strong>عفيف دياب
•السلفيّة الجهاديّة في بلاد الشام تعيد انتشارها وتتمركز... والضربات الأمنية قاصرة

تنشط الأجهزة الأمنية في ملاحقة المجموعات الإسلامية في البقاع، فالتوقيفات الأخيرة في بلدة لالا طرحت جملة أسئلة عما إذا كانت المنطقة قد بدأت بعد حرب مخيم نهر البارد بين الجيش اللبناني «وفتح الاسلام» تتحول إلى مقر للجهاديين بعدما كانت مَعبراً

لا يخفي متابعون للحركة السلفية الجهادية في لبنان هواجسهم من تحول منطقة البقاع الى قاعدة لفصائل من تنظيم القاعدة في بلاد الشام. فالمنطقة بدأت تتحول الى مقر بعدما كانت ممراً للسلفيين الى الداخل اللبناني ومنه الى الداخل العربي ولا سيما الى العراق الذي اصبح «قبلة» الجهاديين بعد الغزو الاميركي عام 2003.
ويقول أحد السلفيين الدعويين في البقاع إن قرى في البقاعين الغربي والاوسط تحولت خلال العام الماضي الى مقر لمجموعات جهادية وجدت تربة خصبة لها بعد احداث نهر البارد التي انتهت بتشظي من بقي من مجموعات التنظيم على مختلف الاراضي اللبنانية وتحديداً منطقة البقاع التي تعدّ بوابة عبور اساسية نحو سوريا والعراق.
ويوضح شيخ دعوي أن المجموعات السلفية الجهادية اللبنانية والفلسطينية ومن جنسيات عربية اخرى، كانت تجد في المخيمات الفلسطينية مواقع آمنة بعيدة عن المراقبة اللبنانية والعربية والاجنبية «لكن بعد أحداث مخيم البارد نشطت الأجهزة الامنية اللبنانية في رصدها للمجموعات السلفية الجهادية داخل المخيمات الفلسطينية، مما اضطر بعض امراء هذه المجموعات الى ايجاد مناطق اكثر أمناً لهم داخل المجتمع اللبناني بعدما رأوا وجودهم ضمن النسيج الاجتماعي الفلسطيني في المخيمات خطراً داهماً إثر ارتفاع صوت الاعتراض الفلسطيني على وجودهم السري نسبياً، إذ كانت معارك البارد وتدمير المخيم عبرة أقلقت مجموعات سياسية فلسطينية وجدت في الانتشار الواسع للسلفية الجهادية في مجتمعها خطراً
داهماً».
ويلفت الشيخ السلفي إلى أن الانتشار الجهادي في البقاع بدأ يتوسع و«قد يترسخ خلال الفترة المقبلة، فقراءاتنا للواقع تعطي صورة جلية عن هذا التوسع السلفي الجهادي في المجتمع السني البقاعي رغم وجود حالة عداء لهم، أو قوى ترفض وجودهم، لكن هذا الرفض لم يصل بعد إلى حالة النفي النهائي لهم من المجتمع الإسلامي السني البقاعي الذي يفاجأ كل يوم بخلية تكشفها الأجهزة الأمنية نائمة في بيوتهم وحتى في كرومهم وبساتينهم».
اكتشاف القوى الأمنية اللبنانية لمجموعات سلفية جهادية في عدد من قرى البقاع وبلداته، كانت بعيدة عن الشبهة، يؤكد كلام الشيخ السلفي الدعوي الرافض في المطلق للسلفية الجهادية أو القتالية «لأن لبنان ليس أرضاً صالحة للجهاد»، ويجعل البقاع موقعاً ذا أبعاد مهمة، جغرافياً وديموغرافياً، تستعمله القاعدة لمجموعات تنظيمها في بلاد الشام.
