غسان سعود
ثمة نظرتان في تكتل «التغيير والإصلاح» للعلاقة بين بكركي والرابية. فهناك من يصر ّعلى تشخيصها إيجابياً، وهناك من يؤكد أن السلبيات تطغى على الإيجابيات التي «يتوهّمها» البعض. ومقابل إشادة أمين سر تكتل «التغيير والإصلاح» إبراهيم كنعان بـ«التكامل في الموقف» بين بكركي والرابية في رفض قانون غازي كنعان الانتخابي، وإعلان البطريرك الماروني عون زعيماً للمسيحيين، وتلاقي الطرفين على الموقف من المجلس الدستوري وضرورة إعطاء المغتربين حق الانتخاب، وعلى اللامركزية الإدارية وعودة المهجّرين وقانون التجنيس، يرى النائب سليم سلهب أن هذه الإيجابيات بدأت بالتقلص منذ توقيع التيار وثيقة التفاهم مع حزب الله، التي صوِّرت للبطرك، وفق النائب سلهب، شيئاً مخيفاً يهدّد الوجود المسيحي برمته، ولم يقتنع البطرك بجدواها.
وسرعان ما بدأت الأمور تأخذ منحى سلبياً عند عون أيضاً منذ انتقاد صفير الشديد لاعتصام المعارضة. وأتى دور بعض المطارنة الموارنة، في دعم «أبناء البيوت العريقة» خلال انتخابات المتن الفرعية ليعمّق الهوّة. علماً أن زوار الرجلين كانوا ينقلون إلى عون كلاماً سلبياً عن موقف صفير من قرارات الثاني، واعتقاده بأن التلاقي مع حزب الله يؤمّن استعادة حقوق المسيحيين.
لكن الجنرال ظل يراهن، وفق سلهب، على حكمة بكركي التي ستتخذ القرار المناسب في الوقت المناسب، وفي اعتقاده أن صفير سيلاقيه في منتصف الطريق عند الاستحقاق الرئاسي. وهنا حصلت المفاجأة بالنسبة إلى عون، فصفير الذي وعد بعدم التسمية، قدم لائحة تستثني عون بطريقة غير مباشرة. ولم يكتف بهذا، بل مضى يجهض محاولة عون ربط سحب ترشيحه بإعادة بعض الحقوق إلى المسيحيين، الأمر الذي دفع برئيس «التغيير والإصلاح»، وفق سلهب، إلى الاستسلام لنظرته الأصيلة للعلاقة بين المرجعية السياسية والمرجعية الدينية. وهنا، يقول كنعان، لا يجوز النظر سلباً إلى هذا الكلام الذي «هدف إلى تحديد المسؤوليات فقط لعدم تحميل أي طرف مسؤولية ما يتخذه الطرف الآخر من مواقف»، مؤكداً أن التواصل والتكامل بين بكركي والرابية لن ينقطعا، وأن التكامل بين المرجعيتين أثمر تراجعاً عن الانتخاب بالنصف زائداً واحداً، ودفعاً في اتجاه الاتفاق.
وإذ يؤكد كنعان أن حذر بكركي يضطرها أحياناً الى اعتماد الاعتدال في المواقف، يجزم سلهب بأن صفير وبعض مطارنته كانوا سبّاقين إلى معاداة عون، ويدعو المتذمرين من مفردات سيّد الرابية الأخيرة في هذا الموضوع إلى زيارة البطرك وسؤاله عن خططه لإعادة المهجرين، واستعادة اللاجئين إلى إسرائيل، ومعرفة مصير المعتقلين في سوريا، وإعادة الحياة إلى المجلس الدستوري، واستيضاحه عن أسباب حماسته لانتخاب رئيس لا تتعدى سلطته بوابة قصره كما في الأعوام الماضية.

اجزاء ملف "صفير ـ عون: نتيجة حتمية لعلاقة ولدت صدامية ":
الجزء الأول | الجزء الثاني