باريس ــ بسّام الطيارة
تنبع ضبابية الموقف الفرنسي حيال الأزمة اللبنانية من ضبابية انطلاق ما سمي المبادرة الفرنسية. ويتفق معظم المراقبين على أن سبب ميوعة المسار الفرنسي لا يعود فقط إلى تلكؤ اللبنانيين في ملاقاة ما كان يتوصل إليه الموفدون الفرنسيون خلال لقائهم المسؤولين السوريين، بل إلى الانطلاقة المترددة لهذه المبادرة، التي عكست من جهة تردد الإدارة الأميركية في تسليم العهد الساركوزي « الملف اللبناني»، ومن جهة أخرى، تردد الإدارة الفرنسية في «الجهر برغبتها في الانفتاح على المعارضة اللبنانية» خوفاً من رد فعل الأكثرية، التي اعتادت أن «تكون باريس مرآة تطلعاتها» في العهد الشيراكي. وبالفعل لم يكن التكليف الأميركي واضحاً، بينما أظهرت الأكثرية امتعاضاً من هذه المبادرة «تجاوز حدود اللياقة»، حسب تعبير أحد الدبلوماسيين.
وقد ازدادت الضبابية منذ أسبوعين، بعد التصريحات التي أطلقها الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، وأعقبتها في كل مرة تصريحات توضيحية. وهذه الضبابية لن تتبدد بعد مؤتمر وزير الخارجية السوري وليد المعلم، أمس، الذي أعلن فيه أن الأمين العام لقصر الرئاسة الفرنسية، كلود غيان، أبلغه بأن باريس فشلت في إقناع النائب سعد الحريري بالقبول بوثيقة فرنسية جرى التوصل إليها مع سوريا لحل الأزمة اللبنانية، ثم تعليق الناطقة الرسمية باسم الإليزيه على هذا الأمر بقولها: «ما قلناه للسوريين هو أن اتصالاتنا السياسية ستتوقف إلى أن تبرهن سوريا عن حسن نيتها، ويُنتخب رئيس يحظى بتأييد واسع في لبنان».
لكن أندرياني رفضت «تأكيد وجود وثيقة» بين دمشق وباريس قائلة: «لا يمكنني تأكيد وجود وثيقة كهذه»، من دون أن تنفي وجود هذه الوثيقة. واستطردت موضحة إن «التواصل بين سوريا وفرنسا هدف إلى تسهيل التوافق بين الأطراف اللبنانية»، مشيرة إلى أن باريس «أخذت علماً» بإعلان المعلم وقف تعاون دمشق مع باريس بشأن الأزمة اللبنانية. ونفت أن تكون فرنسا قد «أعطت سوريا دوراً محورياً في حل الأزمة»، لافتة إلى أنه «يعود للبنانيين أولًا أن يحلّوا هذه الأزمة، وأن فرنسا لا تزال جاهزة للتدخل، ومستعدة للمساهمة في البحث عن حل».
ورفضت أندرياني الربط «المباشر» بين إعلان ساركوزي من القاهرة أن فرنسا ستسهم في دفع الأموال لتسريع إنشاء المحكمة الدولية و«عدم قدرة المجتمع الدولي على مواجهة سوريا»،قائلة: «إن المحكمة مستقلة، ومهمتها ملاحقة المسؤولين عن اغتيال الرئيس رفيق الحريري والاعتداءات الأخرى المرتبطة به».