ديما شريف
أن تجالس جون جحا يعني أن تأتي متسلحاً بكل ما قرأته في حياتك من كتب، فابن الـ17 عاماً يدهشك بالمعلومات التي يملكها عن القضايا السياسية المعاصرة

يمضي التلميذ في مدرسة الجالية الأميركية ( ACS) جون جحا وقته بين الدراسة والقراءة وممارسة الرياضة والتمتع بحياته بين أصدقائه الكثيرين. فاهتمام جون بالسياسة والتاريخ بدأ منذ كان والده يساعد شقيقته الكبرى في مادة الصراع العربي ـــــ الإسرائيلي التي كانت تدرسها، فعلقت الأحداث التاريخية في رأسه وهو في السادسة من عمره حيث راح يتابع ما يحصل حوله في العالم.
تعلّق جون بالصحافة، وبدأ يطالع عدداً من الدوريات والمجلات والصحف مثل «The Economist» و«The New Left Review» وThe» ،«Nation الأميركية على الإنترنت. جون المهتم كثيراً بالسياسة قرّر، بعد موت جبران تويني، إنشاء جريدة لإطلاع زملائه على ما يجري على الساحة السياسية اللبنانية. وافقت إدارة مدرسته على استعمال أحد أجهزة الكومبيوتر فيها لإصدار الجريدة الجديدة التي سمّاها «The Levantine journal»، فيما لم تمارس أية رقابة على المطبوعة.
وبعد حرب تموز 2006 ترك عدد من المعلمين والتلامذة المدرسة، ولم يعد هناك من يشرف على جريدة المدرسة، فطلبت الإدارة من جون القيام بذلك، فوافق شرط السماح بالتطرق إلى الموضوعات السياسية، وكان له ما أراد وأصبح رئيس تحرير الجريدة، علماً بأنّه خضع قبل الحرب لدورة تدريبية في الصحافة في جامعة كولومبيا في نيويورك.
لا يؤمن جون بالسياسيين لأنهم كما يقول «خذلونا، ولا يمكننا الوثوق بهم، فهم يعِدون ولا يفون»، لكنه معجب بعدد كبير من المفكرين الذين يقرأ لهم بنهم وشغف، مثل نعوم تشومسكي، نورمن فنكلستين الذي تابع كل نشاطات زيارته إلى لبنان، الراحل إدوارد سعيد وهو المفضل لديه، نعومي كلاين التي أثّر فيه كثيراً كتابها الذائع الصيت «No Logo»، جوزف ستيغلتز، وفاندانا شيفا التي يقرأ لها حالياً كتاب «Earth Democracy». هؤلاء هم الأبطال في نظر جون الذي يعدّهم الأبرز في إثارة القضايا الاجتماعية وخدمتها بطريقة صحيحة، «أما باقي الكتب فهي تلفزيون على ورق ولا تنفع لشيء سوى الإثارة غير المجدية».
يتابع جون أفلام هوليوود الكبرى ليرى إلى أي مستوى من «السخافة والغباء» وصلت إليه المجتمعات اليوم.
لا يشارك الأصدقاء جون اهتماماته «الراديكالية»، لكنهم يشجعونه ويعتقد أنه بدأ يؤثر عليهم بطريقة إيجابية. وهو يرغب بمتابعة دراسته في العلوم السياسية والاقتصادية أو العلاقات الدولية ليصبح أستاذاً جامعياً.
على رغم حمله الجنسية الأميركية، إلى جانب اللبنانية، لا يرغب جون بقضاء حياته كلها بعيداً عن لبنان، فهو يريد في نهاية المطاف تأسيس مجلة أدبية ذات منحى سياسي تتابع الحياة الثقافية لمدينة بيروت التي يرى أنها من أهم الحواضر الثقافية.
لا يصنّف جون نفسه يسارياً رغم كل معتقداته، بل يعدّ نفسه راديكالياً في المنحى الفكري لا السياسي، ولكن اليسار بالنسبة إليه أفضل في مقارباته للقضايا اليوم.
سياسياً، يضع جون نفسه خارج الثنائية السياسية اللبنانية الحالية، ويرى أن لدى 8 و14 آذار بعض النقاط الإيجابية. ويشير إلى أن حرب تموز غيّرته كثيراً : «أنا لا أناصر حزب الله ولكن عدوان تموز 2006 قلب تفكيري في ما يتعلق بالصراع العربي ـــــ الإسرائيلي. للأسف، فالقضية الفلسطينية تعامل باستخفاف ولا يلقى الضوء على الحقائق. لذا، أردد دائماً مقولة إدوارد سعيد: انطق الحقيقة فهي القوة».
في كتاباته التي ينشرها في جريدة المدرسة، يتطرق جون إلى الموضوعات الشبابية وهو يقارن دائماً بين حال الشباب الضائع اليوم وما كانت عليه الأمور في ستينيات القرن الماضي في خضم النضال لحرية التعبير وأحداث أيار 68 في فرنسا، ويسمي أقرانه «لامبالين، الميّتين فكرياً والمنجرفين وراء ثقافة الاستهلاك».