غامضة لتفاهمات مفخخة».
وفي المقابل، لفت التكتل إلى مرونة المعارضة التي «قاربت حدود التنازلات» حيال بعض مواضيع الخلاف التي أبداها العماد عون، «ولا سيما حيال الصيغ الحكومية وتعزيز موقع رئاسة الجمهورية في هذه الصيغ ومسألة الضمانات المطلوبة وسواها»، لكن ذلك قوبل «بالتصلب والرفض والانغلاق من جانب فريق الموالاة».
وكشف النائب الدكتور نبيل نقولا بعض ما دار في اللقاءين الرباعيين، معلناً أنه تحقق تقدم بشأن الاتفاق على صيغة العشرات وبعض الأفكار الأخرى في الاجتماع الرباعي الثالث، إلا أن المعارضة فوجئت في اللقاء الرابع بتحريف الموالاة لهذه الأفكار، وبالتالي رُفِضَت». كما أشار إلى «رفض الموالاة قانون القضاء وتقسيمات الدوائر لعام 1960»، وأكد أن العماد عون «طرح تطمينات للموالاة وللمعارضة حول صيغة المثالثة بأن يستعمل رئيس الجمهورية حصته في الحكومة من أجل التوافق ما دام هو رئيساً توافقياً، إلا أن الأكثرية قابلت هذا الأمر بالرفض باعتبار أنها لا تريد لرئيس الجمهورية دوراً في العمل الحكومي».
من جهته، تطلع «اللقاء الوطني اللبناني» إثر اجتماعه في منزل الرئيس عمر كرامي في بيروت إلى «استمرار المبادرة العربية سبيلاً جدية للتوصل إلى الحل في أقرب وقت ممكن. ورأى أن «عقد القمة العربية ضرورة لمعالجة كل قضايا الأمة وأزماتها من فلسطين إلى العراق الى لبنان، ولا يجوز تحت شعار الخلافات العربية ـــــ العربية أن تلغى القمة أو تؤجل».
وأكد كرامي رداً على سؤال أن «الحوار هو السبيل الوحيدة لحل الأزمة اللبنانية»، موضحاً «أننا كنا غير متفائلين بمهمة السيد عمرو موسى لأن الأميركيين كانوا واضحين في رفض المبادرة العربية». وأشار الى أن لسوريا والسعودية تأثيراً في لبنان، ورأى أن مهمة العرب تنقية الأجواء، لافتاً الى أن الضغط على سوريا من خلال لبنان واضح.

عريضة نيابيّة جديدة للأكثريّة

في المقابل، رأى النائب وائل أبو فاعور بعد زيارته والنائب السابق فارس سعيد رئيس الحكومة فؤاد السنيورة، أن الجولة الأخيرة في مساعي موسى «أفشلت بقرار سوري ـــــ إيراني تولى تنفيذه بعض الأطراف في لبنان، عبر الشروط التعجيزية والابتزاز الذي حصل». وكشف عن «عريضة نيابية باسم قوى 14 آذار ستقدم إلى الحكومة، تطالبها بمخاطبة مجلس الأمن الدولي لتأليف لجنة تقصي حقائق، لمعرفة مصير المعتقلين اللبنانيين في السجون السورية».
والتقى السنيورة السفير الروسي سيرغي بوكين الذي أكد أن المبادرة العربية لم تنته، مؤيداً انتخاب المرشح التوافقي العماد ميشال سليمان، في أقرب وقت ممكن.
ورأى رئيس الهيئة التنفيذية في «القوات اللبنانية» سمير جعجع «أننا لسنا في صدد تحضير قانون انتخابي جديد، بل في صدد إجراء انتخابات رئاسية». ورأى أن «قانون عام 1960 ليس من القوانين الانتخابية المثالية للمسيحيين»، عازياً هذا الأمر إلى «اختلاف الوضعين الإداري والديموغرافي اليوم عن عام 1960»، معلناً أن «القانون الانتخابي على أساس الدائرة الصغرى هو الذي نطمح إليه، وإذا اعتمدنا القضاء فسنتبنّاه على تعريفه الحالي».
وفي غمرة هذه الأجواء، اقترح الرئيس نجيب ميقاتي الذي زار أمس متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس المطران الياس عودة «التوافق على فترة سماح يصار في خلالها إلى انتخاب رئيس جديد للجمهورية، ويترك له أن يقوم بالاستشارات النيابية اللازمة لتأليف حكومة تكون مقبولة من الجميع وغير محسوبة على أي من الفريقين المتخاصمين». ورأى أن «من أولى مهمات هذه الحكومة وضع قانون جديد للانتخابات وإجراءها على أساسه، فيتظهر الواقع السياسي الجديد في البلد لجهة توزيع حجم الأكثرية والمعارضة».
أما «منبر الوحدة الوطنية ـــــ القوة الثالثة» فقد ناشد موسى «عدم التخلي عن مهمته التاريخية»، مشدداً على أن محور التواصل بين الموالاة والمعارضة «يجب أن يتركز بعد اليوم على إنجاز الانتخاب الرئاسي في أسرع ما يمكن، على أن يقترن ذلك بالاتفاق على تكوين الحكومة المقبلة».
وقال نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبد الأمير قبلان، بعد استقباله شيخ عقل الطائفة الدرزية الشيخ نصر الدين الغريب على رأس وفد كبير: «إننا نحتاج إلى من يخترق الحواجز ويعمل لمصلحة الوطن. ففيما اتفقنا على الرئيس اختلفنا على الوزارات»، متسائلاً: «لماذا لا تكون الوزارات مداورة». ولفت إلى أن وزارة المال كانت في الأساس للطائفة الشيعية وتم التنازل عنها.
بدوره، أمل الشيخ الغريب «تعاون الروحيين في لبنان ورجال السياسة العقلاء ومساعدة الأشقاء العرب المخلصين أن نصل إلى الحل المنشود».
وفي أول تحرُّك جديد للدبلوماسية الفرنسية على الساحة اللبنانية، يستقبل رئيس «كتلة الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد ومسؤول العلاقات الدولية في «حزب الله» السيد نواف الموسوي، اليوم رئيس دائرة الشرق الأوسط في وزارة الخارجية الفرنسية لودوفيك بوي والقائم بالأعمال الفرنسي أندريه باران.

