strong>ثائر غندور
• الخطباء يدعون لانتخاب العماد ميشال سليمان رئيساً للجمهورية ويحملون على المعارضة وسوريا... والجمهور يشتم المقاومة

أحيت قوى 14 آذار الذكرى الثالثة لاغتيال الرئيس رفيق الحريري، ورفعت نصباً تذكارياً له في مكان الانفجار. ورسم الحشد خطّاً بيانياً لتراجع الحشود منذ عام 2005. واتسمت الخطابات بتوزيع الأدوار بين سعد الحريري ووليد جنبلاط وسمير جعجع، عبر تشابه المضامين واختلاف اللهجة. كذلك لوحظ غياب كلمات للزميل غسان تويني والنائب بطرس حرب وتعرّض دوري شمعون لوعكة صحيّة منعته من المشاركة

احتشد جمهور 14 آذار يوم أمس في الجزء الباقي من ساحة الشهداء. حملوا المظلّات وارتدوا النايلون، للاحتماء من المطر.لم يكن حشد أمس مليونيّاً، ولم يصل إلى مستوى حشد 14 آذار 2005 أو 14 شباط 2007، رغم جهود الأسبوعين الماضيين في التعبئة. ويشفع المطر للمنظّمين، خاصة أن عدداً غير قليل من المشاركين بدأ بالانسحاب مع بدء الكلمات والأمطار. وتميّز الحشد بغياب مشاهد العناصر الميليشياويّة التي ظهرت في مهرجانات سابقة بثيابها العسكريّة لمصلحة عناصر مدنيّة للتنظيم والمراقبة.
ويبدو أنّ عدوى الكلام التصعيدي والشتائم التي أطلقها زعماء 14 آذار في الفترة المنصرمة أصابت الجمهور بالعدوى، فتحوّل إلى إطلاق الشتائم بعدما كان عام 2005 مضرب مثل في إنشاد الوحدة الوطنية. فتحوّلوا إلى شتم طوائف بعينها في ممارسة أشبه بالعنصرية.
الشوارع التي تلقّت دوس أقدامهم تشهد أنهم لم يكونوا جمهوراً واحداً. مناصرو تيّار المستقبل مع بعض «الاشتراكيين» مقابل الضريح. الكتائبيون ومناصرو القوات اللبنانيّة تجمّعوا بالقرب من الصيفي. ولم يبدُ أن التجمّعين في مهرجان واحد. كلمتا الرئيس الجميّل وجعجع ألهبتا جمهور الكتائب والقوات، وما عداها لم يكن سوى أصوات لا تعنيهم تخرج من مكبّرات صوت غير منظّمة. أمّا كلمة الحريري فألهبت الجميع، وبدا مثل البطل المنتظر.
إلى جانب جريدة «النهار»، تقف آلية لإحدى شركات المياه المعدنيّة. من على سقفها يرمي ثلاثة رجال بالكعك المحلّى والمياه والنايلون للمتظاهرين.
شيء ما أعطى تجمّع أمس رونقاً جميلاً. شبان وصبايا يحضنون بعضهم بعضاً. يمضون ساعات جميلة بعيداً عن نظرات مجتمع محافظ. ورجلٌ يصرخ ببعض الفتية: «بلا شتائم». تظنّ لوهلة أنه يرفض إهانة لبنانيّ لآخر. لكنّه لا يلبث أن يوضح أسبابه: «الصبايا إخواتكن، ما تسبّوا قدامهن».
الخطباء
أول المتحدثين كان رئيس حركة التجدد الديموقراطي النائب السابق نسيب لحود الذي دعا إلى «الإفراج عن مجلس النواب، كي تنتقل الحياة السياسية والصراع السياسي، من الشارع المنفلت على الشغب والغوغاء والفوضى إلى المجلس النيابي حيث يجب أن تكون»، معتبراً أن أولى مهام المجلس «المستعاد، ملء الفراغ المفتعل في سدة الرئاسة الأولى، وانتخاب العماد ميشال سليمان فوراً رئيساً توافقياً للجمهورية».
