149; الجميّل ينشر محضره عن اللقاء الرباعي وسليمان يدعو السياسيين للتهدئة
شُغِل أركان الحوار الرباعي بنشر محاضرهم عن النقاشات التي جرت برعاية الأمين العام لجامعة الدول العربية، فيما يعرض رئيس المجلس النيابي نبيه بري روايته اليوم عن المبادرة العربية والعقبات التي تواجهها محلياً وإقليمياً

راوحت الأزمة السياسية مكانها وسط اصطفاف عربي وإقليمي ودولي وراء المبادرة العربية التي عُلِّق مسارها ومصيرها بمدى نجاح المساعي لرأب الصدع العربي الواسع ضمن الحراك الجاري على أكثر من صعيد تحضيراً للقمة العربية، في وقت نفت باريس فيه أن يكون لديها مبادرة جديدة لحل الأزمة اللبنانية.
وقد جاء هذا النفي على لسان القائم بالأعمال الفرنسي في لبنان أندريه باران بعد لقائه أمس رئيس المجلس النيابي نبيه بري في حضور الدكتور محمود بري، مشيراً إلى أن «هناك المبادرة العربية وجهود الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى الذي ندعمه».
وأوضح أنه بحث مع الرئيس بري «التطورات التي ستحصل قريباً، وتحديداً ما يتعلق بالقمة العربية وفرصة أن تحل الأزمة اللبنانية خلال الأسابيع المقبلة». وأكد أنه لا قلق على الرعايا الفرنسيين في لبنان.
وأوضح أن الزائر الفرنسي لبيروت هو نائب مدير من وزارة الخارجية «وهو في إطار مهمة تشرف عليها مديرة الأمم المتحدة في الخارجية الفرنسية، ويتألف الوفد الفرنسي من سبعة أعضاء من موظفي الوزارة ووزارة الدفاع، وهي مهمة تقنية للاجتماع بقوات اليونيفيل» وليست سياسية، مؤكداً أن الوفد لم يلتق «حزب الله».
من جهة أخرى طلب بري من عناصر «أمل» عدم إطلاق الرصاص خلال إطلالته التلفزيونية اليوم.

رئيس الكتائب يتمنى نشر المحاضر

وتحت عنوان «استخلاص العبر»، عقد رئيس حزب الكتائب أمين الجميل مؤتمراً صحافياً عرض فيه محضره عن الجولة الأخيرة للقاء الرباعي، واصفاً المعلومات التي نشرت عن الاجتماع بأنها مغلوطة ومجتزأة «لتشويه الحقيقة وتمويه موقف المعارضة المعطل للحلول وإرباك الرأي العام، وإعطاء انطباع بأن مسؤولية العرقلة تقع على فريق 14 آذار». ورأى أن «هذا الأسلوب أعادنا إلى أيام الدكتيلو من خلال تركيب ملفات»، وتمنى «أن تنشر المحاضر بالكامل ليتبين حجم سوء النية والأسلوب الشيطاني لإظهار الموضوع على غير حقيقته، وتغطية موقف المعارضة في ما خص قرار السلم والحرب»، وقال: «عندما طرحوا علينا موضوع المشاركة قلنا لهم إن المشاركة أمر ضروري، ولكن هل تعنون المشاركة بموضوع السلم والحرب أيضاً، فلم نلقَ جواباً صريحاً».
ورأى أن المعارضة ترفع شعاراً بأنها «تريد تقطيع الوقت»، وأنها ترفع شعار «خذ وطالب»، وقال: «عندما تقدمت المباحثات، طرح العماد ميشال عون علينا بكل وضوح إما القبول بالثلث المعطل أو لا لزوم للاستمرار في البحث، وكأن هذا الشرط هو مفتاح التقدم إلى الأمام». ورأى «أن المنحى التعطيلي المتمثل بتعطيل الحكومة من خلال المطالبة بالثلث المعطل وتعطيل دور رئيس الجمهورية بتعطيل دور وزرائه، ومنحى تعطيل كل مؤسسات الدولة كما يجري اليوم، ما هو سوى ترجمة لشعار المعارضة الذي هو التعطيل». ووصف اقتراح الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى لتسمية المعارضة وزيراً من حصة رئيس الجمهورية بأنه التفاف لإعادة تأمين الثلث المعطل للحكومة.
وفي موضوع المهجّرين لفت الجميل إلى أنه طرح «أن يُسهم الأشقاء العرب في هذا الملف، مثلما أسهموا بسخاء في معالجة آثار الحرب في الجنوب ومخيم نهر البارد»، مشيراً إلى أن «عون طرح خلال الاجتماع مسألة التحقيق في ملف المهجرين، فأجبته بأن من الطبيعي التدقيق في هذا الملف، ولكنني رأيت أنه إذا فتحنا هذا الباب، فسنعطل الموضوع الأساسي وهو السعي لعودة المهجرين وإنهاء الملف. وسألت: لمَ نركز على التحقيق في قضايا قديمة تعطل الاهتمام بالقضايا الملحة المتمثلة بعودة المهجرين؟ وقلت للعماد عون: لا مصلحة لك بفتح هذا الملف، فبعض حلفائك لن يكونوا مسرورين منك، فنحن نعرف ما حصل في وادي أبو جميل، وكيف دفعت التعويضات لنفس العائلات ثلاث مرات».
وأعلن الجميّل أنه كان قد قدم اقتراحاً إلى رئيس الحكومة فؤاد السنيورة ولرئيس صندوق المهجرين فادي عرموني لإنهاء هذا الملف، وهو يقضي بإعطاء سندات خزينة للمهجرين يستطيعون صرفها والاستفادة منها.
وأكد «أننا مع قانون انتخابي عادل على صورة المجتمع اللبناني، وإذا جسد القضاء هذا الهدف، فنحن بالتأكيد معه»، مشيراً إلى أن موضوع الأرمن لم يطرح.
وخلافاً لجو التشاؤم السائد، أعلن النائب ميشال المر أن مساعي موسى «قطعت 90 في المئة، ولم تَبقَ إلا مساعدة عربية تدفع في اتجاه الحل النهائي»، ورأى أن هذا الأمر يحتاج إلى «نكزة» فقط، وأن هذا ما يسعى إليه موسى قبل عودته إلى بيروت.
وأشار المر بعد لقائه عدداً من السفراء الأجانب ليشرح لهم مراحل الأزمة، إلى أن موسى قد يعود خلال الأيام المقبلة، كاشفاً عن أن الرئيس بري شجع الأمين العام «على مواصلة هذه الجهود وتوسيع دائرة الاتصالات لتشمل العواصم العربية التي تؤثر على إنضاج الحل العادل الذي يرضي الجميع، المعارضة والموالاة».
وقال المر: «لعل التوافق بين السعودية وسوريا يعطي انطباعاً مريحاً وينعكس على الوضع الداخلي اللبناني والعربي في آن»، موضحاً أن موسى يقوم الآن بهذا الدور، وهو قادر على ذلك. ورداً على سؤال، أشار المر إلى أن «الوضع الآن أصاب المسيحيين باليأس، لأن سدة الرئاسة المارونية فارغة، بينما رئاسة المجلس النيابي قائمة، ورئيس الحكومة السني أصبح رئيس الجمهورية، والمسيحيون يتفرجون».

