صيدا ــ خالد الغربي بنت جبيل ــ داني الأمين

كانت مناسبة تقديم التعازي في صيدا باغتيال القائد المقاوم عماد مغنية وحجم المشاركة الشعبية حدثاً لافتاً لجهة الحضور الشعبي الصيداوي الوازن أو لجهة الحضور السياسي والروحي والبلدي في المنطقة وعمقها الجنوبي، حيث وصفت المناسبة بأنها جاءت لتؤكد المزيد من التصاق المدينة بالقضايا الوطنية والمقاومة بعيداً عن لوثات التطييف والتمذهب.
في الباحة الخارجية للمقر الرئيسي للتنظيم الشعبي الناصري راح الجمهور المتقاطر بكثافة لتقديم واجب التبريك باستشهاد مغنية كمن يعيد تأكيد هوية المدينة المقاومة، ومعه يعاد الدفء إلى المقر الذي على الرغم من تقدّمه في السن وتأريخه للأحداث منذ عام 1975، بدا كمن يجدد شبابه، لا سيما مع نسبة المشاركة التي كانت الأعلى في الوسط الشبابي من 15ـــــ25 سنة، وحشود المباركين إذا ما أضيفت إلى الجمهور الواسع والثقل الشبابي الذي أحيا قبل أيام مناسبة ذكرى تحرير صيدا من الاحتلال الإسرائيلي، شكلتا ما يشبه الاستفتاء على المشروع المقاوم وتمسك شريحة واسعة جداً من الصيداويين بهذا الخيار.
وفي انتظار دخول الشباب إلى القاعة الداخلية يمكن فهم الرسالة التي جاؤوا ليقولوها، بالطبع رسالة تأكيد على المقاومة، لا بل أبعد من ذلك، هي تلامس الرؤية لدور المدينة «جئنا لنقول إننا مع خيار المقاومة، وما يحلموا الأميركان والإسرائيلي وجماعتهم بلبنان إنو لبنان ممكن أن يصير قاعدة لضرب المقاومة» يقول مصطفى الشامية الجامعي في سنته الأولى الذي جاء مع أترابه «لنؤكد أن الصراع في لبنان ليس كما يحلو للبعض «صبغه» بصراع طائفي مذهبي، إنه صراع سياسي بامتياز بين مشروعين هما «المقاومة والممانعة» و«الاستسلام وتقديم فروض الطاعة للأميركيين».
وكان في استقبال الوفود إلى جانب النائب أسامة سعد، ممثل الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله المسؤول السياسي للحزب في الجنوب الشيخ حسن عز الدين ومسؤولو الأحزاب وعدد من المشايخ، ومن أبرز المعزين فضلاً عن الوفود الشعبية رجال دين مسلمون ومسيحيون ورؤساء بلديات عدد من قرى المنطقة وهيئات نقابية واجتماعية وسياسية وشبابية.
وفي بنت جبيل التي لم ينس أهلها حرب إسرائيل الشنيعة ولم ينس طلاّبها زملاءهم وأساتذتهم الشهداء، احتشد هؤلاء بكثافة لتقديم التعازي بقائد هؤلاء الشهداء عماد مغنية.
ففي تمام الثالثة عصراً ضاق مجمع شهداء بنت جبيل بمئات الأشخاص الذين توافدوا من جميع قرى وبلدات بنت جبيل، لتقديم التعازي إلى قيادة حزب الله في الجنوب وعلى رأسها مسؤول الجنوب في الحزب الشيخ نبيل قاووق.
عشرات من المقاومين الذين ارتدوا زيّهم العسكري اصطفوا منتظمين داخل المجمّع وقدّموا التحية لقائدهم الشهيد، معلنين التزامهم بمتابعة مسيرته الجهادية وجهوزيتهم التامة لصدّ أي عدوان جديد على قراهم ووطنهم، كما فعلوا ذلك في حرب تموز تحت قيادة مغنية. وحضر من بين الوفود المعزية وفد من قيادة الجيش اللبناني ووفد من حركة أمل على رأسه الحاج كمال زين الدين، ووفد من الحركة الثقافية في لبنان برئاسة بلال شرارة وراعي أبرشية عين إبل المطران حنا سليمان، ووفد من عائلات شهداء بنت جبيل، وحشود من جميع قرى وبلدات القضاء، من بينهم وفود من المدارس والثانويات والمجالس البلدية. وكان اللاّفت الوفد الكبير لأهالي بلدة رميش مع والد الشهيد فرنسوا الحاج وإخوته. وعبّر الوافدون عن حزنهم الشديد لاستشهاد مغنية، معتبرين «أن الشهيد هو من قاد المقاومين إلى تحقيق النصر المؤزّر في تموز، ما أدى إلى حماية بنت جبيل وقراها ورفع رؤوس أبناء المنطقة عالياً».
وفي بيروت قدّم النائب في البرلمان اليمني عبد الملك المخلافي تعازيه إلى حزب الله، حيث استقبله في مقر العلاقات الإعلامية كل من النائب أمين شري وأعضاء المجلس السياسي: حسن حدرج، أحمد ملي، وحسين رحّال. وقد أشاد المخلافي بجهاد مغنية، مشيراً إلى أنه «بات يمثل رمزاً عربياً وإسلامياً كبيراً على امتداد العالم العربي والإسلامي»، مثمناً دور حزب الله المقاوم وما يقدمه من شهداء كبار في مواجهة العدو الإسرائيلي، مبدياً «تعاطف الشعب اليمني الواسع مع المقاومة وشهيدها الكبير». كما قدم وفد قيادي من التيار الصدري ضمّ كلاً من الشيخ مهند الغراوي، الشيخ رائد الكاظمي، الشيخ سهيل العقابي، السيد فاضل الموسوي والحاج محمود داخل التعازي بالشهيد مغنية حيث التقى عدداً من مسؤولي حزب الله وآل الشهيد ثم زار الوفد روضة الشهيدين وقرأ الفاتحة. ونقل الوفد تحيات السيد مقتدى الصدر لقيادة حزب الله وتضامنه مع المقاومة.
وفي سياق متصل، تلقى الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصر الله برقية تعزية من وزير الخارجية الفلسطيني أمين سر اللجنة المركزية العليا لحركة فتح فاروق القدومي أكد فيها «أن دم الشهداء من أبطال أمتنا العربية يغسل آثار الاحتلال الإسرائيلي ويصفّي بقايا النفوذ الاستعماري في بلادنا»، كما تلقى السيد نصر الله برقية تعزية من رئيس الأمانة العامة للجاليات والمؤسسات والفعاليات الفلسطينية في الشتات ـــــ أوروبا الدكتور راضي الشعبي.
إلى ذلك، قام وفد العلاقات المركزية في هيئة دعم المقاومة الإسلامية برئاسة رئيس الهيئة الحاج حسين الشامي بزيارة ضريح مغنية حيث وُضع إكليل من الورد وتلاوة الفاتحة عن روحه وأرواح شهداء المقاومة.