149; قاسم: فيلتمان خيّر الأكثرية بين الانتخاب بالنصف زائداً واحداً أو بقاء السنيورة
هستيريا مواقف وتهديدات انطلقت أمس من مختلف الأطراف، وشغلت الرأي العام ووسائل الإعلام بسجالات السياسيين ومكاتبهم الإعلامية، وسط مخاوف من أن يكون تعريب الأزمة مقدمة لتدويلها، ورعب من استسهال التلويح بـ«الجماهير»

فيما تتجه الأنظار إلى ما سيصدر عن الاجتماع الاستثنائي لمجلس وزراء الخارجية العرب، الذي سيعقد غداً في القاهرة، وجّهت قوى 14 آذار «مضبطة اتهام» لسوريا والمعارضة، مطالبة بـ«إجراءات رادعة ضد النظام السوري». ولوّح مطلق كلمة السر بترشيح قائد الجيش العماد ميشال سليمان، النائب عمار حوري، باستعمال الشارع ردّاً على تحرك المعارضة.

الاجتماع العربي: اتصالات ومواقف

بفعل «تؤكد»، اتهمت لجنة المتابعة لقوى 14 آذار، إثر اجتماعها في قريطم أمس، سوريا بـ«جرائم وتهريب أسلحة ومسلحين عبر الحدود وتمويل الإرهاب وتعطيل الحياة الدستورية اللبنانية ومؤسساتها وشل مصالح اللبنانيين»، وبحملة مستمرة على الحكومة اللبنانية «ومحاولة إسقاطها بأشكال عنيفة غير ديموقراطية وغير مسؤولة كادت تودي بالسلم الأهلي»، إضافة إلى «استمرار إقفال المجلس النيابي» و«محاولة تعطيل المحكمة الدولية»، وحمّلتها مسؤولية الفراغ الرئاسي «وإفشال كل المحاولات» لانتخاب رئيس جديد.
وبـ«تناشد» توجهت إلى مجلس الجامعة العربية لـ«الضغط لرفع يد النظام السوري عن لبنان ومساعدته على انتخاب رئيس جمهورية توافقي بأسرع وقت»، معلنة تمسكها بترشيح قائد الجيش، ومعتبرة أن «وصوله إلى سدة الرئاسة مدخل طبيعي للدخول في حوار وطني حول كل المسائل».
وبعدما قالت إن ما يواجهه البلد «مشروع انقلاب على السلطة والنظام السياسي واتفاق الطائف بالقوة المدعومة من النظامين السوري والإيراني»، واتهمت المعارضة بتهديد البلد «بالفتنة وبضرب السلم الأهلي»، دعت المجلس الوزاري «إلى حماية لبنان المستقلّ من تخريب النظام السوري وإرهابه المسلط على الاستقرار اللبناني»، ومساعدته «على إنجاز استحقاقاته الدستورية وفي مقدمها انتخاب رئيس للجمهورية».
وأملت من اجتماع القاهرة «الحسم مع النظام السوري ووضع حد لتدخّله في لبنان ووقف سياسة المحاباة حياله، وصولًا إلى إجراءات رادعة في حقه»، معتبرة أن دفاعها عن لبنان الكيان هو دفاع عن عروبته وعن العرب وفلسطين «والتضامن العربي عموماً».
وفي المقابل، نبّه الوزير المستقيل فوزي صلوخ، المجتمعين إلى ضرورة «التواصل الموضوعي والمتوازن مع كل الأطراف اللبنانيين توصلًا إلى حلّ يراعي تطلعات الجميع على قاعدة الوفاق الوطني والعيش المشترك»، محذّراً من أن «أي إقحام لآليات دولية خارجة عن هذه المعايير من شأنه إدخال عناصر جديدة على الأزمة باتجاه تعقيدها».
وكان الاجتماع الوزاري العربي، محور اتصالين تلقّاهما رئيس الحكومة فؤاد السنيورة من الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى ووزير الخارجية الإماراتي عبد الله بن زايد آل نهيان، وآخرين أجراهما مع وزيري خارجية السعودية سعود الفيصل والمصري أحمد أبو الغيط. إضافة إلى اتصال أجراه نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبد الأمير قبلان بموسى.
وأمس شهدت الرابية حركة بارزة، لم يرشح عنها شيء، حيث التقى النائب ميشال عون، المعاون السياسي للرئيس نبيه بري النائب علي حسن خليل، ثم السفير الأميركي جيفري فيلتمان فالمصري أحمد فؤاد البيديوي.
وبينما نفى المكتب الإعلامي للنائب سعد الحريري خبراً إعلامياً عن لقاء بين بري والحريري الذي «لا يزال في الخارج»، ذكر أنه سيلتقي الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي يوم الثلثاء المقبل «على الغداء».

