strong> فاتن الحاج
ظلّلت الهيئة التنفيذية لرابطة الأساتذة المتفرغين في الجامعة اللبنانية، بأطيافها السياسية كافة، تحرّك المتعاقدين باتجاه الإسراع في إنجاز ملف التفرّغ الحيوي للجامعة. وأعلنت الهيئة خطة نقابية تصاعدية تبدأ بالإضراب التحذيري ليوم واحد الاثنين المقبل في كل كليات الجامعة ومعاهدها، على أن تترافق هذه الخطوة مع اعتصامين ينفذهما الأساتذة، الحادية عشرة من قبل ظهر الخميس المقبل أمام مبنى الإدارة المركزية في المتحف، والرابعة من بعد ظهر الجمعة المقبل، أمام مبنى وزارة التربية والتعليم العالي في الأونيسكو. وأبقت الهيئة التنفيذية اجتماعاتها مفتوحة لمتابعة الملف بجميع تفاصيله مع رئيس الجامعة ووزير التربية، وصولاً إلى رفعه إلى مجلس الوزراء ليصار إلى إقراره بالسرعة اللازمة. ورأت الهيئة أنّ أي تحرّك لن يكتب له النجاح خارج إطار الأداة النقابية الشرعية الممثلة لجميع الأساتذة من دون استثناء.
وفيما حرصت الهيئة على تأكيد وحدة الهيئة التعليمية المتجسدة في رابطة الأساتذة بهيئتها التنفيذية ومجلس المندوبين، أصرت مجموعة من المتعاقدين بقيادة منسق لجنتهم الدكتور داود نوفل على الإضراب المفتوح الذي أعلنته ابتداءً من الاثنين المقبل، بعدما وصل الملف إلى طريق مسدود. وجددت اللجنة التأكيد على أنّ تحركها بعيد عن أي تسييس لأنّ لقمة العيش لا تميّز بين فئة من هنا وفئة من هناك. وفي حين أشارت اللجنة، في بيان أصدرته أمس، إلى أنّ موقف الرابطة خيّب آمال المتعاقدين، دعت الأساتذة إلى الحضور إلى كلياتهم في 3 آذار وعدم مزاولة أي نشاط تعليمي أو مخبري، وإقامة الجمعيات العمومية لشرح معاناة المتعاقدين والظلم اللاحق بهم منذ سنوات.
وكان نوفل وزملاؤه قد انسحبوا أمس من الاجتماع الذي دعت إليه الرابطة في مقرها إثر ظهور تباين في وجهات النظر حيال آلية التحرّك، سرعان ما تطوّر إلى نقاش حاد ومشادات كلامية، رغم اتفاق الجميع على أحقية المطلب. وقد حاول رئيس الهيئة التنفيذية الدكتور سليم زرازير استيعاب الموقف واستبقاء الأساتذة ولكن من دون جدوى.
وقبل الانسحاب، سأل نوفل عما إذا كانت الهيئة التنفيذية تمثل الأساتذة على جميع انتماءاتهم، باعتبار أنّ بعض الأطراف مثل حزب الله لم يشارك في الاجتماع، فكان الجواب حاضراً: نعم. وهنا أكد مسؤول هيئة التعليم العالي في التعبئة التربوية لحزب الله الدكتور عبد الله زيعور في اتصال مع «الأخبار» تبنيهم لخطة الهيئة التنفيذية التي جاءت كتسوية بين الإضراب المفتوح وعدم الإضراب المطلق، لافتاً إلى «أننا فوجئنا بالإضراب المفتوح وإن كنا مع مبدأ الإضراب لتحقيق المطالب». وأوضح زيعور «أننا طلبنا التحرك التصاعدي حمايةً للملف وإنصافاً للمتعاقدين المظلومين».
بالعودة إلى أجواء الجلسة، فقد استغرب زرازير، في مستهلها ما صدر عن المتعاقدين لجهة أنّ الرابطة تضع ملف التفرّغ في آخر سلّم أولوياتها. وسجّل بالأرقام متابعة الهيئة التنفيذية للقضية، عبر إجراء 95 اتصالاً بوزير التربية ورئيس الجامعة والعمداء والموظفين المولجين بتحضير الملف، و29 اجتماعاً في الإدارة المركزية و11 لقاءً مع وزير التربية وأكثر من 40 بياناً وتصريحاً. وقال ممازحاً: «يبقى أننا لم نتكلم مع ساركوزي والأسد وبوش وأحمدي نجاد...». وأكد زرازير أنّ الرابطة هي التي فرضت رصد المبالغ للمتفرغين الجدد في صلب الموازنة (4 مليارات في 2007 و8 مليارات في 2008)، عارضاً للقوانين التي تكفل حقوق المتعاقدين. وأعلن رفض الهيئة للظلم اللاحق بالمتعاقدين الذين يفتقرون إلى الأمن الوظيفي، مجدداً التأكيد على تفريغ كل المستوفين للشروط بعد إعادة الملف وتنقيته من الشوائب وإبعاده عن المحاصصات السياسية والفئوية.
ونقل زرازير عن وزير التربية إصراره على إنجاز الملف من دون أن يعطي مهلة محددة وإن كانت هناك إمكانية لرفع الملف إليه الأسبوع المقبل، بعد عودة رئيس الجامعة الدكتور زهير شكر من الخارج.
وفي المداخلات، برزت حالة الدكتورة مريم قاسم التي تتعاقد مع كلية الآداب منذ 21 عاماً بانتظار أن ينعم عليها التوازن الطائفي بالاستقرار الوظيفي. من جهته، نفى عضو الهيئة التنفيذية النقابي الدكتور شربل كفوري أن تكون الهيئة قد قصّرت تجاه المتعاقدين «فهي أمّ الصبي ونحن محروقون مثلكم». وقال: «لا نريد اتحاداً عمالياً جديداً. فرابطة الأساتذة واحدة وكلّ لا يتجزأ، ومطلوب التحرّك تحت مظلتها لأننا لسنا بوارد تغطية أي مسؤول سياسي».
أما النقابي الدكتور عصام خليفة فقد وصف المتعاقدين ببروليتاريا الجامعة، ورأى أنّهم مظلومون بتسعة أمور، منها: غياب الضمان الصحي وعلاوة النقل وعدم تقاضي الرواتب في الوقت المناسب واحتساب ساعات عقود المصالحة والاستفادة من الأبحاث والسنة السابعة. وأوضح خليفة أنّ إدارة الجامعة لم تكن شفافة ولم تبنِ ملفاتها وفق الأنظمة والقوانين، معلناً «أننا على مشارف معركة من معارك الجامعة الكبرى تقتضي توحيد الصفوف بقيادة الهيئة التي سيكون أعضاؤها وقود المواجهة.