كرامي يتخوف من إنفجار الوضع

بدوره، أكد الرئيس عمر كرامي، أثناء استقباله في منزله في طرابلس المدير الإقليمي للمجموعة الدولية للأزمات، بيتر هارلينغ ومساعده باتريك هاني، «أن الأزمة اللبنانية ليست داخلية، بل يتداخل فيها الإقليمي والدولي»، ورأى أنه «إذا لم يحصل تفاهم بين سوريا وإيران من جهة، والسعودية وأميركا من جهة أخرى، فمن الصعب إيجاد حل لهذه الأزمة»، مشيراً إلى أن «القيادات في الأكثرية كلها التزمت بما قاله (السفير دايفيد) ساترفيلد، فكيف سيكون هناك حل».
وتخوف كرامي من «انفجار الوضع الداخلي، نظراً للخطاب السياسي المتشنج والهابط»، وأشار إلى «أن إسرائيل تعمل لمصلحتها وتستعد لشن حرب لاسترجاع معنوياتها».
من جهته، أبدى الرئيس نجيب ميقاتي اعتقاده، في حديث إلى قناة «الاقتصادية» السعودية، أن «الوضع الأمني في لبنان لا يدعو إلى القلق، رغم بعض الأحداث المحدودة التي تحصل من وقت إلى آخر، لأن جميع الأفرقاء يعلمون أن أي إخلال أمني واسع النطاق سيدفع الجميع ثمنه، وسيكون لبنان كله، من دون استثناء هو الخاسر الأكبر بسببه». واستبعد حلاً سريعاً لكل الواقع اللبناني، متمنياً حصول مرحلة استقرار يُنتخب خلالها رئيس للجمهورية، وتؤلَّف حكومة جديدة تنكب على معالجة المشكلات المطروحة الواحدة تلو الأخرى».
وعن موقف النائب وليد جنبلاط الداعي إلى الطلاق مع «حزب الله»، أوضح ميقاتي «أن قرار الزواج اللبناني حصل بإرادة دولية يوم إعلان دولة لبنان الكبير ولم يحصل من ذواتنا ليكون قرار الطلاق بيدنا، وعلى رغم كل المشكلات هناك إرادة لبنانية قوية وجامعة للعيش معاً في بلد واحد».
ورأت لجنة المتابعة لقوى المعارضة «أن الحوارات التي دارت في «اللقاء الرباعي» الأخير، أكدت أن فريق السلطة هو الذي رفض المبادرة العربية، وحال ويحول دون أن تحقق أهدافها في إيجاد تسوية للأزمة، لأنه يصر على الاستمرار في سياسة الاستئثار بالحكم».
وأكد شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز، الشيخ نعيم حسن، خلال استقباله نقيب المحررين ملحم كرم على رأس وفد من النقابة «أن كل مسألة يمكن حلها داخل البيت الواحد، والوطن يكون ذلك أفضل بكثير من حلها في الشارع أو خارج الوطن»، متمنياً «عودة كل الأفرقاء إلى طاولة الحوار على أسس متينة تُفضي إلى نتيجة إيجابية بانية».
وتلقى الشيخ حسن اتصالين هاتفيين من مفتي الجمهورية، الشيخ محمد رشيد قباني، ومن نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبد الأمير قبلان، جرى خلالهما التداول بعدد من الأمور الوطنية والروحية.

