149; تأجيل جلسة الانتخاب إلى 21 الجاري وردود فعل خجولة على «الحكومة الحياديّة»
الموعد الثاني عشر لانتخاب رئيس جديد للجمهورية تأجّل، الفراغ مستمر، الحل لا يزال مستعصياً، المبادرة العربية لم ــ والمواقف تشير إلى أنها لن ــ تنضج، ونائب من اللقاء الديموقراطي يدعو فيروز إلى عدم الذهاب إلى دمشق

فيما ينتظر لبنان تزخيم المبادرة العربية بوصول رئيس الوزراء القطري الشيخ حمد بن جاسم إلى بيروت، اليوم، بعدما عكست أجواء لقاءات الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى حالة من المراوحة، حصل ما كان متوقعاً، وقرر الرئيس نبيه بري تأجيل جلسة انتخاب رئيس للجمهورية إلى 21 الجاري، وذكرت «الوكالة الوطنية للإعلام» أن هذا التأجيل «يأخذ في الحسبان المساعي الحميدة التي بذلها ويبذلها الأمين العام للجامعة في سياق تنفيذ مقررات مؤتمر وزراء الخارجية العرب». وذلك بعدما كان بري قد التقى موسى أمس، لمدة ساعة.

موسى بين العقبات وكسر جدار الأزمة

وزار موسى أيضاً الرئيس عمر كرامي والنائب سعد الحريري ورئيس الهيئة التنفيذية في «القوات اللبنانية» سمير جعجع، واستقبل وفداً من حزب الطاشناق، رافضاً إعطاء «أجوبة جازمة» عن أجواء لقاءاته «باعتبار أننا ما زلنا في حركة مستمرة تشهد تشاوراً ونقاشاً واتفاقاً وخلافاً وما شابه». وقال إن مشكلة لبنان «ثقيلة وتحتاج إلى الوقت الكافي»، كاشفاً أنه على اتصال بعدد من القادة والوزراء العرب. وأبدى الاستعداد لتمديد زيارته «إذا احتاج الأمر».
ووصف «جدار الأزمة» بأنه «مصنّع ومن السهل كسره وهدمه والتخلص منه، وأن يعمل اللبنانيون جميعاً، فكسر هذا الحائط ليس المشكلة»، لكنه أكد وجود عقبات واختلافات في وجهات النظر. وفيما قال بعد لقائه كرامي إن موضوع تأليف الحكومة «نتكلم عنه في ما بعد»، عاد وتحدث في معراب عن تفاهم على التركيبة، رافضاً الدخول في الأرقام. ثم أعلن عدم التوصل إلى اتفاق نهائي «بل نقاط تقارب وتباعد يجري التباحث فيها»، مضيفاً: «لم أنفق كل هذا الوقت بلا فائدة».
وعن اقتراح لقاء النائب ميشال عون والحريري وما تردد عن وجود معرقلين له، قال: «هناك أفكار كثيرة في أبواق بيروت، تطير يميناً وشمالاً، لكننا لا نستطيع القول إنه تم اتفاق على أمر ثم حصلت عرقلة، فهذا كلام غير دقيق». وقال: «هناك أفكار كثيرة ولم يجر حتى الآن اتفاق على شيء، لكن كل شيء ممكن وغير ممكن أيضاً». ووصف لقاءه والأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصر الله بأنه «كان جيداً جداً».
ونقل بيان للطاشناق عن موسى «تفاؤله بالوصول إلى الحلول المرجوة»، ومناشدته اللبنانيين «الارتقاء إلى أقصى حدود المسؤولية الوطنية لمعالجة هذا الظرف الدقيق والصعب والتصدي للخطر المحدق بلبنان والمنطقة».
المبادرة لن تفشل... والأمور كما هي!
أما كرامي، فرأى أن الأمور ما زالت كما أطلقها موسى «منذ وصوله إلى المطار»، وقال إنه أبلغه صعوبة ردم انعدام الثقة بين الأفرقاء «بهذه السرعة». وأعلن تأييده لاقتراح الرئيس الجميل تأليف حكومة حيادية «لكن مع تطويره» نحو حكومة «تعطى مهلة معينة خلال ثلاثة أشهر لإقرار القانون التاريخي، وبعد ستة أشهر من تأليفها تجرى الانتخابات النيابية، «واللي بيطلع معه الأكثرية صحتين على قلبو»، ولا يعود هناك معارضة تريد الثلث الضامن ولا أكثرية تستأثر بالحكم، فالذي يأخذ الأكثرية يكون الشعب معه».
ونفى جعجع أن يكون موسى قد ناقش بند الحكومة «مع أي فريق»، قائلًا إن التوصل إلى هذا البند «يتطلب رئيساً في قصر بعبدا لإجراء المشاورات». وجزم بأنه لا يمكن «أياً كان تأليف حكومة من دون انتخاب رئيس للجمهورية». وإذ نفى عرقلته للقاء عون والحريري، قال إن «اجتماعات كهذه هي خارج نطاق الموضوع حالياً». ورأى أن «المبادرة العربية لم تفشل ولن تفشل».
ومساءً زار موسى رئيس الحكومة فؤاد السنيورة وأعلن أنه سيغادر لبنان اليوم، على أن يعود بعد أيام.
واستغربت «الكتلة الشعبية» ما رأته «تجاهل» موسى «لها ولدورها ولحجمها المتمثل بستة نواب، مقابل اهتمامه بقوى سياسية لا توازيها عدداً وشعبية»، واتهمته بـ«مسايرة الفريق الحاكم في سياسة العزل التي خطها ويرغب في أن تكون هي السائدة وعدم استفادة الامانة العامة من دروس وعبر الماضي الناتجة من سياسة العزل التي سدّد لبنان ثمنها غالياً».

