زحلة ـ سيرين قوبا
يرفض بائع الصحف والمجلات جوزف أنطون، المشهور بـ«أبو الزوز»، في مدينة زحلة، الإدلاء بأي «حديث صحافي» قبل إبراز البطاقة الصحافية. فجوزف الذي «تخاوى» مع الكتب والجرائد والمجلات منذ أكثر من 30 عاماً، أخذ من شارع مدينة زحلة الرئيسي في وسطها التجاري مكاناً لاصطياد رزقه وبيع الصحف والمجلات إلى زبائنه، حيث أصبح يعرف «جريدة» كل زبون وانتماءه السياسي.
مع بدايات مزاولته بيع الصحف والمجلات، كان «أبو الزوز» يتنقّل من شارع إلى آخر، ومن زاوية إلى أخرى، بسبب تذمر أصحاب المحال التي كان يقف إلى جانبها، ما دفعه قبل عقد من الزمن إلى اختيار مكان بات «مسجّلاً» باسمه في وسط السوق التجارية مقابل ساحة الشهداء في زحلة، إذ حوّل سيارته إلى واجهة لعرض جميع أنواع الصحف والمجلات، المحلية والعربية والأجنبية، السياسية والترفيهية، والكتب الأدبية والدينية.
ويقول جوزف: «منذ عشر سنوات، وأنا قابع في هذا المكان، حيث جيراني من أصحاب المحال والمتاجر يحبونني ولا يتذمرون من وجودي أمام واجهاتهم، ولا يضايقهم ما أعرض، كما أصبح بحوزتي رخصة من بلدية زحلة تسمح لي بالعمل، وفي هذا المكان بالذات».
يعرف جوزف أنطون حاجة زبائنه الذين يتوافدون إليه من جميع المناطق البقاعية، نظراً إلى «فكاهة» حديثه وحبه للناس وطول باله على الزبائن، وأيضاً تمرّسه في المهنة. فهو بات يعرف أيضاً البديل المطلوب، لأن احتكاكه مع الزبون حثّه على معرفة شخصيته وذوقه وانتمائه، إذ إنه يسلّم طلب زبائنه قبل وصولهم إليه أحياناً: «بيجوا لعندي من كل المناطق، فصرت معروف لأني بجيب كل الصحف والمجلات اللي بالبلد». لا يخفي «أبو الزوز» فرحته بزبائنه القدامى أيام كان الإقبال على شراء الصحف ناشطاً، ويقول: «أحد زبائني صديق هاجر إلى البرازيل منذ عشرين عاماً، اتصل بي في أحد الأيام ليخبرني بأنه شاهدني على إحدى محطات التلفزة. ففي القديم، كان البيع جيداً، مما مكّنني من أن أعلِّم أولادي في أحسن الجامعات. أما اليوم، فما في شغل، والبيع لا يتعدى حدّه الأدنى، ولكن بس يصير شي حدث أمني أو شي انفجار بالبلد، بتزيد شوي نسبة البيع».
جوزف منزعج من «الإنترنت» لأنه سبّب له تراجع نسبة مبيع الصحف والمجلات، ويعدّه من أهم الأسباب التي منعت العالم من شراء الجرائد والمجلات: «كان عندي زبون يشتري يومياً جريدتو، وصرلي فترة ما شفتو، إجا اعتذر مني وقال ما بدو بقا يشتري الجريدة لأنو صار عم يشوفها عالإنترنت. فكيف ما بدّي إتضايق، والتلفزيونات صارت في كل مكان، حتى في الدكاكين الصغيرة، وأصبح عند اللبناني عادة سيئة أن لا يشتري جريدة. لا أعرف كيف شعب يتخلى عن القراءة والمطالعة. الإنترنت والتلفزيونات هما السبب في تراجع المستوى الثقافي والمعرفة. لا أستطيع أن أتصور شخصاً لا يقرأ جريدة أو مجلة. لا نكهة في قراءة الصحف على الإنترنت. على الإنسان أن يفلفش بالجريدة ويسمع صوت الورق».