ويقول مسؤول أمني لبناني طلب عدم الكشف عن اسمه، إن اكتشاف القوى الأمنية لمجموعات سلفية قتالية في المنطقة: «أعطانا صورة عن تعليمات «أمراء» في تنظيم القاعدة أصدروا أوامرهم لمجموعاتهم اللبنانية في لبنان وبلاد الاغتراب، ولا سيما في كندا والبرازيل وكولومبيا وفنزويلا، بالتحرك وبناء قواعد لوجستية لمجموعات أخرى قد تصل إلى البقاع عبر المعابر الشرعية وغير الشرعية، ولمجموعات داخل لبنان بدأ الطوق الأمني يضيق حولها مما يضطرها إلى الانتقال إلى مناطق تراها بعيدة نسبياً عن المراقبة الأمنية، ومنها البقاع الذي أصبح ساحة مواجهة سرية بين الأمن اللبناني والمجموعات السلفية القتالية حيث استطعنا أخيراً كشف مجموعة سلفية في بلدة لالا في البقاع الغربي لها امتدادات في البقاع الاوسط، ونجحنا في إفشال مخططها التخريبي».
ولا يخفي المسؤول الأمني قلقه من تحول البقاع بعد أحداث البارد، إلى مكان «قد تنتشر فيه المجموعات الجهادية كالفطر»، ويقول: «أكثر ما يقلقنا هو تغلغل السلفية الجهادية بين البقاعيين في بلاد الاغتراب، وحسب معلوماتنا فإن مئات من الشباب البقاعي هناك منخرطون أو متعاطفون مع تنظيم القاعدة، وهم على اتصال دائم مع لبنان وأشخاص في قراهم، ومجموعة بلدة لالا وقبلها القرعون أعطت تأكيدات عن دور سلفي جهادي لبناني في بلاد الاغتراب له امتداده المحلي».
ويوضح المسؤول الأمني «أن اكتشاف الأجهزة الأمنية اللبنانية لمجموعات سلفية عربية ولبنانية في البقاع والقبض على عدد كبير من عناصرها ومصادرة كميات من الأسلحة والمتفجرات والأموال، ألزم قادة التنظيمات السلفية إعادة انتشارها ووضع خطط بديلة أكثر أمناً، ومن هنا بدأ «أمراء» هذه التنظيمات بالاعتماد على العناصر اللبنانية في بلاد الاغتراب وبنسبة أقل العناصر الفلسطينية والسورية لبناء قواعد لها في البقاع وبعض المناطق اللبنانية
الأخرى».
ويلتقي المسؤول الأمني مع الشيخ السلفي الدعوي من حيث «بدء الانتشار السلفي الجهادي في البقاع أفقياً وعمودياً»، ويقول: «نتعاون مع رجال دين ووجهاء في قرى بقاعية لتبادل المعلومات الاجتماعية عن أشخاص تحوم حولهم شبهات امنية ولهم علاقات مع تنظيمات سلفية جهادية أو قتالية».

ضربات
أمنية


لا يخفي شيخ سلفي دعوي تعرض المجموعات السلفية الجهادية في لبنان «لضربات أمنية قاسية جدّاً أصابتها في الرأس مباشرة بعد هزيمة «فتح الإسلام» في المنازلة مع الجيش اللبناني الصيف الماضي» بحسب تعبيره، ويقول: «نجحت القوى الأمنية اللبنانية في كشف خلايا لمجموعات سلفية جهادية في مناطق لبنانية كانت أكبرها وأخطرها في البقاع وقبل أحداث البارد بأشهر، لكن هذا النجاح لم تره المجموعات السلفية الجهادية قيمة كبرى، إذ أخذت تنتشر عمودياً وأفقياً في مختلف مناطق البقاع ولا سيما في القرى السنية أو حتى المختلطة اجتماعياً مستغلة بعض الأحيان فقر الناس»، ومع ازدياد انتشار هذه الاعتقالات يكبر السؤال عن مدى انتشار المجموعات السلفية الجهادية في لبنان.