ماذا قال فيلتمان لشخصية لبنانية بارزة؟

في المواقف، كشف نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم أن شخصية لبنانية بارزة اجتمعت منذ نحو شهرين مع السفير الأميركي «ونُقل لنا الحوار الذي جرى بينهما من خلال طرف ثالث. وكان فيلتمان يقول إنه أخبر جماعة 14 شباط بأنهم أمام خيارين لا ثالث لهما: إما الانتخاب بالنصف زئداً واحداً، وإما إبقاء حكومة السنيورة. وعندما سأله لكن أليس من الأفضل أن نفتش عن طريقة معينة حتى يأتي النائب سعد الحريري على رأس الحكومة، قال فيلتمان: نحن نفضّل أن يكون فؤاد السنيورة وألّا يكون سعد الحريري على رأس الحكومة، لكن لا نستطيع أن نخطو هذه الخطوة إذا جرت الإجراءات العادية. ولذا فمن الأفضل أن يكون الوضع مستمراً بإدارة حكومة السنيورة ولو طال الأمر إلى الانتخابات النيابية المقبلة، على قاعدة أنه مضمون وأن النائب سعد الحريري ليس له قرار مستقر».
وتوجّه قاسم إلى الأكثرية بالقول: «إذا كان هذا الكلام غير صحيح فبادِروا غداً إلى انتخابات حتى يكون هناك رئيس للحكومة وحتى تتغير المعادلة».
وفي موقف لافت، أكد وزير الاتصالات مروان حمادة في مقابلة مع قناة «العربية» أن قوى الأكثرية «لا تخشى الذهاب إلى انتخابات نيابية مبكرة»، مشيراً إلى «إمكان حدوث ذلك خلال السنة الجارية»، لكنه استدرك موضحاً أنه «في ظل عدم انتخاب رئيس جمهورية وتعطيل البرلمان ووجود حكومة استقال منها الوزراء الشيعة، بالاضافة إلى انتشار أكثر من 30 ألف صاروخ (لحزب الله) لا يمكن الحديث عن إجراء انتخابات مبكرة»، مشدداً على وجوب أن يسبق هذا الموضوع انتخاب قائد الجيش العماد ميشال سليمان رئيساً للجمهورية ثم تعديل قانون الانتخابات.
سجالات حول البطريرك و«المصادر الحكومية»

ومن بكركي سأل النائب روبير غانم: «كيف يمكن التيار الوطني الحر أن يتفاهم ويصدر وثيقة مع حزب الله الذي يرأسه السيد حسن نصر الله، وهو رجل دين نحترمه، ويمنع على غبطة البطريرك تعاطي السياسة».
وردّ النائب نبيل نقولا على غانم بالقول: «إما أن يكون البطريرك صفير رجل دين ولا يتدخل بالسياسة وإما أن يكون رجل سياسة ويقبل بشروطها فينتقِد وينتقَد». وأوضح أن التعاطي مع نصر الله «مبنيّ على أساس أنه رئيس حزب وزعيم كتلة نيابية، لا على أساس موقعه الديني».
وردّاً على «بيان المصادر الحكومية»، صدرت جملة مواقف عن شخصيات في المعارضة، أبرزها للنائب حسين الحاج حسن الذي وصف رئيس الحكومة فؤاد السنيورة، بـ«مغتصب السلطة» و«دولة الحاكم بأمر عوكر»، وخاطبه: «حلفاؤك الأميركيون هم صنّاع الفتن، وكثير من قوى ما تسمّونه أكثرية هم منفّذو الفتن، واللبنانيون يعرفونهم جيداً، في إداراتهم المدنية، وحالاتهم الحتمية، ومجازرهم المتنقلة»، مضيفاً: «هل تستطيع مصادرك أن تذكر لنا أسباب زيارة ديفيد ولش لكم مرتين في خلال أسبوع واحد وفي إحداها مع اليوت أبرامز؟».
ورأى النائب السابق ناصر قنديل، في «كتابة» البيان «البصمات الأميركية وجهد جوني عبدو». وعزا الحملة على كلام الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصر الله إلى «ذهاب صفقات الخلوي»، واتّهم الحكومة بأنها طلبت من إسرائيل تجميد التفاوض حول موضوع الأسرى، قائلاً إن الوزير طارق متري «حمل رسالة إلى (وزيرة خارجية العدو تسيبي) ليفني لتجميد التفاوض»، واتهم النائب وليد جنبلاط بأنه «وضع كل ثقله في واشنطن لمنع الإفراج عن سمير القنطار». وردّاً على ذلك، أصدر المكتب الإعلامي في رئاسة مجلس الوزراء بيانين، علّق في أولهما على «الحملة الشاملة التي تستخدم الشتائم والسباب والاتهامات والتجريح والتخوين من كل الأصناف والأنواع»، متوجهاً إلى نصر الله «الذي ما زلنا نعتقد أنه لا يقرّ هذا الأسلوب في التخاطب والتعامل والردود»، بالقول «إن هذا الأسلوب لا يخدم قضية المقاومة ولا صورتها ولا مستقبل علاقاتها الداخلية مع الأشقاء في الوطن»، تاركاً لتقديره «معالجة هذا الانفلات». وتضمّن البيان الثاني ردّاً مقتضباً على قنديل، اكتفى بالقول فيه إن ما ذكره عن طلب تجميد مفاوضات الأسرى ورسالة متري «لا أساس له من الصحة، وهو مختلق جملة وتفصيلاً».

