السقالات المرفوعة على أطراف قاعة «الخطى الضائعة» في قصر عدل بيروت ليست مخصّصة لأعمال صيانة القصر المهمل بمدخله الموحل والغارق في مياه الأمطار، وببحيرة المياه الراكدة التي لا تبعد عن مدخل وزارة العدل أكثر من 20 متراً، وبممراته المظلمة وسقفه المستعار المهشّم في الكثير من قاعاته، وغيرها من أمور النظافة والتأهيل التي طالما عرضتها «الأخبار» ولا مجال لإعادة الحديث عنها في هذه السطور. فباختصار، لا يمكن النظر إلى قصر العدل في بيروت على أنه قصر، باستثاء ما علا عن الطبقة الرابعة منه، حيث النيابة العامة التمييزية ومحكمة التمييز ومجلس الشورى.السقالات المرفوعة عائدة لإحدى الشركات التي بدأت أمس إعداد توصيلات كهربائية في قصر العدل، تمهيداً لتركيب كاميرات مراقبة، داخل الباحات وفي خارجه. فمنذ آب الماضي، وتحديداً بعد انتقال متابعة قضية «فتح الإسلام» وأحداث الشمال من المحكمة العسكرية إلى المجلس العدلي، وبالتالي انتقال الملف إلى دائرتي النائب العام التمييزي القاضي سعيد ميرزا وقاضي التحقيق العدلي غسان عويدات، ارتفعت وتيرة الإجراءات الأمنية.
وإن كان سوق الموقوفين مؤمّناً عبر فرقة «الفهود» المجهّزة عدةً وعتاداً وأفراداً بشكل لا بأس به فإن جولة في محيط قصر العدل تظهر أن علامات استفهام يمكن أن ترسم حول حماية المكان الذي يجري التحقيق فيه مع المجموعة التي يشتبه في ضلوع أفرادها بحرب كلّفت البلاد ثمناً باهظاً بأرواح العسكرين والمدنيين والممتلكات، وفي قدرتها على تنفيذ عمليات إرهابية بدقة واحتراف عاليين. كذلك في قصر عدل بيروت تجري متابعة ملفات يختلط فيها السياسي بالأمني، مثل ملف بنك المدينة والشبكة التي يُتّهم سلطان أبو العينين بترؤسها، وغيرها من الملفات الشائكة والشديدة الأهمية والخطورة.
والقصر المذكور هو مقر الهيئات القضائية العليا، من محكمة التمييز وقضاة المجلس العدلي والنائب العام لدى محكمة التمييز، وفيه مكاتب عدد من المحققين العدليين بقضايا إرهابية عدة. وفيه تعقد الاجتماعات التنسيقية بين لجنة التحقيق الدولية المستقلة والقضاء اللبناني.
للقصر المذكور ثلاثة مداخل للسيارات: مدخل القضاة والمحامين الشرقي، والمدخل المتصل بموقف نقابة المحامين من ناحية الغرب المخصص للمحامين والموظفين والصحافيين المعتمدين، ومدخل نظارة قصر العدل، وهو مدخل مخصص للمحامين والموظفين والصحافيين وموظفي وزارة العدل، ويضاف مدخل واحد للمشاة يستخدمه المتقاضون وقضاة ومحامون وصحافيون، هو مدخل مخفر قصر العدل. على كل هذه المداخل، تتشدد مجموعة قصر العدل الأمنية المؤلفة مما يزيد على 60 عنصراً أمنياً، أكثر من نصفهم من المجنّدين. يقوم هؤلاء الأمنيون بتفتيش كل السيارات، ولا يستثنون منها سيارات القضاة أو المحامين، ما عدا سيارات عدد محدود جداً من القضاة، التي يتولى حمايتها وحراستها وتفتيشها عناصر الأمن المكلفون حماية هؤلاء القضاة.
يستخدم عناصر أمن قصر العدل آلات كشف المتفجرات التي زودتهم بها وزارة العدل. إضافة إلى أن عدداً من الكلاب المدربة موجودة غالباً في موقف السيارات، ويقوم رجال الأمن بدوريات لهذه الكلاب في الموقف المذكور للتثبت من خلو السيارات من أي مواد متفجرة.
أما الأشخاص الذين يدخلون مشاة إلى القصر، فيطلب منهم إبراز بطاقات الهوية الخاصة بهم، وتسجّل أسماؤهم قبل أن يمرّوا عبر قوس كشف المعادن، وعند ظهور إنذار بوجود معدن ما، فإن عنصراً أمنياً يقوم بالتفتيش يدوياً. كذلك تتولى موظّفتان متعاقدتان مع المديرية العامة للأمن الداخلي تفتيش النساء.
أما في محيط القصر، وحيث عدد كبير من المباني المهجورة ومواقف السيارات، فينفّذ فرع المعلومات، وبحسب ما ذكر مصدر أمني لـ«الأخبار»، مسحاً أمني تُجَدّد معلوماته دورياً، ويشمل السكان وأصحاب المؤسسات التجارية المحيطة، في محاولة لمنع أي اختراق. لكن الطرق المحيطة بقصر العدل، وخاصة على الجهة الغربية منه، تبدو خالية أكثر الأحيان من أي دوريات أمنية ظاهرة.
(الأخبار)