سن الفيل ــ راجانا حمية
إلى الآن، لا يزال العدد الرسمي لإصابات فيروس نقص المناعة «الإيدز» في لبنان قيد البحث، فـ 1056 إصابة المبلّغ عنها لدى البرنامج الوطني لمكافحة الإيدز في وزارة الصحّة العامّة لم تثبت فعليّاً، إذ تؤكّد التقديرات الأوّلية في الوزارة أنّ عدد الإصابات المحتمل وجودها تتأرجح ما بين 2500 و3000 إصابة. ولعلّ السبب أو الأسباب التي تدفع الوزارة، كما يشير ممثّل وزير الصحّة الدكتور مصطفى النقيب، إلى التشكيك في الرقم المبلغ عنه هو أنّ التقارير التي تُجرى في هذا الإطار تلحظ سنويّاً ارتفاعاً واضحاً في عدد «متعاطي» المخدّرات ولا سيّما بين فئات الشباب، سواء عن طريق الحقن أو المثليين الجنسيين أو عاملات الجنس، وكذلك «الرعب» الذي يثيره هذا المرض بين المصابين، الأمر الذي يدفعهم إلى التكتّم على أوجاعهم من دون الإبلاغ عنها خوفاً من «وصمة العار» التي قد يواجهون بها.
وفي هذا الإطار، وتحديداً من أجل إلغاء وصمة العار تلك تجاه المتعايشين مع الإيدز ووضع إستراتيجية الحدّ من مخاطر استعمال المخدّرات، بدأت جمعية العناية الصحّية، أمس، ورشتها التدريبيّة الإقليميّة، بالتعاون مع منظّمة الصحّة العالمية. وقد رافق اليوم الأوّل من الورشة مناقشة مسوّدة إعلان بيروت لحقوق وواجبات المتعايشين مع فيروس الإيدز التي شارك في وضعها مصابون ينتمون إلى مجموعة دعم المتعايشين مع الفيروس في الجمعيّة. وتهدف المسوّدة الأوّلية، التي عملت على مناقشتها 17 جمعيّة أهليّة، إلى احترام حقوق المتعايشين والتزام القطاعات كافّة الأهلية والرسميّة بحمايتها، وإزاحة وصمة العار، إضافة إلى تفعيل دور وسائل الإعلام في حملات التوعية. على أنّ يلي هذه المناقشة تعديل بعض الفقرات في الورقة التي تحوي 11 بنداً والدعوة إلى مؤتمرٍ لإعلانها ورقة وطنيّة، بمشاركة باقي القطاعات المعنيّة.
وبالعودة إلى ورشة العمل، دعا المدير العام لجمعيّة العناية الصحّية الدكتور إيلي الأعرج إلى أنسنة القوانين واعتماد استراتيجية شمولية تقارب موضوع الإدمان «فمن حقّ المدمن علينا أن نعامله بصفته الإنسانية وأن نتعامل معه لتقوية قدراته على اتّخاذ القرارات السليمة من أجل تأمين عودته واندماجه في المجتمع».
وإذ لفت ممثّل منظّمة الصحّة العالمية الدكتور حسن أبو زيد إلى أنّ عدد إصابات الإيدز تخطّى 670 ألف حالة في نهاية عام 2006 على مستوى إقليم شرق المتوسط، إلاّ أنّه أشار، في الوقت نفسه، إلى أنّ معدّل انتشار الإيدز في لبنان ومعظم دول الإقليم لا يزال منخفضاً. وفي ما عدا ذلك، وصلت دول أخرى إلى درجة انتشار معمّم للفيروس، فيما يعاني البعض الآخر من تركز مرتفع بين متعاطي المخدرات، ممّا يعرضها لخطر الإنتشار السريع في باقي الفئات. من جهته، أشار ممثّل وزير الصحّة مصطفى النقيب «إلى أنّ العام 2007 سجّل 92 إصابة جديدة ليبلغ العدد التراكمي للإصابات المبلغ عنها لدى البرنامج الوطني 1056 حالة». كذلك تطرّق النقيب إلى إسهامات الوزارة في الحد من المخاطر والتوعية.
يُذكر أنّ المكتب الإقليمي لمنطقة الحوض الشرقي للبحر الأبيض المتوسّط التابع لمنظّمة الصحّة أطلق مشروع تخفيض مخاطر استعمال المخدّرات لدى الأشخاص المدمنين في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. ويتضمّن إنشاء ثلاثة مراكز للموارد والتدريب في لبنان والمغرب وإيران وشبكة إقليميّة تضمّ المؤسّسات والأشخاص العاملين على الموضوع.