نيويورك ــ نزار عبود
قال الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون أول من أمس إن النقص في تمويل المحكمة الدولية لمحاكمة قتلة الرئيس رفيق الحريري يبلغ 90 مليون دولار، لكن مسؤولاً في الأمم المتحدة أكّد لـ«الأخبار» أمس أن المشكلة الحقيقية تكمن في التحقيق لا في التمويل
تأخّر تقرير الأمين العام للأمم المتحدة إلى مجلس الأمن الدولي عن سير تشكيل المحكمة بموجب قرار مجلس الأمن 1757، إذ كان من المفترض أن يقدمه منذ شهر تقريباً. وفي هذه الأثناء، قال مسؤول في الأمم المتحدة، رفض نشر اسمه، إن رئيس لجنة التحقيق الدولية السابق ديتليف ميليس «كان محقاً عندما وصف أسلوب عمل خلفه سيرج براميرتس بأنه «مهني جنائي بحت». وحسب رأي المسؤول العالم بشؤون المحاكم الدولية وكيفية عملها، فإن النظر إلى الجريمة من الجانب الجنائي البحت «لن يوصل إلى نتيجة. كما أن تسييس التحقيق بالكامل يهدد ببلوغ أفق مسدود». وأكد أن الأموال ستأتي في الوقت المناسب، لكن بعد أن يمسك التحقيق طرف الخيط، «وهذا ما لم يتحقق حتى الآن».
وتوقّع المسؤول الأممي أن المدعي العام للمحكمة، الكندي دانيال بلمار، الذي يتولى أيضاً مهمات رئيس لجنة التحقيق الدولية المستقلة في المرحلة الانتقالية، «سيكون بمستوى مهنية ونزاهة سلفه براميرتس إن لم يكن أكثر منه تمسكاً بالأصول القانونية. لكنه سيكون أكثر تحرراً في البوح بمجرى التحقيق، فيما براميرتس كان شديد التكتم». واستبعد المسؤول الأممي أن يخضع بلمار للضغوط السياسية. بل قال إنه «سيعمل بكل جهد للوصول إلى نتيجة مرضية من الزاوية القضائية الجنائية». وأضاف أن «براميرتس وضع الأسس الجنائية الكاملة لبلمار، ناسفاً كل الأسس التي قام عليها تحقيق ميليس، وسيكمل بلمار على الخط الذي رسمه سلفه ولا يعود إلى بداية التحقيق». غير أنه توقع أن يمتد عمل المحكمة لأكثر من ثلاث سنوات بكثير، غير مستبعد استمراره لعقد أو أكثر من الزمن، وعلّل ذلك بأن الفاعل الحقيقي قُتِلَ في العملية الانتحارية، ولأن هناك من حاول تضليل التحقيق عن طريق الشهود الزور الذين سحبوا شهاداتهم. وأكد أن «من وقف وراء تجييش شهود الزور سيخضع للمحاكمة مهما علا شأنه، جنباً إلى جنب مع من شهدوا زوراً»، على حد تعبيره. وتوقع أن تتكثف جهود التحقيق في الأشهر المقبلة، مستدركاً، «إذا سمحت ظروف البلاد الأمنية بذلك».
ورأى المسؤول أن الأمم المتحدة حريصة على تشكيل المحكمة الدولية وتطبيق قرارات مجلس الأمن ذات الصلة، ولها مصلحة في ذلك. فالمحكمة في نهاية المطاف «توفّر فرص عمل ودخلاً كبيراً للعاملين فيها، وقسم كبير منهم يأتي من موظفي الأمم المتحدة نفسها. كما أن نجاحاً يرتد على سمعة الأمم المتحدة ومكانتها كملاذ لضعفاء تعرضوا لجريمة إرهابية».
لكن المسؤول الأممي لم يُجب عن سؤال «ما هي المصلحة السياسية للدول المساهمة في تمويل المحكمة من إنفاق عشرات ملايين الدولارات في ممارسة قضائية قد تفضي، أو لا تفضي، إلى انتصار قانوني جنائي محض؟». وجاء رده غير المباشر بالقول: «نفقات المحكمة تبقى ضئيلة قياساً بما تنفقه الدول على قوات اليونيفيل في لبنان وقوات حفظ السلام في عشرات الدول. وأضاف أن قوات اليونيفيل عندما توجهت إلى لبنان في السبعينيات ظن البعض أنها ستمكث هناك لبضعة أشهر أو أعوام حتى يطبّق القرار 425. لكنها بقيت في الجنوب اللبناني، وزاد عددها حتى بعد ثلاثين عاماً، بتكلفة تصل إلى مئات ملايين الدولارات سنوياً».

اللجنة الإدارية للمحكمة

من جهة أخرى، أوضح مكتب وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون القانونية ما نشرته «الأخبار» في 22 شباط الحالي، بشأن اختيار لجنة إدارية للمحكمة مؤلفة من الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وألمانيا، وعدم ضمها دولاً مساهمة عربية مثل السعودية. وذكر في رسالة تلقتها «الأخبار» أن عضوية اللجنة تحتاج إلى أن تبدي الدول المساهمة «رغبة بلعب دور ما يطلب منها»، وأن عدد الدول المساهمة يتزايد، مؤكداً أن اللجنة عقدت اجتماعين حتى الآن. كما ذكر الإيضاح، «أن الأمين العام أعلن في 13 شباط التأسيس الرسمي للجنة الإدارية لمحكمة لبنان الخاصة. والشروط التي تحدد دور اللجنة الإدارية ونشاطاتها تنص على أن مهماتها تشمل بنوداً تخص المشورة والتوجيه السياسي بشأن كل القضايا غير القضائية لعمليات المحكمة الخاصة. وتتألف اللجنة القانونية من ممثلين عن الدول الأعضاء في الأمم المتحدة التي قدمت مساهمة للمحكمة الخاصة، والدول المستعدة لتولّي المهمات التي توكل إلى اللجنة الإدارية، فضلاً عن الحكومة اللبنانية والدولة المضيفة، وأن الأمين العام، أو من ينوب عنه، سيشارك في اجتماعات اللجنة».
وذكرت رسالة مكتب نيكولا ميشال أن شروط المرجعية تورد حداً أقصى يصل إلى عشرة أعضاء للجنة الإدارية. «ولا تزال الأمانة العامة تتلقى إشارات عن أن دولاً أعضاءً إضافية تنوي دفع «مساهمات كبيرة» وهي تُبلغ اللجنة الإدارية بالأمر. ومن الممكن استدعاء تلك الدول من جانب اللجنة لكي تصبح أعضاءً فيها. ولذلك، فإن تركيبة اللجنة الإدارية ستعلن بمجرد أن تتكوّن لدينا معرفة شاملة بهوية أكبر المساهمين».
وأكد المكتب أن اللجنة الإدارية عقدت في 19 و21 شباط اجتماعين غير رسميين تناولا «أموراً تنظيمية».