صور ــ آمال خليل
رئيس الهيئة العليا للإغاثة اللواء يحيى رعد موجود ما وراء بحر صور في مصر في «مهمة خاصة». وبناءً عليه، فإن وفد المهندسين الموعود بمجيئه أصحاب البيوت المتضررة من الهزات الأرضية الأخيرة في قرى قضاء صور ينتظر عودة رئيس الهيئة الذي يستصدر قراراً بالكشف ومسح الأضرار من مجلس الوزراء الذي يمكنه اتخاذ القرار مباشرة في إحدى جلساته. ولمّا فاقت معاناة الأهالي وخصوصاً سكان البنايات الثلاث المهددة بالسقوط في مدينة صور وطلاب مدرسة معركة الرسمية المتصدعة، انتظار التحرك الرسمي، أرسلت بلدية صور كتاباً إلى مجلس الوزراء لاستعجال الكشف من دون أن تلقى جواباً بعد.
وكانت لجنة الأشغال الهندسية في بلدية صور قد حددت، بعد الكشف على الأبنية إثر طلب الهيئة العليا للإغاثة لمسح الأضرار، ثلاثةً منها مهددة بالانهيار وطلبت من سكانها إخلاءها فوراً ريثما يصل وفد الهيئة العليا للكشف عليها وتقرير مصيرها لناحية هدمها أو تدعيمها وتأهيل أساساتها التي لا تستوفي الشروط الهندسية السليمة. واللافت أن ما يجمع الأبنية الثلاثة المخالفة أصلاً، إضافة إلى تقارب تواريخ بنائها في الحقبة العشوائية والفوضى في الثمانينيات، أن التجار أو المقاولين الذين أشرفوا على بنائها فارّون من وجه العدالة خارج لبنان ومطلوبون في أحكام جنائية مختلفة. فبناية شاهين مؤلفة من 12 طبقةً وتقطنها 24 عائلة، فيما تتألف بناية شحادة من ثماني طبقات، خمس منها زيدت تدريجاً فوق الطبقات الثلاث الأصلية.
وفيما تنتظر بلدية صور ما تقرره لجنة الهيئة العليا، يوضح نائب رئيس البلدية محمود حلاوي بأن البلدية «ملتزمة بمسؤوليتها المحددة بتأمين السلامة العامة للمواطنين القاطنين في الأبنية المهددة وتلك المجاورة لها»، معلناً عن قرار البلدية «إقفال الأحياء حيث تقع الأبنية المهددة بالسقوط ومنع المارّة من الاقتراب وتطويقها بشرائط صفراء للسلامة العامة في أي لحظة، وخصوصاً أن احتمال وقوع هزات أرضية جديدة وارد جداً».
وإذ تتحمل الهيئة العليا مسؤولية تأمين البدائل للعائلات المنكوبة التي اضطرت إلى إخلاء بيوتها وتشردت بين الأقارب والجيران والسيارات التي ينامون فيها، سارعت هذه العائلات إلى تكبد تداعيات المصيبة التي ألمّت بها وبحثت عن شقق جديدة لاستئجارها، لكنها اصطدمت باستغلال أصحاب الشقق وندرتها لأن «اليونيفيل والأجانب لم يبقوا لأهل البلد شيئاً» بحسب أحد السكان حسين خير. وبالرغم من تنصل المعنيين من المسؤولية بانتظار وعود الهيئة العليا، اضطر السكان إلى الامتثال لأمر الإخلاء ما دامت حادثة انهيار بناية قشور في أوائل التسعينيات ماثلة أمامهم والتي سقط خلالها عدد من القتلى وخصوصاً أنها بنيت في الفترة نفسها وبالشروط ذاتها. فمن يتحمل مسؤولية الخطر المتربص في جميع أنحاء مدينة صور التي تشتمل على 2500 عقار تدور حولها كثير من الشبهات الهندسية والسلامة العامة؟
في المدينة، وحده الخطر يتجول في الشوارع وعلى كورنيش البحر بعد أن انسحب السكان إلى خوفهم وحذرهم من الأسقف التي تؤويهم بعدما استباحت الفوضى المدينة لسنوات، حتى قبل أشهر عندما أصدرت البلدية القرار الحاسم الموعود بمنع تشييد أبنية مؤلفة من أكثر من خمس طبقات؟