وقال: «نريد الرئاسة فوراً، ونريد رئيساً حراً طليق اليدين لا يحمل ديناً لأحد ولا منّة لأحد. ثم أهلاً بحكومة الوحدة الوطنية (...) حكومة الشراكة الوطنية الحقيقية المبنية على الثقة والمنزهة من نوايا التعطيل». وأردف: «إن المحكمة الدولية ليست للمساومة. ومطالب العمال والفلاحين ليست للمتاجرة».
ثم تحدث النائب عاطف مجدلاني فأجرى مقارنة بين «ما نريد وما يريدون، يريدون جمهورية بلا رئيس، ونريد رئيساً مسيحياً مارونياً. يريدون الفوضى لتحقيق الفتنة والحرب الأهلية، ونريد العيش الواحد في وطن آمن ومستقر، يريدون ثقافة الفرز والإلغاء ونريد التفاهم وقبول الآخر، يريدون جيشاً ضعيفاً متردداً خاضعاً لمشيئتهم ونريد جيشاً قوياً يفرض الأمن ويحمي الحريات، وحده يحمل السلاح دفاعاً عن أرض الوطن، يريدون دويلات الأمر الواقع ونريد دولة الحق والعدالة والمساواة، يريدون تدمير هيبة القيادات الروحية وبخاصة صرح بكركي، ونريد صون هذه القيادات والحفاظ على كرامتها وقدسية رمزيتها، وبخاصة غبطة البطريرك مار نصر الله بطرس صفير، بطريرك الاستقلال الثاني».
وقال رئيس المكتب السياسي للجماعة الإسلامية الدكتور علي الشيخ عمار في كلمته إن الحزن الذي تمكّن من نفوس اللبنانيين لن ينتهي قبل معرفة الحقيقة. وأضاف أن من يفجّر «ليس منا، ليس لبنانياً من يقتل، ليس مسؤولاً ولا راعياً من يعطّل، ليس أميناً من يخيف مواطنيه أو يهدد أو يتوعّد». وأكّد باسم الجماعة الإسلاميّة على أربع نقاط هي: اتخاذ القرار في تجاوز الأزمة السياسية التي يمرّ بها بلدنا، ووضع حد نهائي للانقسام الوطني، والعمل معاً على حماية السلم الأهلي من أي اختراق أو استهداف قد تقوم به جهات إقليمية أو دولية. وتحويل ذكرى اغتيال الحريري ورفاقه إلى مناسبة لاستعادة أجواء الحوار البنّاء والوحدة الوطنية، وللتجاوب مع المبادرة العربية، وانتخاب رئيس للجمهورية اليوم قبل غد، يكون المدخل الطبيعي لتأليف حكومة وحدة وطنية. والعمل الجاد لإعادة بناء الدولة المستقرة التي تؤدي دورها في المحافظة على التنوع، وعلى الحياة الديموقراطية، وعلى هوية لبنان ودوره، مع التمسك بدور المقاومة في الدفاع عن لبنان، في مواجهة الخطر الصهيوني. والرفض القاطع والصريح لكل أشكال الفتنة والحروب الداخلية، والرد العملي والميداني على أولئك الذين ما زالوا يراهنون على خوفكم وهزيمتكم، وعلى إبقاء لبنان ساحة للصراعات الإقليمية والدولية.
أمّا أمين سر «حركة اليسار الديموقراطي» النائب الياس عطا الله فقال: «يا شعب الاستقلال، أيها الأحرار، باسمكم نقول لكل من لا يعرف من أنتم، نقول لهم قبل فوات الأوان، قبل احتراق مراكب السلام، قبل الخدر النهائي من ثقافة الضعف والإرهاب». وتوجّه إلى «الساكن في الرابية» بالقول «قبل أن تصير سلاسل الفضة في يدك دماً، وقبل أن يأخذك الندم إلى طينة بشار، دعك من رواية التفاهم على حساب الديار».
