strong>ثائر غندور
فلسطين اعتذرت، أول من أمس، عن أي ضرر لحق بلبنان، لأن «الوجود الفلسطيني في لبنان، بحجمه البشري والسياسي والعسكري، قد أثقل كثيراً على هذا البلد الشقيق ورتّب عليه أعباءً فوق طاقته واحتماله، وبالتأكيد فوق نصيبه المعلوم من واجب المساهمة في نصرة القضية الفلسطينية (دولة مساندة)، الأمر الذي أصاب دولته واقتصاده واجتماعه الإنساني وصيغة عيشه إصابات بالغة لم تعد خافية على أحد»، بحسب ما قال ممثل اللجنة التنفيذيّة لمنظمة التحرير الفلسطينية في لبنان عبّاس زكي في «إعلان فلسطين». وهو يذكّر بكلام الأمين العام لمنظمة العمل الشيوعي محسن إبراهيم في أربعين الشهيد جورج حاوي عندما قال في إطار نقده لتجربة «الحركة الوطنيّة» إن الحركة «في معرض دعمها نضال الشعب الفلسطيني ذهبت بعيداً في تحميل لبنان من الأعباء فوق ما يحتمل».
بهذا الإطار يتكامل اعتذار زكي مع نقد ابراهيم، في تقديم قراءة نقد ذاتي لتجربة اليسار اللبناني والمقاومة الفلسطينيّة لسبعينات القرن العشرين وثمانيناته. يبقى نقد الطرف الآخر في تلك الحرب، رغم أن زكي يقول إن هذا «الاعتذار غير مشروط باعتذار مقابل». يقول المستشار الإعلامي لممثليّة اللجنة التنفيذيّة لمنظمة التحرير في لبنان وعضو قيادة فتح هشام دبسي إن هذا الإعلان «هو أول وثيقة رسميّة يقدّمها الفلسطينيون في لبنان من مرجعيتهم الرسميّة». وبرأيه تشكّل الوثيقة مرجعيّة سياسيّة وتحدّد خيارات الفلسطينيين في المرحلة المقبلة في لبنان. وتنطلق روحها من اقتناع فلسطيني بأن قضيّة فلسطين، بما هي قضيّة حق، لا يُمكنها إلّا أن تجمع كلّ اللبنانيين حولها «ولا يُمكن أن تكون عامل تقسيم».
ويرى دبسي أن توقيت الإعلان هو «مبادرة نحو الشرعيّة اللبنانيّة كي تنتصر». ويشدّد على أن المبادرة في اتجاه الدولة اللبنانيّة التي قرّر الفلسطينيون التواصل مع رؤسائها الثلاثة (استمر زكي في زيارة الرئيس إميل لحّود، بينما قاطعه أغلب السفراء) ستستمرّ حتى الوصول إلى اتفاقات بين الشرعيتين بما فيه مصلحة الشعب الفلسطيني والدولة اللبنانيّة. ويقول إن على اللبنانيين أن يأخذوا في الاعتبار أن اللاجئ في المخيمات هو لاجئ قسري وليس طوعياً، «وسيكمل النضال السلمي من لبنان في سبيل العودة، لكنّه لا يملك أي مشروع خاص في لبنان».
وينفي دبسي أن تكون قوى التحالف قد شاركت في الصياغة المباشرة للإعلان، لكنه يلفت إلى أن مختلف الفصائل سبق أن ناقشت أغلب البنود فيه على نحو مفصّل، ولا سيما موضوع السلاح الفلسطيني داخل المخيمات وخارجها، وأعلنت هذه الفصائل التزامها قرارات الحوار الوطني اللبناني. ويذكّر دبسي في هذا الإطار باقتراح منظمة التحرير القديم والمستمر بشأن تنظيم السلاح تحت اسم «لواء العودة» الذي يكون تحت إمرة الجيش اللبناني، وتموّله منظمة التحرير، كما هو حاصل في مصر والأردن وسوريا.
ويقول دبسي إن جهات رسمية وحزبية كثيرة أبدت اهتمامها بهذا الإعلان، وطلبت نسخاً منه لتدرسها. ويتحدّث عن تطوّر إيجابي على خط العلاقة الفلسطينيّة ـــــ السوريّة، إذ زار زكي دمشق ثلاث مرّات. كذلك هناك زيارات دوريّة لوفود من الداخل الفلسطيني إلى دمشق «لأننا نريد أن نكون على علاقة جيّدة مع سوريا». ويضيف دبسي أن هذه العلاقة الجيدة تنعكس إيجاباً على تمتين العلاقات الفلسطينيّة ـــــ اللبنانيّة.