إيطاليا تؤيّد ولاريجاني يأمل التسوية

وأمس انضمت إيطاليا إلى مؤيدي المبادرة العربية، فأعرب وزير خارجيتها ماسيمو داليما دعمها وتأييدها للدعوة «إلى انتخاب رئيس جمهورية توافقي وتأليف حكومة وحدة وطنية تعالج المشاكل التي يتخبط بها البلد واعتماد قانون جديد للانتخاب»، لافتاً إلى أن «الإجماع على إعلان جامعة الدول العربية مؤشر قوي إلى الالتزام الفعلي والمتماثل الذي أبدته البلدان العربية والذي تؤيده إيطاليا وتدعمه». ودعا اللبنانيين إلى «تحمّل مسؤولياتهم للتوصل في أسرع وقت ممكن إلى اتفاق سياسي يمكن أن يعود بالنفع على الشعب اللبناني بجميع فئاته، وستقدم ايطاليا دعمها المستمر والثابت لهذا الاتفاق».
كذلك أبدى رئيس دولة الإمارات الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، في اتصال أجراه بالسنيورة، دعمه الكامل «لتطبيق مقررات الجامعة العربية»، مؤكداً وقوفه «إلى جانب لبنان لكي يتخطّى مشكلاته الراهنة، على طريق استعادة عافيته»، بحسب ما ذكرته «الوكالة الوطنية للإعلام».
وفي تصريح نقلته وكالة الأنباء الإيرانية، قال ممثل خامنئي في المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي لاريجاني، إن استراتيجية بلاده هي «الإسراع في إقرار الأمن والاستقرار وتنظيم الأوضاع في لبنان». وذكر أنه أجرى لقاءات تشاورية في دمشق، لدعم «إيجاد أطر تساعد في الظروف الحالية على وحدة المجموعات اللبنانية وتأليف حكومة وحدة وطنية وتنظيم الانتخابات في هذا البلد»، آملًا أن تساعد زيارة موسى للبنان، على الوصول إلى «وحدة الفصائل اللبنانية لتسوية الأزمة السياسية في لبنان».
على صعيد الحكومة الحيادية، أوضح الجميّل، بعد لقائه سفير الجزائر ابراهيم بن عوده حاصي، أن هذا الطرح هو دعم للمبادرة العربية «وسعي إلى دفعها إلى الأمام»، معلناً صدور تعليقات ايجابية وأخرى متحفظة. وقال إن فريق 14 آذار أجرى اتصالات ولقاءات لدرس آخر المقترحات التي تقدم بها موسى «وأكدنا له دعمنا الكامل للمبادرة وأننا سنبذل كل الجهود لإنجاح مهمته».
وقال النائب نبيل دو فريج، إنه لا يعارض طرح الجميّل «إذا كان يتيح حلًّا للأزمة، لكن ما هو تعريف الحكومة الحيادية؟ ومن هم الحياديون في لبنان؟». وقال إن الحريري «لن يشارك في حوار» مع عون إذا كان الأخير «مصرّاً مسبقاً على 11 وزيراً للمعارضة وداعياً إلى تقاسم الوزراء الباقين بين 14 آذار والعماد ميشال سليمان».
وفيما كشف النائب سليم سلهب أن عون هو الذي طرح على موسى فكرة اللقاء مع الحريري «على أن يشمل التحاور مسألتي الحكومة المقبلة وقانون الانتخاب الجديد»، علّق على طرح الجميل بالقول إن الحل الأنسب حالياً «هو في تمثيل كل الكتل البرلمانية في الحكومة المقبلة، لأن ذلك يمثّل دعماً للرئيس المقبل، بينما الحكومة الحيادية تتطلب من الرئيس الجديد حمايتها».
وبرز أمس تحذير للرئيس نجيب ميقاتي، خلال زيارته لجامعة الروح القدس، من أن الجميع سيكون خاسراً «اذا استمررنا في نهج التفرد والمكابرة السائد حالياً في التعاطي بشؤون وطننا، ولم نقتنع بأهمية العمل معاً في سبيل الخروج من الأزمة الراهنة»، معتبراً التحرك العربي «فرصة إنقاذية» يجب «تلقّفها وعدم إضاعتها على غرار الفرص السابقة وإغراقها في الشروط المضادة أو في العناد والمكابرة، وإلا فإننا سنصل إلى وقت ييأس فيه العالم بأسره من خلافاتنا ولا يعود راغباً في مساعدتنا».
وبعد مواقفه الأخيرة، زار السفير الأميركي جيفري فيلتمان البطريرك الماروني نصر الله صفير، وخرج دون الإدلاء بأي تصريح. فيما قال النائب يوسف خليل بعد لقائه صفير أيضاً، إنه لمس لديه «تفهماً لجميع مواقف الأفرقاء، لكنه يصرّ على إيلاء الشؤون الوطنية أولوية قصوى. وهو يستبشر خيراً بالتحركات العربية تجاه لبنان لكنه يضع الآمال الكبار على تصرفات اللبنانيين وعلى الحوار في ما بينهم، إذ عبثاً يبني البناؤون ما لم يبن رب البيت».

