باريس ـ بسّام الطيارة
مرّ الاعتداء على أفراد الكتيبة الإيرلندية العاملة في إطار قوات الطوارئ الدولية المعزّزة، في منطقة الرميلة بين صيدا وبيروت، من دون ردود فعل وأصداء إعلامية فرنسية توازي حجم خطورته، كما تلفت أكثر من جهة فرنسية مقربة من الملف اللبناني.
وقد سألت «الأخبار» الناطق الرسمي لوزارة الدفاع الفرنسي لوران تيسيير، عن تعليقه على متفجرة الرميلة وما إذا كانت تقف وراءها الجهات نفسها التي نفّذت الاعتداءين السابقين على «اليونيفيل» في سهل الخيام وجسر القاسمية؟ حيث سبق لمصادر فرنسية أن اتهمت «قوات متطرفة راديكالية سنية» بالاعتداءين اللذين أدى أولهما الى مقتل ستة جنود إسبان وأوقع الثاني عدداً من الجرحى في عداد القوة التانزانية.
وبدبلوماسية، لفت الناطق إلى أن «طريقة العمل» في الاعتداء الأخير كانت «أقل فعّالية» عن الاعتداءين السابقين، وأن الهجوم وقع «خارج نطاق عمل اليونيفيل». من دون أن يتطرق إلى «ربط مباشر بين الاعتداءات الثلاثة». وذكر أن القوات الدولية تنتظر «تحقيق قوات الأمن اللبنانية» لاستخلاص العبر من هذا الاعتداء. ورداً على سؤال ثان لـ«الأخبار» عن «خرق الخط الأزرق» وإطلاق قذائف نحو شمال إسرائيل، رفض الناطق تأكيد ما إذا كانت القذائف «قد أطلقت من منطقة عمل اليونيفيل أو من خارجها»، مكتفياً بالقول إن «لجنة تحقيق يشارك فيها ضباط من إسرائيل ولبنان ويترأسها كولونيل فرنسي تتابع التحقيق في الأمر».
وإذ أبدى مصدر مقرب من الملف اللبناني تفهمه لما وصفه بأنه «تردد» الجهات العسكرية، وخصوصاً الفرنسية في ما يتعلق بحادثتي الرميلة وإطلاق القذائف، رأى أن توقيتهما «رسالة قوية للأوروبيين وخصوصاً للفرنسيين»، ولا سيما أنها جاءت بعد عدد من التهديدات التي صدرت عن «تنظيمات سديمية مرتبطة بشبكة القاعدة» ووُجهت مباشرة إلى فرنسا. ورغم رفض مصدر دبلوماسي مسؤول، الربط بين هذه التهديدات «وسلسلة الاعتداءات على المصالح الفرنسية في المغرب العربي»، فإنّه لا يستبعد أن يدخل «ضرب اليونيفيل ضمن استراتيجية واسعة» تجد بعض الصدى في الميزان الإقليمي الذي يتداخل في الشأن اللبناني. ومما يزيد من «حرج التعليقات ويفسر غياب التعامل الإعلامي» مع حدث بمثل هذه الأهمية حسب المصدر، أن «باريس كانت مشاركة في مسار تفاوضي معقد متعدد الأطراف» للوصول إلى حل لأزمة انتخاب رئيس جمهورية في لبنان والخروج من نفق الفراغ الذي وصفه وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنر بأنه «مؤهل للفوضى».
وللإشارة الى عدم غياب الربط بين مختلف العوامل المؤثرة سياسياً وعلى مختلف الأصعدة وبين الاعتداء على قوات اليونيفيل، والتذكير بمختلف القرارات التي تلوّن وجود هذه القوات في لبنان والتي يرى فيها بعضهم «نوعاً من الضغط على بعض الأطراف»، استوقف المراقبين أن وزير الخارجية الفرنسي قد استقبل يوم الثلاثاء الماضي ممثل الأمين العام للأمم المتحدة في لبنان والمكلف متابعة القرار ١٥٥٩ تيري رود لارسن، وذلك قبل ساعات من انضمامه إلى غداء الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي والنائب سعد الحريري.
فقد توقف هؤلاء المراقبون أمام وصف الناطقة الرسمية لوزارة الخارجية لهذا اللقاء بأنه «للحديث عن الوضع في لبنان، وخصوصاً عن الانتخابات الرئاسية عشية وصول (الأمين العام لجامعة الدول العربية) عمرو موسى» إلى بيروت، معربين عن استهجانهم للربط على لسان مسؤول في وزارة الخارجية «بين لارسن وذكر القرار الشهير (1559) وبين الانتخابات الرئاسية»، ورأى بعضهم في ذلك تذكيراً بـ«ترابط التهديدات وتنوعها»عشية اتخاذ الأفرقاء اللبنانيين قرارات مصيرية قد تنعش الأمل بإمكان تجاوز القطوع الرئاسي أو تفتح الطريق أمام الفراغ.