نعمت بدر الدين
قالت دوائر دبلوماسية عربية إن فرص نجاح المبادرة العربية ضئيلة جدّاً، متسائلة عن «الجديد الذي ستقدمه هذه المبادرة بشخص الأمين العام عمرو موسى ويختلف عن المبادرات العربية السابقة عموماً والمبادرات الفرنسية خصوصا؟». وقالت إن الفرنسيين حاولوا تدعيم مبادرتهم بتسهيل الأجواء لها، فأخذوا تفويضاً أميركيا لضمان عدم العرقلة، كذلك حظوا بدعم الاتحاد الاوروبي، وحاولوا التواصل مع مختلف الأطراف اللبنانية،إلا أنهم فشلوا نتيجة استبعادهم النائب ميشال عون من التفاوض معتبرين أنه لا يمثل المعارضة التي ظنوا أنها تختبئ خلفه، وأن «المعارضة الشيعية» هي من يجب الضغط عليها.
وحمّلت باريس دمشق المسؤولية عن عدم التأثير في فريق المعارضة الشيعي، لكنها رغم إدراكها قدرة السعودية على التأثير في 14 آذار عبر النائب سعد الحريري، تجنبت تحميل السعودية أية مسؤولية على اعتبار أن العلاقة بينها وبين المملكة خط أحمر.
وتساءلت الدوائر: «إلا مَ تحتاج المبادرة العربية اليوم لتنجح؟ وعلى ماذا تعتمد؟ على مزيد من التسهيلات الأميركية «الأكثر صدقاً» من التفويض الأميركي للفرنسيين؟ أم على دعم أوروبي أكبر؟»، وقالت إن الجديد الوحيد الذي تحمله هذه المبادرة نص أبدلت فيه «السلّة بالخطة»، وضغط معنوي أكبر على سوريا، بيد أنه لا يزيد على ما احتوته المبادرة الفرنسية التي فشلت بعد إلاحباط الفرنسي الذي بلغ ذروته من رأس الهرم الى أخمصه سياسياً ودبلوماسياً، وقد قبل الفرنسيون طوعاً بتقديم «الجمل بما حمل» إلى الجامعة العربية.
وأضافت الدوائر أن اتصالاتها مع فريقي الأكثرية والمعارضة تظهر أن الطرفين لا يزالان كلّ على موقفه المؤيد ترشيح قائد الجيش العماد سليمان، وأن القلق المصري من أن يكون أحد أطراف المعارضة تخلّى عن ترشيح سليمان تم الرد عليه بأن «المعارضة لن تقبل بأي موقف لا يترافق مع تقديم ضمانات».
وتساءلت المصادر عن نوع التعهدات التي قدمتها كل من سوريا والسعودية وقطر الى موسى وهي التي لم تقف يوماً في وجه أيّ من المبادرات السابقة، حتى تكوّنت لديه هذه الأجواء الايجابية وأعطته بريق أمل جعله يعود الى لبنان بعدما كان قد نفض يده من أزمته.
في هذا الإطار ربطت مصادر عربية نجاح المبادرة بتجنّب ما وقعت فيه المبادرة الفرنسية من أخطاء أبرزها عدم التفاوض مع عون وحصر المعارضة بالقوى الشيعية، وتحميل سوريا المسؤولية.
وقالت إن على أصحاب المبادرة «الانتباه جيداً إلى الموقف السعودي ومدى جديته، لكون السعودية لاعباً اساسياً على الساحة اللبنانية»، وتساءلت: «هل أدرك من يريدون إنجاح المبادرة العربية الجديدة أن عون ليس ورقة ضغط في يد سوريا وأنه مفوض المعارضة الحقيقي؟»، ولفتت إلى أن الدبلوماسيات العربية عموماً، والمصرية خصوصاً، حاولت منذ البداية العمل على إيجاد تسوية للأزمة، عبر ترشيحها للعماد سليمان والحديث عن السلة المتكاملة التي أبدلت بعدما طرحها السوري بـ«الخطة المتكاملة»، وختمت: «هل ينجح موسى في إقناع الأكثرية بتقديم التنازلات المطلوبة التي ترى أنها قدمتها بقبولها ترشيح سليمان؟ وماذا ستقدم السعودية للبنان؟».
وختمت المصادر: «الجامعة العربية قد تتورط مجدداً في المستنقع اللبناني الذي لن يكون الخروج منه هذه المرة بمجرد مبادرة تحمل اسماً جديداً ومضموناً مستنفداً»، ولفتت إلى أن اطراف الأزمة قبل وصول موسى بدأوا بالتنازع على تفسيرها كل لمصلحته، وأن الدخول في لعبة الحصص دوّامة غير معروفة المخارج.