ليال حداد
لا يجد الملل طريقاً إلى سليم مزهر. فبين إدارة الأعمال والفنّ واللغات، يعيش حياته التي يصرّ على الاستمتاع بها إلى الحدود القصوى


يتكلّم سليم عن تفوّقه في الدراسة من دون تصنّع، فهو لا يتّبع طريقة سحرية في الدرس، ومع ذلك استطاع التفوّق في كلّ المجالات التي خاضها، «أنا كتير ذكي» يقول ضاحكاً.
يسرد سليم تفاصيل حياته بحماسة، فالمهم هو أن يستمتع بكلّ ما يقوم به. حاز إجازتين، واحدة في التمويل وأخرى في التسويق، بتفوّق، من كلية العلوم الاقتصادية وإدارة الأعمال ـــــ الفرع الثاني في الجامعة اللبنانية. «أحببت كل ما له علاقة بإدارة الأعمال، وأنا اليوم أعمل في هذا المجال».
إلا أنّ طموح سليم لم يتوقّف عند حدود إدارة الأعمال، إذ يعترف بأنّ اختياره للاختصاص جاء نتيجة جهله بوجود اختصاصات أخرى كالمسرح والتمثيل وغيرهما من المجالات الفنية. فهو يحبّ الفنّ على أنواعه، وقد كان يطمح إلى دخول مجال التمثيل منذ طفولته، «بس خالي قلّي إنسَ هالاختصاص لأنو ما بيطعمي خبز».
نسي سليم الاختصاص الذي أحبّ، عشرين عاماً، إلى أن قرّر في أحد الأيام أن يترك عمله في مجال المحاسبة، «لم أكن أريد أن أمضي عمري كله وراء المكتب». اتصل سليم بإحدى صديقاته في معهد الفنون، وكان التسجيل لمباراة الدخول قد انتهى، فأخذ رقم المدير واتصل به واستطاع إقناعه بتسجيله في المباراة. إلا أن الحظ السيّئ ظلّ يلاحقه، فتوفي جده قبل الامتحان بيوم واحد. لم يذهب سليم إلى الدفن، وخضع للمباراة رغم معارضة والدته الشديدة له، وحاز المرتبة التاسعة من بين أكثر من مئة طالب.
قضى سليم سنة يتيمة في معهد الفنون الجميلة ـــــ الفرع الثاني، «لم أكن أملك الشجاعة لترك عملي بسبب مردوده الجيّد، لكنني أردّد دائماً أن السنة التي قضيتها في اختصاص المسرح كانت أجمل سنة في حياتي. وقد اقتنعت أمي أخيراً بالاختصاص بعدما تبوّأت المرتبة الثانية في الصفّ، وشجعتني على المتابعة». وخلال هذه السنة، شارك سليم في مسلسل «حلم آذار»، مع الكاتب مروان نجّار، فيما كان يحضّر لمسلسلين توقّفا بسبب عدوان تموز.
إلى جانب المسرح والاختصاصات المالية، يدرس سليم اللغة الإسبانية في المركز الثقافي الإسباني، ويتعلّم الغناء الحديث في المعهد الوطني العالي للموسيقى، «لدي مشاريع عدة، فخلال خمسة أشهر عليّ أن أنظّم حفلي الموسيقي الخاص. أحب أن أغني لزكي ناصيف، وفيروز، وداليدا وخوليو وشارل أزنافور».
لا وقت فراغ في حياة سليم إذاً. فإلى جانب العمل والدراسة، يقضي وقته في النشاطات الثقافية، ويشارك في محترفات للتمثيل ليلاً، كما أنّه متطوّع في إحدى الجمعيات الخيرية العاملة في المخيمات والقرى الفقيرة.
لكن حماسة سليم وتفوّقه لم يولدا عند دخوله الجامعة. ففي المدرسة كانت نشاطاته لا تنتهي، إذ شارك في مسابقة للأفلام القصيرة عن موضوع الطائفية، وحاز فيلمه «لولا التفاصيل» جائزة لجنة التحكيم. كما أنّه كان مندوب ملحق «نهار الشباب» في مدرسة زهرة الإحسان. ومثّل لبنان في مهرجان الطلاب الفرنكوفونيين في فرنسا. وفي خضمّ كل هذه النشاطات، لا يفهم سليم كيف يمكن لشاب أن يقول إنه يضجر، «كل يوم أتشاجر مع أخي وأختي بسبب قلة نشاطاتهما، فهما حتى الساعة لم يشاهدا فيلم سكّر بنات!»
لا ينكر سليم أن سرّ هذا النجاح يعود بشكل أو بآخر إلى والديه اللذين وقفا إلى جانبه في كل المراحل، وخصوصاً في المدرسة. «في كلّ مرة كنت أتشاجر مع الأساتذة أو المسؤولين في المدرسة تقف أمي وأبي إلى جانبي ويدعمانني في كل ما أقوم به».