149; المعارضة متمسّكة بالشراكة الفعليّة وصفير يدعو إلى حكم الأكثريّة
يعود الأمين العام للجامعة العربية إلى بيروت
لتسويق المبادرة العربية كمحطة أولى، تعقبها زيارات إلى عواصم أخرى ذات تأثير في الشأن اللبناني، ما يجعل جلسة يوم السبت المقررة لانتخاب رئيس الجمهورية في حكم المؤجلة


يصل إلى بيروت اليوم الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى، في مسعى جديد لتسهيل عملية انتخاب قائد الجيش العماد ميشال سليمان رئيساً للجمهورية، انطلاقاً من الخطة التي أقرّها وزراء الخارجية العرب، وتفسير بندها الثاني المتعلق بصيغة الحكومة المقبلة لجهة توزيع الحصص بين الموالاة والمعارضة، والتي كثرت الاجتهادات بشأنها.
وأوضح مدير مكتب موسى، هشام يوسف، أن الأول سيجري «اتصالات فورية وكثيفة مع جميع الأطراف اللبنانية، وكذلك العربية والإقليمية والدولية لتنفيذ ما ورد في خطة العمل العربية»، مضيفاً أن الأمين العام «كان قد بدأ بالفعل فور صدور هذه الخطة بإجراء اتصالات مع عدد من القادة اللبنانيين».
وأشار يوسف إلى أن موسى «سيضع في ختام هذه الاتصالات والمشاورات تقريراً شاملاً لعرضه على اجتماع وزراء الخارجية العرب» المقرر عقده في السابع والعشرين من الشهر الجاريمن جهته، أوضح وزير الخارجية بالوكالة طارق متري، في حديث تلفزيوني أن «الجامعة لا ترى نفسها بديلاً من اللبنانيين، ولا تنظر في تفاصيل تأليف الحكومة اللبنانية لأنه شأن لبناني، وكل ما تسعى إليه الخطة العربية هو أن يتفق اللبنانيون في ما بينهم على مبدأ قيام حكومة وحدة وطنية وفق الدستور والأصول، مع حفظ دور الرئيس في الاستشارات والتشكيلات». وأشار إلى أن «بيان القاهرة فيه مادة تتحدث عن الترجيح والإسقاط بدلاً من التعطيل والسيطرة»، مؤكداً «أن تفسير هذه المادة بصيغة 10/10/10، بعيد جداً عن المشاورات التي جرت في القاهرة»، موضحاً أن موسى سيفسّر الالتباس.
وعشية وصول موسى إلى بيروت، عاود السفير السعودي عبد العزيز خوجة تحركه باتجاه المسؤولين اللبنانيين، حيث التقى رئيس المجلس النيابي نبيه بري والنائب ميشال المر. وذكرت «الوكالة الوطنية للإعلام» أن خوجة بحث مع المر «السبل الآيلة إلى ترجمة الاقتراحات الصادرة عن اجتماع وزراء الخارجية العرب تنفيذاً على الأرض بما يضمن انطلاق مرحلة سياسية جديدة في لبنان».

غداء لبناني بين ساركوزي والحريري

وكانت الأزمة اللبنانية والمبادرة العربية لحلّها حاضرتين على مائدة الغداء التي ضمّت الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي ووزير الخارجية برنار كوشنير والأمين العام للرئاسة الفرنسية كلود غيان والمستشار في الرئاسة الفرنسية بوريس بوايون ورئيس كتلة «المستقبل» النائب سعد الحريري ومستشاره للشؤون الأوروبية بازيل يارد، ظهر أمس، في مطعم «نورا» اللبناني في باريس.
وقد شكر النائب الحريري للرئيس ساركوزي «وقوف فرنسا الدائم إلى جانب لبنان، وخصوصاً في مسألة ضمان ملء الفراغ في سدة رئاسة الجمهورية، وتشكيل المحكمة الدولية لمحاكمة قتلة الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وفي دعم لبنان اقتصادياً ومالياً عبر تطبيق مقررات مؤتمر باريس ــ 3».
وأعلن المتحدث باسم الرئاسة الفرنسية دافيد مارتينون أن ساركوزي بحث مع الحريري في الأزمة اللبنانية، موضحاً أن ساركوزي رغب في استقبال الحريري ليطّلع على «تحليله بشأن عملية انتخاب الرئيس المقبل للبنان».
وأصدر الوزير كوشنير بياناً أكد فيه دعم فرنسا الخطة العربية، ورأى أنها «تفتح الطريق لحل سياسي حقيقي لأنها تسمح بانتخاب فوري لرئيس جمهورية في ذهنية توافقية، وبتأليف حكومة وحدة وطنية ووضع قانون انتخابي». وأشار البيان، الذي صدر عقب الاعتداء على «اليونيفيل»، إلى مخاطر الوضع في لبنان الذي وصفه بأنه «ما زال هشاً». وقال «إن فرنسا تشارك الدول العربية الأخرى والمجتمع الدولي الاقتناع بأن هذا الوضع ليس في مصلحة أي طرف في داخل لبنان أو في خارجه».