«المردة» يرد على الحريري

على صعيد آخر، ردّ المكتب الإعلامي لـ«تيار المردة» على البيان الذي صدر أول من أمس عن مصادر النائب الحريري رداً على ما جاء على لسان النائب السابق سليمان فرنجية في جبيل، وأكد بيان المردة أنه «ليس خافياً على أحد أن الرئيس الشهيد رفيق الحريري كان يوعز إلى الوزراء في حكومته الأولى بإعلان مواقف تتناول البطريرك صفير لطعنه، في رسالة الفصح، عام 1994، بتمثيل الوزراء والنواب المسيحيين في حكومته تلك»، محيلاً «من يشكك في ذلك، أو تخونه ذاكرته» على الجزء الثاني من مذكرات البطريرك صفير في كتاب الإعلامي أنطوان سعد.
واكتفى البيان بلفت المصادر «إلى ما ذهب إليه يومها الرئيس الحريري» حين قال داخل مجلس الوزراء، في معرض رده على البطريرك صفير، ما حرفيته «باتوا يتحدثون بالسياسة أكثر من حديثهم بأمور الدين».
وتساءل: «ما دام النائب الحريري يبدي مثل هذه الغيرة الشديدة على الذين «خربت منازلهم» في الوسط التجاري، فلماذا لا يبادر إلى التعويض عليهم عبر الإيعاز إلى شركة سوليدير المعفاة من الضرائب من قبل حكومات الرئيس الشهيد وحكومة الرئيس فؤاد السنيورة»؟
ولاحظ بيان المردة خلوّ بيان المصادر «من جواب عن السؤال المتعلق بالجنسية»، سائلاً: «هل ستبقى إجابة النائب الحريري معلّقة في الفضاء ما بين لبنان والسعودية إلى حين استئذانه أولياء أمره ونعمته، أم أننا سنعد أنفسنا برد قريب يحسم من خلاله، أمام الرأي العام اللبناني، مسألة الأولوية في ما يتعلق بجنسيته؟».
إلى ذلك، وصف وزير الدولة البريطاني لشؤون الشرق الأوسط كيم هاولز الوضع في لبنان بالخطير جداً، واتهم سوريا وإيران بالتدخل في الشؤون الداخلية للبنان. وأشار إلى وجود دول أخرى، لم يسمّها، متورّطة بشكل فعّال في منع الانتخاب السريع لرئيس لبنان. ورأى أن حزب الله أعاد تسليح نفسه وأقام مواقع حصينة شمالي نهر الليطاني.
وأعلن أنه نُقل إليه خلال الزيارات التي قام بها إلى السعودية وسلطنة عمان والعراق أنه «ما لم يكن هناك رئيس جديد في لبنان فسيكون من الصعب ذهاب قادة الدول الأخرى إلى دمشق للمشاركة في القمة إذا لم يحضرها الرئيس اللبناني».