strong>ديما شريف
قد لا يُعدّ الدكتور نورمن فنكلستين من بين الكتّاب الأكثر شهرة في لبنان، وخصوصاً بين الفئات العمرية الشابة، لكن المؤتمر الصحافي الذي عقد أمس في مقهى تاء مربوطة في الحمرا لإطلاق نشاطات زيارته إلى لبنان جذب عدداً من الشباب الجامعي إلى جانب المثقفين والصحافيين.
معظم هؤلاء الشباب لم يقرأوا لنورمن فنكلستين من قبل، لكنهم يعرفون قضاياه مع سائر إدارات الجامعات التي علّم فيها من قبل، ومشاكله مع زملائه من المفكرين الذين يضعونه في الخانة نفسها مع نعوم تشومسكي، كيساري أميركي يهودي غير صهيوني. وقد بدا الشباب مطّلعين على موقف فنكلستين من الصراع العربي ــــــ الإسرائيلي، ووقوفه ضد قرار الحرب على العراق، وإدانته الشديدة للحرب الإسرائيلية الأخيرة على لبنان في تموز 2006.
يتأبط التلميذ في الثانوي الثاني جون جحا (17 عاماً) كتب فنكلستين، طمعاً في الحصول على توقيعه. جون كان أصغر الموجودين وأكثرهم حماسة، ويقود إعجابه الكبير بالمفكر إلى متابعة ما يعرض لفنكلستين على موقع اليوتيوب.
لم يحضر جون لأنه مهووس بفنكلستين فحسب، بل لأن المواضيع المطروحة تهمه مثل الصراع العربي ــــــ الإسرائيلي وقضايا المنطقة. ويضيف: «من المثير للاهتمام أن يأتي يهودي أميركي إلى لبنان، عانى أهله في المخيمات النازية ويتكلم في هذه المواضيع الأساسية للمنطقة. بالتأكيد سيكون له تأثير على اللبنانيين الموجودين في المقلب الآخر أي هؤلاء المشكّكين».
كذلك يرى جون أن فنكلستين المصنف يسارياً في الولايات المتحدة لن يستطيع الوصول إلى أكبر قدر ممكن من الجمهور الأميركي لإيصال ما شاهده في لبنان بسبب هذا التصنيف، ولكن بالتأكيد سيتمكن من إفادة لبنان ولو عبر التأثير في مجموعة صغيرة من الناس».
أمّا حسام عباس، الطالب في جامعة أريزونا، الذي يمضي عطلة الأعياد في لبنان، فحضر المؤتمر الصحافي لأن المواضيع التي يطرحها فنكلستين تهمه بشكل عام، فهو سمع عنه سابقاً ولكن لم يقرأ له أي كتاب. يقول حسام إن السياسيين والمفكرين في بلدنا لا يملون من إعطاء النظريات، فيما نحتاج إلى وقائع وهذا ما يقدمه فنكلستين وغيره ممن يأتون إلى لبنان مثل نعوم تشومسكي. ويضيف: «القضايا التي يتحدث عنها فنكلستين تؤثر في احتمال عودتي إلى لبنان بعد انتهاء الدراسة، كما تؤثر في حياة عائلتي في لبنان». ويرى حسام أن مفكرين كهؤلاء يمكن أن يساهموا في توعية الجمهور الأميركي بعد عودتهم إلى بلادهم «عما يحصل فعلياً عندنا».
من جهتها، سارة جونسون، الطالبة الأميركية التي تتابع دراساتها العليا في الجامعة الأميركية في بيروت في اختصاص «الدراسات الشرق أوسطية»، هي أيضاً لم تقرأ لفنكلستين من قبل، لكنها تابعت قضيته العام الماضي مع جامعة «ديبول» التي كان يدرّس فيها، وتتابع منذ ذلك الوقت تصريحاته ومشاكله مع المفكرين الذين يختلف معهم.
وتقول: «أحببت أن أتابع نشاطاته في لبنان لأن ذلك يندرج ضمن اهتماماتي الدراسية».
وكانت مجلة «الآداب»، نادي «الساحة» و«حملة المقاومة المدنية»، قد نظمت أمس مؤتمراً صحافياً مشتركاً في مقهى «تاء مربوطة» في الحمراء، لمناسبة زيارة فنكلستين إلى لبنان، تلبية لدعوة مركز الأبحاث والدراسات في الجامعة الأميركية.
وألقى رئيس تحرير مجلة «الآداب» سماح ادريس كلمة أشار فيها إلى الأخطاء الشائعة التي يحرص فنكلستين على فضحها في الولايات المتحدة، بعدما وثق بأن ما يدفع أميركا إلى شن تلك الحروب الإجرامية هو مصالح أميركية في الأساس، وطموحات أفراد وشركات معينة في الولايات المتحدة، وإن لم يغفل دور اللوبي اليهودي المؤيد لإسرائيل في التشجيع والتحريض.
وقال: «إن وجود فنكلستين بيننا مثال على أن الصراع الدائر بين الوطن العربي والولايات المتحدة ليس صراع حضارات، ولا صراع إثنيات أو أديان، بل هو صراع بين مستعمِر ومستعمَر، من دون أن يعني ذلك أن بعض المفاهيم التي تتبنّاها قوى المقاومة في البلد المستعمَر غير قابلة للتعديل والنقد».
من جهته، استعرض فنكلستين الحروب الوحشية التي نشبت في المنطقة وتتحمل الولايات المتحدة الأميركية مسؤولية أساسية عنها وهي «الحرب غير الشرعية» على العراق في آذار 2003 وعدوان تموز 2006، والحصار على الشعب الفلسطيني من طرف اسرائيل بتواطؤ صامت من المجتمع الدولي. ومن المقرر أن يزور فنكلستين الضاحية الجنوبية وقانا وبنت جبيل وشاتيلا ومخيمي نهر البارد والبداوي.
(مقابلة مع فنكلستين ص 15)