جعجع يدعو للانتخاب السبت

واستبقت المعارضة زيارة موسى بتأكيد تمسكها بالمشاركة الفعلية في الحكم. وفي هذا الإطار، رحب «اللقاء الوطني اللبناني»، بعد اجتماعه في منزل الرئيس عمر كرامي في بيروت، بالجهود العربية للمساعدة في إيجاد الحل للأزمة السياسية في لبنان، مشدداً على «ضرورة تأمين المشاركة الحقيقية بما يتوافق مع نص وروح اتفاق الطائف ووضع قانون انتخابي جديد أكثر عدالة وحداثة». ودعا القوى السياسية «للاستفادة من المناخ الإيجابي الناتج عن اجتماع وزراء الخارجية العرب والإسراع للتفاهم».
ورأى أن بيان الوزراء العرب مبهم، لافتاً «إلى أن هناك مشكلات عديدة وأساسية، وإذا لم تراع من أجل حلّها وتفاهم اللبنانيين عليها يكون هذا البيان حبراً على ورق، لذلك، البند الأول الذي يجب الاتفاق عليه هو أن يكون للمعارضة مشاركة حقيقية في حكومة الاتحاد الوطني».
ورأى عضو كتلة «التحرير والتنمية» النائب علي بزي «أن الظرف الدقيق الذي نمر فيه يفرض علينا جميعاً السير في حكومة وحدة وطنية، على قاعدة الشراكة، اختصاراً للوقت وانتصاراً على الأزمة». وقال: «كفانا تجارب، فالشراكة هي المدخل إلى الوفاق الوطني الحقيقي، بحيث تقفل الثغر المفتوحة كي لا تهب منها الرياح الساخنة»، مؤكداً «أننا سنتعامل مع المسعى العربي المتجدد بكل انفتاح».
وجزم عضو «تكتل التغيير والإصلاح» النائب عباس هاشم بأنه لا جلسة يوم السبت المقبل لانتخاب رئيس الجمهورية، «لأن موسى بحاجة «إلى عدة أيام لتسهيل إخراج التسوية». كذلك رهن وزير الدولة لشؤون التنمية الإدارية جان أوغاسبيان جلسة السبت المقبل، بما قد ينتج من زيارة موسى والاتصالات التي سيجريها، متوقعاً أن تواجه هذه الزيارة صعوبات ومطبات، وأن تصطدم بالواقع السياسي الحالي، وأزمة الثقة بين الطرفين، وتدرّج الشروط من جانب المعارضة. فيما رأى عضو «اللقاء الديموقراطي» النائب وائل أبو فاعور أن «الحل العربي عادل ومنصف ويرضي كل الأطراف، ويجب تقديم التسهيلات لإنجاحه»، مشيراً إلى أن «طرح العماد ميشال عون حكومة 14 ــ 11 ــ 5 لا يتطابق مع روحية المبادرة العربية التي تحدثت عن عدم امتلاك أي فريق للثلث المعطل».
ووصف رئيس الهيئة التنفيذية في القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع المبادرة العربية بأنها «متوازنة، موزونة، واضحة، بسيطة، عملية ومباشرة، وبالتالي لم يعد هناك أي مانع أمام الكتل النيابية والأحزاب وكل الأفرقاء من النزول «إلى جلسة السبت لانتخاب رئيس للجمهورية (...) وحين يحين موعد تأليف الحكومة، نبحث في هذه المسألة، مشدداً على «أن أفضل ما يمكن أن يقدم للبنان عموماً وللمسيحيين خصوصاً، هو ملء الفراغ في موقع رئاسة الجمهورية». وأسف «حيال تصرفات بعض الفرقاء في لبنان الذين يأخذون رئاسة الجمهورية رهينة بغية الحصول على مكاسب».

البطريرك يكرّر انتقاداته للمعارضة

في غضون ذلك، كرر البطريرك الماروني نصر الله صفير انتقاده لشروط المعارضة، وقال: «إن النظام الديموقراطي واضح ومعروف. فهناك أكثرية وأقلية، والأكثرية هي التي تحكم، وعندما تصبح الأقلية أكثرية بإمكانها أن تحكم، والآن يريدون أن يجعلوها وفاقاً. فالوفاق يحصل في حالة الحرب، وعندما يكون هناك خطر داهم». وتساءل صفير خلال استقباله اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام ورابطة خريجي كلية الإعلام ،إذا كان المطلوب معرفة رئيس الحكومة والمديرين «قبل انتخاب الرئيس، فما الحاجة إلى هذا الرئيس؟»، لافتاً إلى أن «للرئيس رأياً في كل هذه الأمور، ورأياً في الاستشارات التي يجب أن يقوم بها قبل أن يؤلّف الحكومة، ليرى أين هي القوى موزعة».
وأشار صفير إلى أنها «ليست هذه هي المرة الأولى التي تُنتقد فيها الكنيسة. فهناك كثيرون من لا يعجبهم، ربما، رأينا أو موقفنا، ولكننا نقول الحقيقة، كما يقول المثل، ونمشي».
وفي المواقف من المبادرة العربية، دعا مفتي الجمهورية الشيخ محمد رشيد قباني، في رسالة رأس السنة الهجرية، «جميع القيادات السياسية اللبنانية إلى الوحدة لإخراج وطنهم من المأزق السياسي الذي يعيشه، والتعامل مع مساعي الجامعة العربية بكل تجرّد وانفتاح». وفي المناسبة أيضاً، دعا نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبد الأمير قبلان اللبنانيين «إلى استقبال المبادرة العربية بصدق وشفافية، ومواكبتها بالابتعاد عن التشنّج والخلافات».
وأيّدت الأمانة العامة لـ«منبر الوحدة الوطنية» (القوة الثالثة)، بعد اجتماعها برئاسة الرئيس الدكتور سليم الحص، المبادرة العربية تأييداً مطلقاً، ودعت جميع الأطراف اللبنانيين «إلى التجاوب معها من دون التسبب بإشكالات في التطبيق»، مؤكدة «أنها صيغة عادلة لمرحلة انتقالية، يمكن ألا تدوم طويلاً إذا ما أُجريت انتخابات نيابية مبكرة».