طرابلس ــ عبد الكافي الصمد
لم تتضح بعد أشكال التحركات التي ستقوم بها قوى المعارضة في الشمال في الأيام المقبلة، بالتزامن مع تحركات أخرى للمعارضة في كل المناطق، كما لم تتبيّن توجهات الموالاة في مقابل تحركات من هذا النوع، ولا في كيفية تعاملها معها.
وإذا كانت التحركات الميدانية التي قامت بها المعارضة العام الماضي في الشمال قد شهدت احتكاكات بين مناصري تيار المردة والتيار الوطني الحر والحزب السوري القومي الاجتماعي من جهة وأنصار القوات اللبنانية من جهة أخرى، في قضاءي الكورة والبترون تحديداً، إضافة إلى ما حصل في طرابلس والمنية وعكار من خلافات بين مؤيّدي قوى المعارضة ومؤيّدي المستقبل، فإن الأمور مرشّحة للتفاقم هذه المرة في ضوء الاحتقان الكبير في الشارعوتشير أوساط سياسية مراقبة إلى أن الوضع «لن يبقى تحت السيطرة إذا دخلت البلاد في الفوضى»، محذرة من أن «الأوضاع الاقتصادية والمعيشية والاجتماعية الصعبة التي ترزح تحتها القواعد الشعبية لقوى الموالاة والمعارضة معاً، والتي تبرز في الشمال على نحو لافت أكثر منها في بقية المناطق، من شأنها أن تحوّل مسار التطورات في اتجاهات أخرى، وستُستغل، كالعادة، من قوى داخلية وخارجية، ولن يبقى طرف أو منطقة في مأمن من تداعياتها السلبية».
وفي حين فضّلت فاعليات وقوى الموالاة البقاء بعيداً عن هذا الموضوع، فإن أوساطاً مطّلعة في المستقبل في الشمال أوضحت أن «أي رد فعل من جانبنا سيكون مدروساً وفي حجم الخطوة التي ستقوم بها المعارضة»، مشددة على أنه «لن ننجر إلى فتنة داخلية، وسنفوّت الفرصة على المصطادين في الماء العكر».
وإذ حرصت أوساط المستقبل على القول إن «الشارع الشمالي في أغلبه يقف في صفّنا، مما يعني أن أي تحرك لقوى المعارضة سيكون محدوداً وغير فعّال»، شددت في المقابل على أن الجيش والقوى الأمنية «سيتكفّلان إعادة الأمور إلى نصابها، وعدم السماح للمخلّين بالنظام العام بتجاوز حدودهم».
إلاّ أن لقوى المعارضة الشمالية رأياً مختلفاً. فرئيس جبهة العمل الإسلامي، الداعية فتحي يكن، يرى أن هذه القوى باتت «مطالبة بإعادة النظر في قواعد اللعبة ونمط المواجهة جملة وتفصيلاً، قبل قيام رأس الإدارة الأميركية بزيارته المريبة إلى المنطقة ليطمئن حلفاءه، وليعلن بدء تنفيذ خريطة الطريق الشرق ـــــ أوسطية التآمرية، وبعد الإصرار المتمادي الذي تمارسه قوى السلطة في التفرّد بالحكم، واغتصاب المؤسسات والسلطات والرئاسات، واحدة إثر الأخرى».
ودعا يكن المعارضة إلى «الانتقال من سياسة الطلب إلى سياسة المطالبة»، مُعدّداً «مطالبة الحكومة بالاستقالة، والإفساح في المجال أمام إجراء انتخابات نيابية تعيد المؤسسات إلى سابق عهدها، والرد على إنشاء المحكمة الدولية بتوجيه الاتهام إلى الحكومة وقوى الرابع عشر من آذار بجريمة اغتصاب السلطة، وإهدار الأموال العامة وإفقار البلاد، والتستّر على أحداث مخيم نهر البارد وظاهرة «فتح الإسلام»، والعديد من التصفيات والاغتيالات التي شهدتها الساحة اللبنانية».
وفي حين دعا النائب السابق وجيه البعريني إلى «تحركات ديموقراطية سلمية تحرص كل الحرص على الأمن، وإلى كشف حساب شامل مع الفريق الحاكم»، أوضح عضو اللقاء الوطني الدكتور خلدون الشريف أن «اللقاءات والمشاورات بدأت تتكثّف وبوتيرة عالية، استعداداً لمرحلة قد ترى المعارضة نفسها فيها مضطرة لأن تعيد تحريك الشارع في مواجهة الحكومة».
بدوره، أكد رئيس المركز الوطني للعمل الاجتماعي في الشمال، كمال الخير، أن المعارضة «أثبتت قدرتها على التحرك الشعبي السلمي وحماية السلم الأهلي، رغم كل ما قامت به السلطة وميليشياتها وبعض الأجهزة الاستخبارية الأجنبية والعربية الحليفة لها».
وقال الخير إن «الأيام المقبلة ستشهد تحركاً سيضع البلد أمام خيارين: إمّا سلّة توافق شاملة بحسب الورقة الموجودة في جيب العماد ميشال عون، وإمّا الاحتكام مباشرة إلى الشعب كما يحصل في البلدان الديموقراطية الراقية».