عمر نشابة
نظام العدالة في لبنان يعاني خللاً لافتاً. المحاكم تفتقر للحدّ الأدنى من التجهيزات الضرورية والمخافر تنقصها الحاجات الأساسية للضابطة العدلية بحسب المعايير الدولية، أما السجون والنظارات فحدّث ولا حرج.
إن تحقيق العدل في الدول الديموقراطية يتطلّب تضافر جهود المؤسسات الأمنية والقضائية والاجتماعية مع الحفاظ على استقلالية القضاء ونزاهته وكفاءة الجسم القضائي والشرطة والقيمين على المؤسسات العقابية. نظام العدالة في لبنان يتطلّب من الدولة جهوداً ايجابية، ويحتاج إلى ضوابط سلبية.
لا بدّ أولاً من توفير حاجات القضاة، فلا يمكن أن يستمرّ حرمانهم من المكاتب المناسبة. القضاة يحشرون اليوم في مكاتب ضيّقة أثاثها مهترئ، وهذه المكاتب غير مجهّزة بالمكننة المطلوبة لحفظ الملفات القضائية. ولا وجود للمستودعات لحفظ الأدلّة الجنائية التي يفترض أن توفّر لها الحراسة الأمنية المشدّدة. أما بالنسبة لقاعات المحاكم، فيمكن أن يعاينها المواطنون والمسؤولون بأنفسهم إذا شاؤوا، ليشهدوا على الإهمال وعلى مدى اهتمام وزير العدل في الحكومة الحالية والحكومات التي سبقتها بـ«الشعب اللبناني» الذي تصدر باسمه الأحكام من تلك القاعات.
يسعى عدد من القضاة إلى العمل في ظلّ ظروف صعبة ولا يمكنهم التعبير للناس عبر الإعلام عن معاناتهم، لكن يمكن أي مواطن أثناء قيامه بزيارة «قصر» العدل في العاصمة بيروت مثلاً، أن يطلب استخدام المراحيض ليشهد على احترام الدولة للقضاة وللعاملين في الجسم القضائي.
إن الحكومة الحالية ليست مسؤولة عن الخلل في نظام العدالة لكنها بدون أي شكّ مسؤولة عن استمراره ولا يستطيع أي باحث أو رجل علم وقانون أن ينكر مسؤولية رئيس الحكومة ووزير العدل في التقصير الحاصل بحقّ القضاة رغم عدم توقيع رئيس الجمهورية على التشكيلات القضائية. فما علاقة إصلاح المكاتب والمباني والمراحيض بمرسوم التشكيلات القضائية؟ ألا يمكن أن يقرّر «مجلس الوزراء» برئاسة فؤاد السنيورة أن يصدر قراراً بتخصيص مبلغ من المال يساوي نصف المبلغ الذي خصّصته تلك الحكومة لتجهيز ودعم «فرع المعلومات» في قوى الأمن، الذي لم ينجح في جمع «معلومات» لحماية النواب والوزراء والمواطنين من التفجيرات الإرهابية التي طالت مختلف المناطق اللبنانية. وبهذه المناسبة، ليشاهد المواطن بأمّ عينه مكتب القاضي المنفرد الجزائي في بيروت وليقارنه بمكتب رئيس فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي والمبنى الذي خصّص لهذا الفرع بينما تبقى وحدة الشرطة القضائية في مبنى لا يصلح لأن يكون مستودع أسلحة من شدة الرطوبة.