وتحدث باسم «حزب الوطنيين الأحرار» أمينه العام الياس أبو عاصي، قائلًا: «نحن شعب 14 آذار لن نستكين ولن يهدأ لنا بال قبل أن تتحقق العدالة تلو الحقيقة وضمان الاستقلال والبقاء والدماء. لن نقبل بعد اليوم أن يستمر استهداف الاستقلاليين واصطيادهم على الطرقات التي حوّلها الإرهابيون إلى منصات إعدام، وهي أساساً وسيلة تواصل لا فراق، لن نقبل بعد اليوم بالاستكبار والتخوين والتهويل، لن نقبل بالتشكيك بالجيش وبالقوى الأمنية ولا التطاول على المقامات الروحية وفي المقدمة بكركي، وسنظل للمعتدين بالمرصاد».
من جهته، حدّد وزير الأشغال العامة والنقل محمد الصفدي أهداف «المؤامرة على كيان الوطن ومؤسسات الدولة» بـ: ضرب أسس الجمهورية التي تعطل انتخاب رئيسها، استهداف الحكومة بما تمثل من سلطة دستورية شرعية، تعطيل مجلس النواب الذي اختاره اللبنانيون بملء إرادتهم، زعزعة المؤسسات العسكرية والأمنية لشل حركتها، انقلاب على مقررات طاولة الحوار الوطني التي صدرت بالإجماع، عرقلة المبادرة العربية التي ارتضيناها في الأكثرية سقفاً للتسوية. وسأل: «لقد تنازلنا عن مرشحي 14 آذار، فهل يريدون منا أن نتنازل أيضاً عن المرشح التوافقي العماد ميشال سليمان؟».
وألقى مفتي صور السيد علي الأمين كلمة قال فيها: «إن خط الاعتدال باق وإن الوطن باق بالشيخ سعد الحريري، وإن الاعتدال الذي يحفظ لبنان باق بوليد جنبلاط وبالرئيس الجميل، الدولة باقية بالرئيس السنيورة، هذا الخط يبقى باجتماعنا جميعاً وبتضامننا جميعاً، بإقامة دولة المؤسسات والقانون، هذا الوطن باق باجتماعكم وبجماعتكم، باق من خلال البطريرك صفير، والعيش المشترك، من خلال الحكماء والعقلاء الذين يضعون السدود والحواجز أمام كل الفتن ويمثّلون سفينة نجاة الوطن من المحن».
وخاطب وزير الدولة لشؤون التنمية الإدارية جان أوغاسابيان، روح صاحب الذكرى بالقول: «الذين أرادوا اغتيال لبنان باغتيالك، لم ولن ينجحوا. وها هي المحكمة الدولية آتية والحقيقة آتية. ولن يبقى لبنان ساحة للاغتيالات». وأضاف: «سنمنع استمرار الفراغ في قصر بعبدا، وسننتخب العماد ميشال سليمان رئيساً للجمهورية. لن نقبل بإفراغ المؤسسات في لبنان»، كذلك أعلن أن الحكومة «ستستمر في تحمّل مسؤولياتها الوطنية. ومعها، يبقى الجيش اللبناني ضامناً للسلم الأهلي وحامياً للاستقرار والحريات». ووجّه «تحية خاصة لأبناء الطائفة الأرمنية».
وقال الوزير ميشال فرعون في كلمته: «أيها اللبنانيون، بصمودكم تحققت ثورة الأرز وانتفاضة 14 آذار. أصررتم على إرساء الحقيقة والمحاسبة فأقرّت المحكمة الدولية. تمسكتم بالحرية والكرامة، فيما هم تمسكوا بالتبعية وتجيير لبنان وفتح ساحته. سعيتم إلى الاستقرار والعلاقات الأخوية والندية، فاختاروا العودة إلى شروط الوصاية. ناديتم بالحوار والتسوية المشرّفة وبناء دولة المؤسسات والاتفاق على الرئاسة، فعطّلوا المؤسسات وغيّبوا الحلول، وفرّغوا الرئاسة. حضنتم الجيش والمقاومة. فزجّوه في نهر البارد وحاولوا زعزعة الثقة به».
