غسان سعود
رغم انهماك مسؤولي الموالاة بالمزايدة بعضهم على بعض في التنظير بشأن فشل القمّة العربيّة المقبلة، يقدّم بعض المعارضين قراءة متفائلة جداً لمصير هذه القمّة، وانعكاساتها على المشهد العربي العام.
وتكشف مصادر مقرّبة من سوريا أن الكويت، قطر، والإمارات المتّحدة تبذل جهداً كبيراً لتخفيف حدّة الخلاف بين دمشق والرياض والقاهرة. وعيونها ترنو إلى اجتماع سداسيّ يضم الأطراف الستة المذكورة أواخر الأسبوع المقبل.
وبحسب المقربين من سوريا، فإن الدول الخليجية الثلاث (الكويت، قطر، الإمارات) تسعى إلى تسوية تبعد كأس تطور التشنج عن المنطقة، لتضمن استمرار مصالحها. فللكويتيّين مصالحهم المتشعبة مع الإيرانيين، وهم سارعوا بعد يوم واحد من زيارة بوش الأخيرة إلى بلدهم إلى إيفاد من يطمئن القيادة الإيرانيّة إلى عدم إعطاء أيّ تعهدات للمارد الأميركي. كما يخشى القطريون من تعرض بلدهم للأذى في حال تمادي التصعيد الأميركي ـــــ الإيراني نتيجة وجود القواعد الأميركية على أراضيهم. فيما الخشية الإماراتية اقتصادية، إذ تسجل 25 رحلة يوميّة بين دبي وطهران، إضافةً إلى وجود قرابة 6000 شركة إيرانيّة. وتعدّ دبي بالنسبة إلى الإيرانيين كهونغ كونغ بالنسبة إلى الصينيين. من هنا، يقول المقرّبون من سوريا، فوجئ السعوديين بعدم استعداد هذه الدول للذهاب معهم إلى الحرب ضد إيران أو مقاطعتها.
وهكذا، وجدت سوريا نفسها قادرة على تأمين حضور غالبية العرب لقمتها، فآثرت عدم المبالاة بالابتزاز السعودي لها، وقررت عقد القمّة بمن حضر.
وهو قرار يؤدي إلى نتيجتين، بحسب المتابعين المقربين من سوريا. الأولى، تجديد التبني العربي، عبر بيان القمّة، لمبادرة بيروت التي نعاها الرئيس الأميركي جورج بوش خلال زيارته الأخيرة للمنطقة، بكلامه عن لا منطقيّة العودة. وبرأي السوريين فإن تجديد تبني هذه المبادرة، كمشروع سياسي وحيد يحمله العرب، كان الدافع الأساسي لمصر والسعودية في محاولة تعطيلهما للقمّة العربيّة، تفادياً لإحراج بوش الذي قصد المنطقة قبل أشهر وعلى جدول أعماله سطر وحيد يقضي بوضع العرب لمبادرتهم جانباً وتبني الرؤية الأميركية للصراع العربي ـــــ الإسرائيلي. وبحسب المتابعين، فإن نبرة الخطاب العربي ستكون، في غياب الرئيس المصري والملك السعودي أكثر حدة ووضوحاً وقسوة.
أمّا النتيجة الثانية، فهي انحراف التصور السعودي لمشهد تبدو فيه سوريا ضد العرب عشية القمّة. وتحول هذه القمة إلى نواة تأسيسية لجبهة ممانعة عربية أو قمّة صمود أشبه بتلك التي عقدت إثر اتفاق كامب دايفد.
ويكشف أحد المسؤولين اللبنانيين أن الموالين سيفاجأون بانعطافة في الموقف السعودي من القمة نتيجة تطوّرين مفاجئين يتمثّلان بمشاركة الرئيس التركي عبد الله غول حاملاً معه ملف التعاون مع السوريين في العراق، والرئيس الإيراني أحمدي نجاد مزوّداً بمبادرة بشأن ملفه النووي يضعها بتصرف القمّة العربية. وهما ملفان يثيران اهتمام الأميركيين. يضاف إلى هذا كله، أن السعوديين اختبروا، هشاشة حلفهم مع الأردنيين والمصريين. إذ لم يستطع أهل عمّان مجاراتهم في مقاطعة أسياد دمشق لأسباب سياسية وأمنية واقتصادية. فيما وصلت إلى السعوديين معلومات أكيدة أن المصري الذي يؤكد للسعودي أنه معه، يقول للسوريِّ، من تحت الطاولة، كلاماً آخر.