تحرّكات الشارع بين الفعل ورد الفعل

وبرز أمس موقف للنائب حوري، استبق فيه تحركات المعارضة بالقول إن من «واجب القوى الأمنية قمع أي محاولة لإلغاء الحياة الطبيعية في البلد، سواء احتلال شوارع أو ساحات عامة»، مضيفاً: «لن نقف مكتوفي الأيدي ونتفرج على من يحرق البلد، من يود أن ينتحر فلينتحر وحده. جماهيرنا ليست جميعها خريجة «أوكسفورد» و«كامبردج». جزء لا بأس به منها يحسن التعاطي مع حالات الغوغاء التي يحاولون ان يوصلوا البلد اليها، لذا عليهم ألا يلعبوا بالنار». ودعا الى «إجراءات تأديبية ومن دون رفة جفن» في حق أي موظف لا يلتزم بأوامر الحكومة.
وفي المقابل، قال رئيس تيار المردة سليمان فرنجية: «لا نخاف من الحرب إذا اضطررنا لها»، مضيفاً: «إذا وصلنا الى هذه المرحلة فليس للمعارضة شيء تخسره، أما هم فلديهم الكثير ليخسروه». ورأى أن سياسة البطريرك الماروني «لا تنسجم مع قناعة المعارضة وسياستها، فهي أقرب الى المجتمع الدولي».
لكن مسؤول العلاقات السياسية في التيار الوطني الحر جبران باسيل، أكد أن تحرك المعارضة سيكون سلمياً، وقال: «يمكننا استخدام وسائل مدنية كثيرة لم نلجأ إليها في السابق لأننا حتّى اليوم لم نستخدم إلا الاعتصام، وأؤكد أننا قادرون على التحكم بشارعنا». ورأى أن رئيس الهيئة التنفيذية للقوات اللبنانية سمير جعجع «يشكل جزءاً صغيراً جداً من المشكلة القائمة مع من يغتصب حقوقنا، وهو قابل بذلك ولا أعرف مقابل ماذا». وإذ ردّت الدائرة الإعلامية في القوات، متهمة باسيل بـ«تزوير الحقائق»، حذر جعجع أمام زواره في معراب، المعارضة «من وجود حد أدنى من الدولة ولا تنقصنا الإرادة ولا المعنويات السياسية ولا أيضاً حبنا للبنان، هذا الى جانب أن الجيش والقوى الامنية لا يتلكأون عن القيام بمهمّاتهم وتحمّل مسؤولياتهم».
وفي ظل هذا الوضع، أهاب منبر الوحدة الوطنية بالجميع «التعقل والتروي الى أبعد الحدود عند التفكير في أي تحرك في الشارع أو في أي رد مضاد»، لافتاً الى أن «المصير الوطني في الميزان، والوحدة الوطنية على المحك». ورأى أن المانع للتلاقي والحوار قد يكون فقدان معظم الساسة «الإرادة، بفعل استتباعهم للخارج».
وشدّد رئيس «حركة الشعب» نجاح واكيم، في مؤتمر صحافي عقده في حضور أعضاء من التجمع الوطني الديموقراطي، على أهمية الإصلاح السياسي، معلناً أن التجمع قرر صوغ إعلان مبادئ ودعوة سائر القوى والفاعليات السياسية والنقابية للعمل في ضوئها، و«وضع خطة عمل تلحظ توظيف طاقات الشعب، وخصوصاً الشباب في عملية الإصلاح والإنقاذ».