149; «حزب الله» يردّ: كلام معيب وسخيف ويبقي حال التوتر
قبل ثلاثة أيام من اجتماع وزراء الخارجية العرب في القاهرة لبحث الوضع اللبناني، احتدمت المواجهة بين الموالاة والمعارضة على خلفية المواقف الأخيرة للنائب وليد جنبلاط والأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصر الله

مع تجدّد السجال بين عين التينة وقريطم، شنّت «قوى 14 آذار» حملة عنيفة أمس على الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصر الله، مكررة رفضها لمطالب المعارضة، وأبرزها الثلث الضامن في الحكومة المقبلة. فيما أعلنت لجنة المتابعة لأحزاب وقوى المعارضة «أن خياراتها للمرحلة المقبلة على جميع الصعد أضحت جاهزة بما يحقق لها جميع أهدافها ومطالبها الوطنية المحقة».

رئاسة الحكومة و«حقائق حزب الله»

وجاء أعنف الردود على نصر الله من المكتب الإعلامي لرئيس الحكومة فؤاد السنيورة عبر بيان طويل رأى فيه أن نصر الله «كشف حقيقة المشروع الذي يحمله «حزب الله» للبنان والذي يقوم على تغيير كل مرتكزات النظام السياسي نحو نظام سياسي آخر يكون للحزب فيه حق الفيتو أو السيطرة على كل شيء». ورأى أن الحزب «لا مانع لديه من استمرار الفراغ في رئاسة الجمهورية»، معتبراً أن مطالبة نصر الله بعرف جديد يقوم على إقرار مبدأ تشكيل الحكومات حسب النسب التي تتشكل منها الكتل النيابية «مناقض لروح وجوهر الدستور القائم على مبدأ الأكثرية والأغلبية ويطيح كلياً أسس النظام الديموقراطي البرلماني اللبناني ليتجه به نحو النظام الفدرالي»، متهماً «حزب الله» بأنه «يريد من خلال السلاح تغيير أسس النظام اللبناني».
ورأى أن نصر الله «كشف عن عمق التماهي مع سوريا حين اعتبر أن سوريا قد ضحّت في سبيل المعارضة بأنها رفضت المغريات الغربية، فيما الصحيح أن «حزب الله» سلّم سوريا وإيران كل ملف التفاوض»، معتبراً «أن التعطيل الذي أصاب المجلس النيابي فوّت فرصاً كبيرة على لبنان وأدّى إلى تعطيل الاقتصاد والقطاعات الإنتاجية».
وقال البيان «إن السيد نصر الله بات مع كل ظهور يحدد موعداً للبنانيين مع القلق وينذر باستمرار الأزمة»، معتبراً «أن من يريد الشراكة الحقة يبحث عن الحلول الوسط لا عن إعلان الشروط والتمسك بها».

الأكثرية لن تعطي «هدية التعطيل»

من جهته، رد رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط على تلويح نصر الله برفع دعوى قضائية على كل من يتهم «حزب الله» بالتفجيرات التي تحصل في لبنان، فكرّر جنبلاط اتهامه للحزب بالمسؤولية المعنوية عن عمليات الاغتيال وذلك «بسبب تغاضيه عن الشبكات السورية العاملة على الأراضي اللبنانية، ولأن حزب الله لديه جهاز مخابرات قوي استطاع اختراق أجهزة الدفاع الإسرائيلية. فكيف لا يعلم أن هناك مستودعاً من السيارات المفخخة؟».
وفي اتصال هاتفي مع محطة «BBC»، أكد جنبلاط أن الأكثرية لن تعطي «هدية التعطيل (الثلث الضامن) والاستيلاء على الدولة لبشار الأسد والخامنئي وأحمدي نجاد».
بدوره، رأى وزير الشباب والرياضة الدكتور أحمد فتفت أن نصر الله أعاد رفع الحواجز أمام أي تسوية، فيما اعتبر رئيس الهيئة التنفيذية في «القوات اللبنانية» سمير جعجع بعد لقائه في معراب السفير الأميركي جيفري فيلتمان لمدة ساعتين، أن كلام نصر الله «لا يبشر بالخير»، مؤكداً أن «قوى الموالاة لا تخضع لأي مهل أو تهديدات»، وأنّ «المنطق الوحيد المقبول هو انتخاب رئيس جديد للجمهورية». وأعلن أن الموالاة ستضغط خلال الأيام العشرة المقبلة من أجل تعديل الدستور وانتخاب سليمان.
وفي المقابل، وصف عضو «كتلة الوفاء للمقاومة» النائب حسن فضل الله ما ورد في بيان المكتب الإعلامي لرئاسة الحكومة بأنه «معيب»، وسأل أين ظهر في كلام السيد نصر الله أن حزب الله يريد تغيير النظام؟ ورأى أن كلام السنيورة يبقي حال التوتر في البلد، وأشار إلى أن الأخير هو الأكثر استفادة من الفراغ الرئاسي لأنه صادر صلاحيات رئيس الجمهورية، مؤكداً أن «حزب الله» لا يتهم فريق السلطة بالخيانة، «وإلا لكان تعامل مع هذا الفريق كما يتم التعامل مع الخونة في كل العالم». واعتبر النائب نوار الساحلي أن كلام السنيورة عن أن «حزب الله» يريد تغيير النظام بأنه سخيف.

