عمر نشابة
الجيش الإسرائيلي يستمرّ بجرائم قتل الأطفال وسط صمت الأمم المتحدة و«المجتمع الدولي». الأمين العام بان كي مون ومعاونه للشؤون القانونية نيكولا ميشال لم يتحمّسا لمحاسبة قَتَلة أطفال غزّة والضفّة، بينما شدّدا في أكثر من مناسبة على «عدم إفلات (قتَلة الرئيس الشهيد رفيق الحريري) من العقاب». ألا يُمثّل ذلك ازدواجيةً في المعايير يفقد الأمم المتحدة مصداقيتها؟
مدمّرة أميركية في المنطقة. ويتساءل البعض عن سبب حضورها: لحماية العدو الصهيوني ودعمه ضدّ أي «تهديد»، أم لتأكيد دعم إدارة جورج بوش لحكومة فؤاد السنيورة بوجه «التهديد» نفسه؟
لكن الجواب لا يعني المهتمين بشؤون العدل بقدر ما تعنيهم تأثيرات التحرّك العسكري الأميركي المستجدّ على مسار العدالة وقيام المحكمة الدولية. إن تحقيق العدل في جريمة اغتيال الرئيس الحريري يحتاج إلى إجماع وطني لبناني بقدر ما يحتاج إلى وقف التدخّل في المحكمة وتوظيفها سياسياً محلياً وإقليمياً ودولياً. لكن إدارة الرئيس جورج بوش كما إدارة الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي وغيرهما هدّدت دولة عربية بالمحكمة الدولية قبل انتهاء التحقيق وقبل انعقاد الجلسة الأولى للمحكمة، كما هدّد النائب وليد جنبلاط بـ«تعليق المشانق». وفي السياق نفسه إن إرسال واشنطن مدمّرةً حربيةً إلى الساحل اللبناني يبدو خطوة تهديد فعلية تتبع الخطوات اللفظية والضغوط السياسية المكثّفة.
وإذا سلّمنا بأن تلك الضغوط والتهديدات تدفع عجلة المحكمة الدولية لمحاسبة قتلة الحريري إلى الأمام، ألا يفترض، لتجنّب ازدواجية في المعايير، أن تقابلها على الأقلّ مطالب بمحاكمة الإسرائيليين ومن يقف وراءهم على قتل أطفال قانا وصور وبعلبك وصريفا وبنت جبيل والنبطية والغازية وغيرها من قرانا، وعلى استمرارهم بقتل أطفال فلسطين؟
إن الأمم المتحدة تعمل جاهدة لإنشاء محكمة لمحاسبة قتلة رفيق الحريري، لأن القوى الدولية، وعلى رأسها الولايات المتحدة، تعد، قبل ختم التحقيق، أن النظام السوري «الداعم للإرهاب» هو القاتل، بينما لا تتحرّك الأمم المتحدة خطوةً واحدةً لمحاسبة الإسرائيليين، لأن القوى الدولية نفسها وعلى رأسها الولايات المتحدة، تدعم «القضاء على الإرهابيين» حتى لو كانوا في الأشهر الأولى من عمرهم.
«يو أس أس كول» تحوم حول المحكمة، لكن التحقيق الجنائي لم ينتهِ، فهل المدمرة لحماية المحاكمة السياسية أم لارتهان نظام العدالة؟