ورأى النائب باسم السبع «أن مسيرة الحرية والكرامة الوطنيةلن تبدأ لتنتهي بتسليم لبنان إلى النظام السوري أو بإعطاء حق النقض في حياتنا الوطنية»، محمّلًا «شركاءنا في الوطن مسؤولية تاريخية في رفع يد النظام السوري عن التدخل في شؤوننا». وتوعد بـ«قطع اليد التي تمتد إلى نظامنا الديموقراطي وكل يد تريد أن توقظ نار الفتنة بين اللبنانيين»، رافضاً مقايضة اتفاق الطائف «بأية تفاهمات ثنائية أو غير ثنائية». وقال: «إن المحكمة آتية آتية آتية وهي على قاب قوسين أو أدنى من رقاب المجرمين، فليغرضوا ليل نهار وليطلوا على الشاشات بوجوههم المنفوخة وجباهم المقدوحة، يستطيعون أن يرغوا ويزبدوا، أن يعلكوا الكلام بالوعيد والتهديد، لكن شيئاً من ذلك لن يبدل الحقيقة، فالمحكمة آتية، إني لأرى رؤوساً قد أينعت وحان قطافها وموسم القطاف قد حان ينتظر قطف الرؤوس في لاهاي».
وقالت وزيرة الشؤون الاجتماعية نائلة معوض: «لن نقبل بعودة نظام الوصاية مهما كان الثمن، ولن نقبل أن نكون ساحة للآخرين، ولا أن يُربط مصيرنا ومصير وطننا بمصالح حماس في فلسطين، ومصالح جيش المهدي في العراق، ومصالح النظام السوري الذي يريد التفاوض مع اسرائيل على أشلائنا، والمصالح النووية الإيرانية». وأضافت: «نريد دولة واحدة، لا دويلات ضمن الدولة. نريد أرضاً واحدة، لا مربعات أمنية على هذه الأرض. نريد جيشاً واحداً، ولا شرعية لأي سلاح إلا سلاح الشرعية اللبنانية». واختارت «الدولة اللبنانية التعددية الحرة لا الدولة الشمولية التخوينية»، رافضة «ألا تكون حمايتنا بوثيقة تفاهم ولا بمنة من أحد».
وفي محيط هذا الحشد المكوّن من عشرات الآلاف، فرض الجيش حصاراً على مخيّم المعارضة الهادئة وعلى شوارع بيروت المحيطة بالمكان. بطاقة الصحافة لا تشفع لحاملها. وفي شارع بشارة الخوري استفز فوج التدخّل الخامس بعض الصبية الذين يرمون شتائمهم المذهبيّة بصوت عالٍ، وهذه المرة من مراهقين في المعارضة يرمون الحجارة باتجاه احد المساجد. طلقات رصاص تُسمع في المكان. ليس الجيش من يُطلق النار. فهذا الفوج لم ينسَ خطأه في مار مخايل. بل يتراجع العسكر، ويحمون آليّاتهم من الحجارة إلى أن تصل التعزيزات.
لكن أغلب شوارع بيروت مقفلة. فيما أصبحت شوارع بيروت متاهة من الطرق المغلقة بفعل الحواجز والانتشار الأمني الكثيف، وإجراءات احتياطية عزلت الأزقة عن بعضها سياسياً ومذهبياً.
وأكّد رئيس حزب الكتائب أمين الجميّل التصميم على إنقاذ الكيان والمؤسسات. «فمنذ سنوات وعقود كانت كل المؤسسات على المحك وذهبنا وانتخبنا رؤساء جمهوريات، انتخبنا رئيسين تحت القصف وتحت الرصاص ولم نفرغ ولم نخف». ورأى أن الحشد «رسالة للأقربين والأبعدين، للجميع، للخارج والداخل، بأننا لن نخاف ولن نتراجع، مهما هددوا ومهما تفاقمت القوى المدعومة من الخارج وتسلحت بكل الوسائل، والذين ينتقدوننا كل يوم نقول لهم عطلتم المؤسسات، سلبتم الاقتصاد، خربتم أرزاق الناس بالاعتصامات، لكننا سنصمد لأن الشعب متحد والدليل على ذلك وجودكم اليوم».