تقاذف المسؤولية وخوف على مهمة موسى

وفي المواقف أيضاً، رأى الوزير ميشال فرعون «أن الحلول موجودة إذا ما رغب الفريق الآخر في تسهيل مهمة تنفيذ قرار الإجماع العربي (...) والتراجع عن قرار التعطيل والعرقلة»، متهماً المعارضة بأنها «لا تملك الحل الذي لا يزال مفتاحه خارج الحدود». وقال: «ما نفع الحديث عن الأرقام والحصص، ما دمنا في الأكثرية كلما تنازلنا عن موضوع وضعوا لنا شرطاً جديداً»، مبدياً خوفه من أن «يحصل مع موسى ما حصل مع المبادرة الفرنسية».
وإذ توقع الوزير المستقيل طراد حمادة أن تستغرق مفاوضات موسى «وقتاً طويلاً»، أعلن الوزير المستقيل محمد جواد خليفة انفتاح المعارضة على القرار العربي تأليف حكومة لا يملك أحد فيها القدرة على التعطيل، معتبراً الدعوة إلى العودة لطاولة الحوار «التفافاً على المبادرة العربية».
ورأى النائب أنور الخليل أن هناك تفسيرات مختلفة للبيان العربي، عازياً الغموض إلى أن موسى «لا يعطي توضيحاً نهائياً للأعداد في الحكومة المرتقبة التي أصبحت في لب المشكلة». وكشف أن بري بعد لقائه موسى أعلن أن بيان الجامعة يفضي إلى الفهم بأنه يطرح المثالثة في الحكومة المقبلة.
وتخوف النائب روبير غانم من أن «يكون إغراق المبادرة العربية في وحول التفاصيل، وسيلة لعرقلتها، فيما المطلوب هو تفصيل حلّ على قياس الوطن، وهذا لا يكون إلا بالعودة إلى روح الوفاق، ولا تفسير للمبادرة إلا من خلال مفردات الوفاق ومعانيه».
على صعيد اعتداء الرميلة، أكد الوزير المستقيل فوزي صلوخ، بعد لقائه قائد اليونيفيل الجنرال كلاوديو غراتسيانو، الحرص على أمن هذه القوات وسلامتها. وأثار معه قضية التعديات والانتهاكات الإسرائيلية، لافتاً إلى أن بيان مجلس الأمن اعتمد الرواية الإسرائيلية بشأن المزاعم عن إطلاق صاروخين على إسرائيل «فيما السلطات العسكرية اللبنانية تؤكد عدم حصول هذه الواقعة، واليونيفيل ما زالت في طور التحقيق».
ونقل القنصل العام لجمهورية إيرلندا خالد الداعوق، عن قائد الجيش «أن الاعتداء على الدورية الإيرلندية لا يطالها فقط، بل يهدف إلى زعزعة الأمن والاستقرار في لبنان، وهذا ما لن نسمح به إطلاقاً».