قرار شخصي أو إملاءات خارجيّة؟

كما كانت ردود على النائب جنبلاط، إذ رأى عضو كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد حيدر أن رفض الأول إعطاء المعارضة الثلث المعطل «يؤكد مرة أخرى من يتحمّل مسؤولية تعطيل الوصول إلى حلول». وقال: «لا أدري إن كان قرار جنبلاط شخصياً أم هو نتيجة التزامه بالإملاءات الخارجية لأنه قبل أسبوعين كان مع إعطاء المعارضة الثلث الضامن».
وعن اتهام جنبلاط لـ«حزب الله» بأنه المسؤول معنوياً عن الاغتيالات، رأى حيدر أن «إطلاق الاتهامات جزافاً لا يجوز»، محذراً من أن «هذه الاتهامات ربما تؤدي إلى إشعال فتن داخل الساحة اللبنانية».
ورأى عضو «تكتل التغيير والإصلاح» النائب نبيل نقولا أن «طرح جنبلاط صيغة حكومية على أساس 14-10-6 هو طرح غير جدي»، وخصوصاً أن جنبلاط لم يكن يوماً جدياً في طروحاته»، ودعا البطريرك الماروني نصر الله صفير والمطارنة إلى «الوضوح والإقلاع عن اللغة المبهمة».
وشدد النائب سليم عون على أن «التاريخ لن يرحم الذين يسيرون بحلٍ من دون ضمانات ولن يرحم من غطى وسار في اتفاق الطائف من دون ضمانات، ولن يرحم من لم يعترف بخطئه عندما أتت الممارسة بعد الطائف ودلّت على صوابية ما كنا نطالب به».

تواصل سجال عين التينة وقريطم

ووسط هذه الأجواء الملبدة، نقل الوزير السابق الدكتور كرم كرم عن رئيس المجلس النيابي نبيه بري تأكيده «مبدأ الوفاق، وأنه السبيل إلى العيش المشترك». إلا أن السجال تواصل بين عين التينة وقريطم، فرد عضو «كتلة التحرير والتنمية» النائب علي حسن خليل على رئيس كتلة «المستقبل» النائب سعد الحريري، لافتاً إلى أن بيان الأخير عن نتائج الوساطة الفرنسية ـــــ السورية تضمّن جملة من المغالطات. ورأى خليل أن الحريري عرض «مسرحية قبول المبادرة» التي أعلنها رئيس المجلس النيابي نبيه بري من بعلبك، مذكّراً بمحاولات فريق 14 آذار «لإجهاض» هذه المبادرة إن «عبر محاولة تسويق مشروع الانتخاب بالنصف الزائد واحداً أو تضييع الوقت باستعراضات إعلامية في المجلس النيابي وخارجه».
ورأى أن الحريري حاول «تشويه موقف بري، الذي يؤيد فيه أي مرشح توافقي يحظى بإجماع الكتل النيابية بمن فيهم مرشحو 14 آذار» و«حاول إضافة كلام عن اتفاقات يقصد فيها التشويش على صدقية بري»، مؤكداً أن ترشيح العماد ميشال سليمان لرئاسة الجمهورية من قبل فريق السلطة ما هو إلا «محاولة استغلال سياسي للتهرب من الاتفاقات»، ومشيراً إلى أن بري والمعارضة «لن يصدقوا محاولة الإيهام بأن ترشيح سليمان هو فعل إيمان لدى 14 آذار». ورأى أن الكلام عن عزل سوريا لبري عن المفاوضات هو في إطار الشائعات، موضحاً أن «بري تخلى بإصرار عن التفاوض السياسي نتيجة تهربكم من الاتفاقات حتى الخطية في ما يتعلق بحكومة الوحدة الوطنية والالتزام الشفوي بعدم الحاجة إلى تعديل دستوري».
واتهم خليل فريق السلطة بـ«وضع العوائق أمام انتخاب الرئيس وذلك بتقديم اقتراحات غير دستورية»، مؤكداً أن هذا الأمر «كشف المستور بنية إبقاء حالة الفراغ واستمرار مصادرة صلاحيات الرئيس والضغط من أجل الاعتراف بشرعية حكومة السنيورة وهو ما لن تحصل عليه مهما طال الزمن».
ورد النائب محمد قباني على النائب خليل، معتبراً أن الأخير «أراد، هذه المرة، أن يقوم بدور الناطق الإعلامي باسم وزير الخارجية السوري وليد المعلم لا باسم دولة الرئيس نبيه بري»، ورأى أن رد خليل «لا يلغي حقيقة أن الوزير المعلم قد حدد خريطة طريق بالتصعيد السياسي للأزمة في لبنان وما نسمعه من البعض هو مجرد صدى لهذه الخريطة».