وأكّد على أن فريق السلطة «سينتخب قريباً رئيس جمهورية جديداً للبنان»، وعندما أراد تسمية العماد ميشال سليمان أخطأ وسمّى العماد ميشال عون.
ورغم التعبئة والاستعدادات والمساعدات التي وعد بها سكان المناطق، وبونات المازوت التي أغدقت على مناطق أخرى، فإن الأكثرية لم تتمكن هذه المرة من القول بأنها أكثرية عددية، ولا أن جمهورها حافظ على زخمه ووفائه، حيث لم تتمكن من حشد ما يكفي من جمهور لتعبئة ما تبقى من ساحة الشهداء الممتد من خلف الضريح إلى مبنى «النهار» ومن «النهار» إلى الصيفي. إلا أن زعيم تيار المستقبل أكد أن الحشد هو مليون إضافة إلى نصف مليون لم يتمكن من الوصول بالوقت المحدد، وهو ما سبق أن قاله وزير الداخلية حسن السبع لوكالات الإعلام الغربية.

جنبلاط: انتخاب رئيس مع ثلث معطِّل خيانة

رأى رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط أن انتخاب رئيس مع ثلث معطل هو خيانة واستسلام وسقوط «في فخ النظام السوري وملحقاته».
وقال جنبلاط في كلمته إنه «في اللحظة التي قد ينتخب فيها رئيس مع ثلث معطل، مدمر، ثلث الإجرام السياسي والاغتيال، وفي اللحظة التي نتخلى عن رئاسة الوزراء لغير نهج الحريري ومدرسته وسلالته، تكون لحظة الخيانة والتخلي والاستسلام والسقوط، وتكون لحظة الفخ الكبير المنصوب من حاكم النظام السوري والعصابات الملحقة به من أجل تمرير قمة أو إنقاذ قمة».
وأضاف: «لحظة يكون فيها رئيس دون حكومة ودون مجلس ودون جيش، لحظة الفراغ المطلق على حساب الحقوق المشروعة للشعب اللبناني في السيادة، في الدولة، في الجيش، في الحرية، في العدالة والأمن والمحكمة، تكون لحظة تسليم لبنان إلى ريف دمشق والتخلي بالتالي عن الطائف، وتسليم لبنان إلى عالمهم، عالم الشر الأسود الإيراني ـــــ السوري».
وتابع: «تكون لحظة التراجع عن المصلحة الوطنية التي أرساها سيدنا البطريرك وعمَّدتَها يا أبا بهاء بدمائك ودماء رفاقك، يا أغلى الرجال، يا رفيق الكمال، ودماء الذين لحقوا بك على يد الإجرام والغدر من شتى أنواع المرتزقة والحاقدين والمجرمين وفتح الإسلام، تكون اللحظة المثالية لاغتيال ما بقي من إنجازات، من صمود الحكومة، من تحقيق المحكمة، من انتصار البارد، من رفض الوصاية، وصاية عالم الموت على حساب حقنا في الحياة. عندها أيضاً ليجعل بشار الموت وحلفاؤه من الرئاسة والمؤسسات والجيش والأمن والعدالة أشلاءً، واختصاصهم هم وحلفاؤهم علم الأشلاء الحية والميتة، هم أشلاء يعيشون في جهنم. انظروا ما حدث بالأمس، ينهش بعضهم بعضاً، ويأكل بعضهم بعضاً، هذا هو نظام الغدر، نظام بشار».
وختم: «إن دم آذار، ودم الشعراء ، دم الأحرار، دم الكمال سيقضي على الظلم والكفار، أينما كانوا، في قصورهم أو كهوفهم، في مربعاتهم أو مكعباتهم، دم آذار لن يرحم الطغاة، لا في الليل ولا في النهار».

