أنطون الخوري حرب
في ضوء فشل مبادرة جامعة الدول العربية، تقرأ المعارضة المرحلة المقبلة بكثير من الوضوح والموضوعية. ويرى أحد نوابها أن الحقبة العتيدة ستشهد تصفية حسابات بين الفرقاء المنقسمين على الساحة اللبنانية، كنتيجة حتمية لتصفية الحسابات الإقليمية والدولية فيها. وهذا ما يجب تداركه عبر تنظيم الفراغ الرئاسي وعدم الوقوع في فخ محاولة فصل المسارين السوري والإيراني التي بدأت منذ مؤتمر أنابوليس.
وترى المعارضة أنه من الصعب توقع خسارة الولايات المتحدة في صراعها في المنطقة بالكامل، فهي ما زالت تمتلك أوراقاًُ عديدة، منها الحاجة الإقليمية لبقاء النظام السوري واستمراره، لكن ضمن منظومة حرب باردة جديدة ستبدأ بالتصاعد لتطرح أمام اللبنانيين خياراً من اثنين، إما الصدام الداخلي وإما التفاهم على تخطي فشل المبادرة العربية.
كما ترى الأوساط النيابية المعارضة أن جوهر الخلاف اللبناني يتخطى بنود المبادرات، كونه خلافاً استراتيجياً على الخيارات الكبرى التي يجب أن تحكم قواعد الحركة السياسية في لبنان، وتنقسم هذه الخيارات بين الالتزام بالاستراتيجية الأميركية المختلفة عن خيارات الممانعة والرفض اللذين تنتهجهما المعارضة. كما أن إيجاد تسوية بين هذه الاختلافات سيغير الوضع القائم، لكن أي تغيير سيؤدي إلى الاعتراف بمبدأ المشاركة الطائفية المتوازنة في الحكم، وهذا الأمر ضد مصلحة فريق السلطة.
وترى المعارضة أن المماطلة والتعطيل في تعاطي السلطة مع المبادرة العربية هدفهما تمديد فترة الانتظار لنضوج تطورات السياسة الأميركية في المنطقة، التي لا بد أن تنتهي بتسوية حتمية في نهاية المطاف، وهذه التسوية ستكون لمصلحة الجميع بالعرف الأميركي، وضد مصلحة الجميع بالعرف اللبناني والعربي.
في هذا الوقت، تتوقع المعارضة تصاعد وتيرة الخروقات الأمنية، من تفجيرات واغتيالات سياسية، لكن خارطة التحالفات ستبقى على حالها، مما يعقّد عملية التوصل إلى حلول قريبة للأزمة. ومن الناحية الاقتصادية، يرى المعارضون المسيحيون أن لبنان سيبقى في المرحلة المقبلة خاضعاً لمعادلة تناقض اقتصاد الحرب مع اقتصاد السلام والإعمار، حيث يحل دور القطاع الخاص محل الدولة. أما الجيش فلا خوف عليه، وهو سيبقى متماسكاً مهما كانت نتائج تحركات قائده الرئاسية، فلا خوف عليه ولا على دوره المستقبلي.
من الثابت أن اللبنانيين يمتلكون قدرة خارقة على تعطيل الجهود والمبادرات الدولية والإقليمية لحل أزماتهم الداخلية. وحتى التفوق على أية دولة أو تجمع دولي، يمتلك ما يكفي من القوة لتنفيذ قرارته. فهل أضحى مبدأ التعطيل هو مادة العمل الأكثري لتمرير الحرب الباردة اللبنانية والعربية والدولية قبل الحسم أو التسوية؟