strong>غسان سعود
• مفاجأة تنتظر الجميّل ومصالحات متعثّرة وتجاذبات ستتضاعف يوماً بعد يوم

تتميّز «الكتائب» عن الأحزاب المسيحية الأخرى بديموقراطيتها، لكن ما يحصل ضمن جدران الصيفي لا يتعدى التمثيلية الانتخابية. إذ أن العنوان الديموقراطي يثير بلبلة تصل إلى حد الصخب عند بدء أهل باب بكفيا العالي استعراض الأسماء ومصالحة هذا على حساب ذاك

ينتظر الرئيس الأعلى لحزب الكتائب أمين الجميّل مفاجأة كبيرة في الانتخابات الحزبية التي يبدأ الكتائبيون اليوم الإعداد الفعلي لها. فمع فتح باب ترشح المندوبين في المناطق بدأت تتبلور عند مجموعة كتائبية صغيرة خطة عنوانها الحفاظ على الديموقراطية الحزبية، هدفها زعزعة ترشح الجميّل لرئاسة الحزب وإحراجه، وبطلها محام كتائبي مغمور «يحتفظ بالأوراق المناسبة للوقت المناسب». وينتظر أن تثير هذه الخطوة بلبلة وتعيد رسم خطوط التماس بين الكتائبيين، وخصوصاً أنها ستترافق مع حملة إعلامية منظمة تشكك بجدوى استمرارية التجربة الجميليّة من جهة، وتعترض على الإفراط في تسليم الكتائب لأمر سامي أمين الجميّل.
علماً بأن الجميّل الأب يجهد في محاولة جديدة للمِّ شمل الحزبيين المستائين، ويضع نصب عينيه مجموعة من الكتائبيين العريقين، الذين سيؤمنون لسامي، بحسب بعض المطلعين، مظلة تقيه الانتقاد المستمر بسبب حداثة السن وقلّة الخبرة. ويتقدم هؤلاء الكتائبيين رئيس المعارضة الكتائبية إيلي كرامة وعضو لقاء المصالحة والتصحيح إدمون رزق اللذان سيتكفلان، وفق مقربين من الجميّل، مع النائب الثاني لرئيس الكتائب جوزف أبو خليل إضفاء الخبرة على الهالة التي يريد الجميّل الأب لابنه أن يحظى بها.
ويقول المتابعون إن كرامة موافق كلياً على العودة إلى صرح الصيفي ويكاد يشارك أبو خليل الإعجاب الشديد بسامي والثقة بقدرته على «القفز بالحزب إلى حيث يطمح كل كتائبي». فيما أكد رزق تواصله مع كل «الرفاق» وارتباطه بعلاقة وديّة بمعظمهم، وتمنيه توافق الكتائبيين ولكن دون أن يشارك بنفسه «في الجَمعة العزيزة». ورأى رزق أن الحزب يعاني اليوم نتائج الأداء المتعاقب منذ أواسط السبعينات. والحل يبدأ بإعادة تقويم كل ما حصل خلال المراحل الماضية، علماً بأن بعض المحيطين بالجميّل يقولون إن حاجة الأخير لرزق تتخطى الدعم المعنوي لسامي وترتبط بملء الفراغ الكتائبي في جزين، الناتج من استقالة رشاد سلامة، الذي يزداد تأثيره السلبي، يوماً بعد يوم، بالنسبة لدور أمين وسامي الجميل في الكتائب. وعن سلامة، يقول الكتائبيون إنهم فوجئوا بذهابه أبعد من الرئيس السابق للكتائب كريم بقرادوني سواء في ما يتعلق بامتداح حكمة المعارضة أو بقطع خطوط التواصل مع معظم الكتائبيين المحسوبين على الجميّل. وفي المقابل، يرى أنصار سلامة أنه أثبت صدقيته وشجاعته عبر جهره بقناعاته ورفض تبديل لغته إرضاءً لهذا أو ذاك.
وعلى صعيد المصالحات الكتائبية ـــــ الكتائبية التي تكررت عشرات المرات دون جدوى في السنوات القليلة الماضية حتى استحقت، وفق أحد قدامى الكتائبيين وصف «الخيمة التي كيفما رقعتها تنفختْ»، يستغرب أحد أهل الصيفي عدم حماسة الرئيس الأعلى لدق باب رئيس لقاء المصالحة والتصحيح منير الحاج، رغم الإيجابية الكبيرة التي أبداها الأخير في انتخابات المتن الفرعية.
ويرى الحاج أن تجاهل الجميّل لكتائبيين عريقين سببه الرغبة بتنظيم حزب على مقاس أشخاص لا على مقاسه التاريخي، والدليل وجود أكثر من 90% من الكتائبيين خارج الحزب، مبدياً أسفاً لتجاهل الجميّل المشروع الذي قدمه «المصالحة والتصحيح» لتوحيد الحزب فعلياً بخطة من خمس نقاط: أولها، إجراء مراجعة تاريخية وتقويم ماضي الحزب. وثانيها، توحيد خطاب الكتائبيين فلا يبقى كل يغني على ليلى الكتل الناخبة في منطقته. أما ثالثها، فإقرار نظام ديموقراطي حزبي، إذ لا يمكن حزباً غير ديموقراطي أن يؤدي وظيفته في نظام ديموقراطي. ورابعها، وضع رؤية للمستقبل، تمهيداً لتهيئة المسؤولين البدلاء، مؤكداً أن بعث الحياة في الحزب لا يكون عبر شباب تجعلهم الخطابات الغرائزية سلفيين.
ورداً على سؤال عن رأيه في تولي سامي الجميل المزيد من المسؤوليات في الحزب، يقول الحاج إنه لا يريد التعرض لأحد شخصياً «لكن الإنسان لا يخلق قائداً، والقيادة مزيج من علم وكفاءة، ولا يكفي أن يخرج الطفل «من بطن معين» ليكون زعيماً». وبحسرة يتابع الحاج أن المطلوب تغيير الذهنية لخلق طبقة سياسية تخرج اللبنانيين من الماضي، وخصوصاً أن السياسيين الحاليين وأبناءهم، لا يترددون في التوغل في هذا الماضي رغم النتائج السلبية التي يقدمونها، لافتاً إلى أن عهد بيار الجميل وكميل شمعون لا يمكن مقارنته بعهد أمين الجميل ودوري شمعون، ويفترض التأمل في ما ستكونه الأمور في عهد سامي الجميل وكميل شمعون (الحفيد).
من جهة أخرى، يتخوف بعض الكتائبيين أن تخرج الأمور عن سيطرة الجميّل قبل 17 شباط (موعد المؤتمر الاستثنائي المقبل) وخصوصاً أن التجاذبات تزداد بين الكتائبيين، ويبدي بعض المقربين من رئيس الأقاليم ميشال مكتف امتعاضاً من تهميشهم يوماً بعد يوم. وآخر الأدلة لائحة الأعضاء الستة، المعفيين من المهل، الذين سينتخبهم مكتب الكتائب السياسي، وهم: سامي الجميل، رلى كساب، جوني صفير، ألبير كوستانيان، يمنى الجميل وميشال مكتف، حيث أعطي سامي أربعة أعضاء (أول أربعة أسماء)، فيما لم يسمح لمكتف بأن يصحب إلى المكتب السياسي ولو عضواً واحداً من أصدقاء الشهيد بيار الجميل.