الحريري: لا قيمة لقمّة عربيّة من دون رئيس لبناني

أعلن رئيس «تيار المستقبل» النائب سعد الحريري أن يده ستبقى ممدودة، داعياً إلى انتخاب العماد ميشال سليمان رئيساً للجمهورية، و«لنجلس معاً في حكومة وحدة وطنية تلتزم اتفاق الطائف نصاً وروحاً».
وخاطب الحريري الحضور قائلاً: «ها أنتم اليوم مرة جديدة، تلبّون نداء الحرية والسيادة والاستقلال، لتمنعوا مرة جديدة، محاولة اغتيال لبنان ولتقولوا بأعلى الصوت نريد رئيساً للجمهورية، «مؤكداً أنه سيكون لنا رئيس للجمهورية»، لافتاً إلى أنه «لا قيمة لقمة عربية من دون رئيس لبناني».
ورأى أن «أعداء لبنان ما زالوا يحاولون اغتيال لبناننا، تماماً كما حاول العدو الإسرائيلي اغتيال لبناننا في حرب تموز 2006، لأن المحاولة هي نفسها. تارة من إسرائيل، وطوراً لا بل أطواراً من المنتج الإسرائيلي الجاثم على قلب العروبة النابض، الذي يسمّي نفسه نظاماً في دمشق».
وقال: «نعم، هذا هو المنتج الإسرائيلي بعينه، الذي يحاول اليوم تنفيذ حلم العدو الإسرائيلي بجر المقاومة إلى حرب أهلية تنتحر فيها وتقضي معها على نموذج لبنان وعلى لبناننا كما أراده وبناه وتركه أمانة في رقابنا الرئيس الشهيد رفيق الحريري».
وقال: «لن ينالوا من لبناننا، وسنبقى صامدين صابرين مهما بلغت التضحيات، وسنبقى مصممين على إحقاق الحق في المحكمة الدولية (...)، وعلى انتخاب العماد ميشال سليمان رئيساً للجمهورية اللبنانية، لفتح مرحلة جديدة من التوافق والحوار والتعاون لمصلحة الوطن والمواطن».
وتوجه إلى «شركائنا في الوطن من دون استثناء، أن اليد ممدودة وستبقى ممدودة، مهما بلغت الصعوبات والمؤامرات،لأن هدفنا الأول والأخير هو متابعة مسيرة الرئيس الشهيد رفيق الحريري، مسيرة العيش المشترك والإعمار (...) وبناء الدولة والمؤسسات وانتظام الحياة الديموقراطية». ورأى «أن هذا هدف كل اللبنانيين، المحتشدين في ساحة الحرية اليوم، كما المحتشدون في الضاحية الجنوبية لتشييع قيادي في المقاومة سقط بالأمس في دمشق، تحت أنظار النظام السوري، والله أعلم».
ودعا إلى لقاء الساحات لا صدامها، وانتخاب سليمان رئيساً للجمهورية، «ولنجلس معاً في حكومة وحدة وطنية، تلتزم اتفاق الطائف نصاً وروحاً لا حكومة تعطيل وطني». وأكد أن «الحقيقة آتية، والعدالة قائمة».

جعجع: المحكمة أتَتْ ولن نقبل ببقاء بعبدا رهينة

حمل رئيس الهيئة التنفيذية في «القوات اللبنانية» سمير جعجع بعنف على المعارضة، وتحديداً «حزب الله»، من دون أن يسميهما، مؤكداً أن المحكمة أتت.
واستهل جعجع كلمته بالقول: «قلتم بالشر المستطير، وبالويل والثبور، فها نحن جئناكم نقول: «أهلاً بكم وبشرّكم وبويلكم وثبوركم وعظائم أموركم. أنسيتم أنه: تصغر في عين العظيم العظائم؟». وخاطب الحضور: «لا تخافوهم بالرغم من فجورهم، وإجرامهم، فإن كان للباطل جولة، فسيكون للحق ألف جولة وجولة. كنا نقول: المحكمة آتية، اليوم نقول: المحكمة أتت».