تحذير مصري من الانفجار

على صعيد آخر، قرر مجلس الوزراء بعد جلسة له مساء أمس برئاسة السنيورة، تكليف وزير الخارجية بالوكالة طارق متري ترؤس وفد لبنان الى الاجتماع الطارئ لوزراء الخارجية العرب الذي سيعقد في القاهرة بعد غد الأحد. ويضم الوفد الأمين العام لوزارة الخارجية السفير بسام نعماني، سفير لبنان في القاهرة جلبير عون، ومستشار السنيورة محمد شطح.
وكان السنيورة قد تابع التحضيرات للاجتماع خلال اتصالات هاتفية بكل من الرئيس اليمني علي عبد الله صالح، وبرئيس وزراء قطر الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني، وبوزير خارجية سلطنة عمان يوسف بن علوي.
وكان وزير الخارجية المستقيل فوزي صلوخ قد أوضح أن وزارة الخارجية لم تتسلم أية وثيقة أو تقرير من جامعة الدول العربية يحدد ما سيبحث في الاجتماع، كما نفى علمه بوجود مبادرة مصرية سعودية ستطرح خلال هذا الاجتماع.
من جهته، أوضح وزير الخارجية المصري أحمد أبوالغيط أن الدعوة المصرية ـــــ السعودية لعقد الاجتماع الاستثنائي لوزراء الخارجية العرب جاءت من «منطلق المسؤولية العربية إزاء تدهور الأوضاع الداخلية فى بلد عربي شقيق»، محذراً من السماح لأي تجاذبات داخلية أو خارجية تؤدي إلى تعريض لبنان «للانفجار أو المشاكل»، وشدد على «الأولوية القصوى» لانتخاب رئيس جديد، ومشيراً إلى عدم وجود «اعتراضات حقيقية» على انتخاب العماد سليمان لهذا المنصب.

جدل حول اتفاق الطائف وتعديله

في غضون ذلك، اتسع الجدل الإعلامي حول اتفاق الطائف وثغره. وفي هذا الإطار أكد الوزير فتفت أن «لا مانع من درس التطبيقات الخاطئة للطائف وثغره وأحواله»، لكنه شدد على أن «الحديث في جو أزمة سياسية، عن أمور جذرية، هو افتعال لمشكلة كبيرة في البلد»، متسائلاً «هل من السهولة بمكان قيام طائف جديد فيما اتفاق الطائف الحالي جاء أصلاً بعد مئتي ألف قتيل؟».
كما رفض عضو كتلة «القوات اللبنانية» النائب أنطوان زهرا، طرح أي «طائف جديد» في ظل الوضع الراهن، ورأى أن «أي تطرق الى موضوع اتفاق الطائف أو إلى أي عقد سياسي واجتماعي بهذا الحجم لا يمكن أن يتم في ظل أزمة سياسية وفي ظل إمكان التأثير على المفاوضات من خلال تسلح فريق أساسي من المعنيين بهذا التفاوض».
أما رئيس «تيار التوحيد اللبناني» الوزير السابق وئام وهاب فقد رأى بعد زيارته الرئيس إميل لحود «أن الطائف مات، ويجب أن نعيد تكوين السلطة وأن نعود إلى بحث الكثير من الصلاحيات التي أخذها الطائف، وخصوصاً في موضوع رئاسة الجمهورية».