strong>ثائر غندور
يدور عمرو موسى في الحلقة ذاتها التي دوّخت المبادرة الفرنسيّة. ينقل الرسائل بين رئيس مجلس النواب نبيه برّي وزعيم الأكثريّة النائب سعد الحريري، بحسب ما ينقل أحد أعضاء الوفد العربي. لكن هذه الرسائل لا تكاد تصل إلى مقصدها، حتى تعود بردٍّ حُضِّر سلفاً. فالنقاش ما زال يدور حول «إبريق زيت الحكومة»، رغم أن عضواً في الوفد العربي يؤكّد أن النقاش تجاوز صيغاً من نوع 10 ـــــ 10 ـــــ 10، أو 13ـــــ 7 ـــــ 10 أو 14 ـــــ 6 ـــــ 10. لكن هذا الدبلوماسي ليس مطمئناً، ويضع لقاءات موسى الإعلامية يوم أمس بالرئيس عمر كرامي وقائد القوّات اللبنانيّة سمير جعجع ولقاءه وفداً أرمنياً في باب «تلطيف الأجواء».
الأمين العام لجامعة الدول العربيّة الذي قالت عنه مصادر مطّلعة على أجواء اجتماعاته إنه «لم يكن مرتاحاً»، اختصر الأزمة بالقول: «لبنان يحتاج إلى رجال دولة يرتفعون إلى مستوى المسؤولية».
وقال مطلعون إن موسى «متبنٍّ لموقف الموالاة» في شأن الصيغ المعروضة للحكومة المقبلة، ونقلوا عنه قوله: «الموالاة معها حق، وهي التي تنازلت وقبلت بخفض عدد وزرائها، وصيغة المثالثة واردة في مضمون المبادرة العربية»، فـ«من غير المعقول أن تعطي الموالاة المعارضة الثلث المعطّل»، مضيفاً: «انتخبوا الرئيس، واتركوا له الحق في تأليف الحكومة. وما على المعارضة سوى انتظار الانتخابات النيابية المقبلة، التي قد تتيح لها أن تصبح أكثرية وتتسلم زمام الأمور».
قد يبقى موسى في بيروت أربعة أيام إضافية، إن هو لمس تقدّماً في مساعيه، أما «إذا بقيت الأبواب مقفلة، فسأغادر بيروت اليوم» بحسب ما قال.
بعد هذه الصورة السوداوية التي يرسمها موسى والقريبون منه، يبدو أن المبادرة العربيّة تتجه للجلوس بقرب مبادرات موسى القديمة. ولئن كان موسى وفريق الموالاة، ينتظران مجيء رئيس وزراء خارجيّة قطر الشيخ حمد بن جاسم اليوم، كما يقول أحد نوّاب تيّار المستقبل، فلاقتناعهما بقدرة الرجل على التأثير في المعارضة لجهة قبول المبادرة العربية كما فسّرها موسى، في ظلّ إصرار أكثري على عدم البحث في اسم رئيس الحكومة. ويرى النائب المستقبلي أن فكرة إلغاء قدرة الأكثريّة على تعطيل عمل الحكومة لا معنى لها، إذ «نملك أكثريّة النوّاب، وبالتالي نستطيع إسقاط الحكومة وقت نشاء».
ويُكمل سياسي من فريق مسيحيي 14 آذار رسم الصورة السوداوية عن الوضع الداخلي. يُعتقد أن المبادرة العربيّة وصلت إلى حائط، والأفضل للأمين العام أن يعود إلى القاهرة، لكن هذا السياسي يتخوّف من ردّات الفعل بعد انتهاء مفعول «المورفين الإعلامي» للمبادرة. إذ يعتقد أن الملعب اللبناني، الذي هو أصلاً مفتوح أمام مختلف أجهزة المخابرات، سيكون عرضة لعودة الاغتيالات، وتسعير الفتن الداخليّة وبروز نماذج مشابهة لما حدث في مخيّم نهر البارد، وهو يوجّه إصبعه صوب عين الحلوة. ولا يستبعد السياسي المذكور، إمكان حصول عمل عسكري خارجي، رغم أنه مقتنع بأن أياً من الأطراف المتنازعة في المعارضة والموالاة «ومن القوّات اللبنانيّة إلى حزب الله» لا تريد رفع السلاح اللبناني في وجه لبناني آخر «لكن الأبواب مشرعة ويكذب من يقول إنه يعلم إلى أين
سنصل».