وصرخ: «لا لخيمكم، لا لفوضاكم، لا لغوغائيتكم، لا لتعطيلكم، لا لوعيدكم، لا لتهديدكم. ويل لأمة لا تفخر إلا بالخراب. لن نقبل بحرماننا من رئيس للجمهورية، وببقاء بعبدا رهينة بين أيديكم. لن نقبل بإعطائكم إمكان تعطيل الحكومة لتعطّلوها، كما عطّلتم المجلس النيابي والوسط التجاري وكل ما وقعت أيديكم عليه».
ودافع عن بكركي، فرأى أن «من أُعطي مجد لبنان، لن يقوى عليه من أُعطي مال إيران، وخنجر الشام».
وقال: «كم من الجرائم ترتكب باسمك يا جنوب. الجنوب قضيتنا جميعاً، وإذا كنتم تنظرون إلى أعداء لبنان بعين واحدة، فنحن ننظر إليهم بالاثنين». مضيفاً: «شاركونا نضالنا لتحرير قرارنا الوطني كلياً، وسعينا لترسيم حدود بلادنا، وترسيخ سيادتها واستقلالها نهائياً. شاركونا وجعنا ولا تتحالفوا مع قتلة شهدائنا والعابثين بأمن شعبنا. شاركونا سلاحكم وبقرار السلم والحرب. هذه هي المشاركة الحقيقية».
واتهم المعارضة بأنها عوضاً عن المشاركة «انطلقتم إلى الساحات والشوارع، تعيثون خراباً وفساداً، تحرقون الدواليب، تقطعون الطرقات، تروّعون المواطنين وتحرمونهم هناءة حياتهم ولقمة عيشهم، تهددون، تتوعدون، تلوّثون، تشلّون، تغلقون، تعطّلون وتدفعون الناس إلى اليأس والقنوط»،. ودعا إلى التيقّظ لأنهم «سيحاولون تعطيل قيام المحكمة في مراحلها الأخيرة».

حديقة، نصب تذكاري، وهتافات
نادر فوز

مقابل «السان جورج»، افتتح شقيق الرئيس، شفيق الحريري، حديقة الشهيد على وقع كلمة مسجّلة للسيدة نازك الحريري. ويقدّم النصب أهم ما أسهم فيه الرئيس في مسيرة «بناء لبنان»، فتضمّن العبارات التالية: «تفاهم نيسان، اتّفاق الطائف، 35 ألف طالب جامعي وباريس ـــ2»، وبالقرب منه علا تمثال الرئيس الشهيد.
وفي مكان الانفجار، أضيئت شعلة بجانبها أسماء الشهداء الذين سقطوا في عملية الاغتيال، فيما علت أصوات التكبير من المآذن وقُرعت أجراس الكنائس.
في الجزء الجنوبي من ساحة الشهداء، كان الحشد مختلفاً. في مشهد أوّل، يهتف عدد من المشاركين: «ما بدنا طائفية»، دعوة واضحة للوحدة الوطنية، ثمّ يكملون: «بدنا حرب أهلية»، إرادة أوضح لما يطلبه البعض. المشهد الثاني، هتاف آخر: «لعيونك يا سعد الدين رح نترك السكاكين»، فيشعر البعض بالارتياح إلا أنّ «الردّة»: «بس إنت بتعطينا سلاح من الباشورة للشياح». مشهد آخر، شعار آخر يصدح في الساحة: «واحد تنين، واحد تنين»، يتوقّع الجميع تكملتها مثل «الرياضي بطل لبنان»، لكن الجواب يأتي بمنحى مختلف جداً «الحريري وصدّام حسين».
وفعلت الخطابات النارية فعلها في تقليص عدد المشاركين وزيادة احتقان النفوس، فبدا «الأكثريون» في حالة عنفية طالت شتائمها قادة المعارضة وحلفاء «المحور السوري ــــ الإيراني»، وعلى رأسهم السيّد حسن نصر الله وسلاح المقاومة.