تكريم المؤسسة العسكرية

في غضون ذلك، أكد قائد الجيش العماد ميشال سليمان «أن لبنان يمر في مرحلة هي الأكثر دقة في تاريخه المعاصر». وقال سليمان خلال حفل أقامته الجمعية اللبنانية ـــــ البريطانية تكريماً للمؤسسة العسكرية وقيادتها: «إن مناعة الوطن من الداخل تبقى السبيل الوحيدة لدرء كل المخاطر والتحديات المحدقة به»، مؤكداً أن «الأمن في لبنان لم يكن في يوم من الأيام محصوراً بتكليف ينفذه الجندي، فهو يعود أيضاً إلى المواطن الذي يقرر بشكل ثابت ضرورة الحفاظ على وحدة الوطن وسلامة أرضه».
وأكد سليمان «أن أكثر ما نحتاج إليه في هذه المرحلة هو إدراك الجميع لمسؤولياتهم الوطنية من خلال العمل الدؤوب على تهدئة النفوس، والحد من لهجة الخطاب السياسي والإعلامي، والابتعاد عن الكيدية ولعبة تسجيل النقاط التي لا طائل منها». ورأى أن «الأهم من ذلك، تجنب كل ما من شأنه إذكاء نار الفتنة الطائفية والمذهبية»، مشيراً إلى أن «المرحلة تقتضي إسراع القادة المسؤولين بالعودة إلى الحوار، انطلاقاً من القواسم المشتركة بهدف التوافق على معايير وضوابط تحفظ صيغة العيش المشترك، وتسهم في بناء دولة القانون والمؤسسات التي تكفل وحدها تحقيق العدالة والمساواة بين جميع المواطنين».
وأكد «تمسك الجيش بثوابته الوطنية، وفي مقدمها إيمانه الراسخ بوحدة لبنان أرضاً وشعباً ومؤسسات، والتزامه معايير العمل المؤسساتي، ومواجهة العدو الإسرائيلي والإرهاب، واستعداده لتقديم الدماء من دون حساب، دفاعاً عن تراب الوطن، وذوداً عن مسيرة سلمه الأهلي».
وخلال الحفل، سلم الدكتور خالد حنقير العماد سليمان درع الكلية الدولية للمملكة المتحدة لعام 2008.
من جهة أخرى، زار رئيس الكتلة الشعبية، النائب إلياس سكاف، مكاتب «الاتحاد من أجل لبنان» الذي يضم ممثلين عن حزب «التنظيم»، «نمور الأحرار»، حزب «حراس الأرز»، و«كتائبيين قدامى» و«قدامى القوات اللبنانية» ومستقلين. وكان في استقباله الأمين العام للاتحاد، مسعود الأشقر وأركان الاتحاد.
وعرض سكاف خلال اللقاء «الأخطار التي تواجه لبنان، مؤكداً «أن قانوناً عادلاً للانتخابات النيابية هو الكفيل بإعادة التوازن وإعادة شريحة كبيرة من اللبنانيين إلى الدولة».
على صعيد آخر، عقدت حركة «حماس» في نقابة الصحافة، لقاءً تضامنياً مع الشعب الفلسطيني المحاصر في غزة، ورفضاً لسياسات الإرهاب والتجويع الصهيونية، ودعماً لخيار الصمود والمقاومة. وأُلقيت كلمات أكدت أنه «ليس الشهداء من يسقط في غزة، بل النظام العربي العاجز والمجتمع الدولي».
إلى ذلك اتهم رئيس لجنة الشؤون الدولية في مجلس الفدرالية الروسية، ميخائيل مارغيلوف حزب الله باستخدام لبنان لتحقيق غاياته التي وصفها بأنها مدمِّرة وأنانية. وسأل عمّن يمسك بمصير لبنان، «الحكومة أم هذه المنظمة العسكرية؟»
من جهته، أكد وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط «أن العالم العربي يحتاج إلى قمة عربية ناجحة وأن الوضع اللبناني هو عنصر ضغط لتأمين النجاح لهذه القمة». ورأى أن «هناك عناصر داخلية في لبنان تسبب عرقلة الحل، وهناك قوى خارجية تسعى للاستفادة من هذا الملف، وهذا الوضع لتحقيق أهداف سياسية خاصة».