المؤتمر
بالأسماء


يجتمع في 17 شباط المقبل 425 كتائبياً يشكلون الهيئة الناخبة التي ستنتخب رئيساً، نائبي رئيس، 16 عضواً للمكتب السياسي، 5 أعضاء للجنة العليا للرقابة الماليّة، و6 أعضاء لمجلس الشرف. ويتولى هؤلاء مسؤولياتهم في 17 آذار المقبل. ومع حسم البعض أمر الرئاسة للجميّل (رغم تشكيك أصحاب «المفاجأة المنتظرة»)، يرشح البعض أن يكون إيلي كرامة نائباً أول للرئيس أو جوزف أبو خليل نائباً ثانياً، أو يكون أبو خليل رئيساً أول والزميل سجعان قزِّي نائباً ثانياً. ويتخوف بعضهم من اضطرار الجميل لإعطاء المقعد المتوقع لساسين ساسين في المكتب السياسي إلى إيلي قرداحة بهدف إرضائه. وسيدخل إلى المكتب السياسي رفيق غانم ابن بلدة بسكنتا، إضافة إلى جورج أو جان شرف. ويتوقع أن يكون لفريق بقرادوني سابقاً 3 أعضاء على الأقل في المكتب السياسي، هم: بيار بعقليني، جهاد بقرادوني، والنائب السابق جورج كسّاب.