وفيما كانت هذه الهتافات تعود وتتكرّر في أنحاء عديدة من مكان التجمّع، حضرت الأعلام السوداء مكلّلة بالجماجم ومذيّلة بشعار «حيث لا يجرؤ الآخرون»، إنها فرقة الصدم، المجموعة الخاصة للقوات اللبنانية. تضاف إليها أعلام تبرز فيها أنياب ومخالب نمر، أي راية مجموعة «نمور الـTJ» أو الطريق الجديدة. وعلى الرغم من الطلب من المشاركين توحيد الأعلام، علت خلال الذكرى رايات حزبية عديدة طغت على الأحمر والأرزة.
وبينما كان مجسّم يمثّل المحكمة الدولية مختصراً بمشنقتين يرافقهما شعار: «آتية بإذن الله»، يجوب ساحة الشهداء، قُرعت طبول الفرقة الموسيقية من «كشافة لبنان المستقبل»، متوجهةً نحو مكان اغتيال الرئيس الحريري.

الشمال خزّان «المستقبل»

تفاوتت مشاركة الشماليين في مهرجان الذكرى الثالثة لاغتيال الرئيس رفيق الحريري، تبعاً لحال التعبئة والتجاوب معها، فضلاً عن أحوال الطقس. وبدا لافتاً أن المشاركة الأكبر من عكّار، فغطّت نحو نصف أعداد المشاركين بحسب تقديرات المراقبين.
وفي طرابلس، التزم مناصرو «تيّار المستقبل» و«التكتل الطرابلسي» بالدعوات، وكان الملعب الأولمبي نقطة تجمّع المشاركين. في موازاة ذلك، سجّلت مشاركة عادية لمواطنين من مناطق الضنّية والمنية وزغرتا والبترون وبشري، أكثريتهم التحقت بوفود الشخصيات.
وفي جبيل، شاركت قوى الموالاة بحجمها التمثيلي. وعلى عكس ما أُشيع، فقد فتح معظم المحال التجاريّة أبوابه، فيما التزمت المؤسّسات الرسميّة قرار الإقفال.
أما مشاركة البقاع، فأتت مختلفة عن سابقاتها، فلم تشبه مشاركته في 14 آذار 2005. وظهر أنّ البقاع الغربي وراشيا كانا الأكثر حضوراً، فيما أتت مشاركة البقاع الأوسط مقبولة، رغم أن مدينة زحلة لم تشهد «العاصفة» البشرية الاعتيادية. أما في البقاع الشمالي، فقد تبيّن بوضوح «إحجام» عرسال عن توفير المدد. وفضّلت العشائر العربية رفع صور للشهيد الحريري ونجله سعد بالزي العربي التقليدي. وفيما سُجّلت مشاركة خجولة للجماعة الإسلامية في البقاع، أشرف قياديون من تيار المستقبل على حركة سير المواكب من بعض القرى، وتابعوا تفاصيل الاحتفال من منازلهم.
وشهدت منطقتا عاليه والمتن الأعلى مشاركة كثيفة، فتجمّع المشاركون في «ساحة الشهيد كمال جنبلاط» وأمام مركز الحزب التقدمي الاشتراكي وقرب «نادي عاليه»، وسُجّلت مشاركة كثيفة للاشتراكي والقوات اللبنانية والحركة اليسارية اللبنانية.
وفي الجنوب، كانت المشاركة الصيداوية واسعة، فانطلقت الحافلات من محطة إلزامية بالقرب من ثانوية رفيق الحريري للتزوّد بـ«عدة» الشغل اللازمة. كما حصلت السيارات العمومية على «قسيمة » محروقات و50 ألف ليرة. ولوحظ أن المشاركة من قرى شرقي صيدا كانت محدودة.
كذلك تابعت جزين حياتها الطبيعية. إذ غابت المواكب السيارة والأناشيد عن ساحاتها بخلاف التوقعات، وجاءت المشاركة بصورة فردية. وفتحت المدارس الخاصة في المنطقة أبوابها أمام التلامذة، وكانت الحركة التجارية نشطة دون أن يُلحظ أي إقفال في المحال التجارية.
(الأخبار)

تصوير:
مروان طحطح
بلال جاويش