باريس ـ بسّام الطيارة
قبل أربع وعشرين ساعة من إطلاق المبادرة العربية كانت التحضيرات على قدم وساق لإرسال ملف لبنان إلى مجلس الأمن، وكان السؤال يدور على التوقيت وضرورة الأخذ بالعوامل الإقليمية التي قد تؤثر أو تتأثر بـ«تدويل الحل» والنظر للاعتبارات العربية قبل القفز في مجهول القرارات الدولية.
وتفسر هذه التحضيرات الحركة التي دبت في أوصال الجامعة العربية وسرعة التوافق على الخروج بـمبادرة لا تختلف عما حمله الفرنسيون وواجهوا فيه الفشل، حسب ما يقول دبلوماسي فرنسي رفيع يعترف بأن ما فعله وزراء الخارجية العرب هو «فكفكة سلة الضمانات الشهيرة وجعل مضمونها في ثلاث فقرات بعدما كانت في فقرة واحدة!» ويضيف أن «تراتبية النقاط كانت إشارة إيجابية للأكثرية ووجود هذه النقاط هدية للمعارضة». ويستطرد أن الوزراء الخمسة كانوا يعرفون أن الأمور ما زالت على حالها رغم «التدبيج الذي رافق النص»، وكذلك كان وضع الأفرقاء اللبنانيين، وهو ما يفسر «طلبات التفسير» التي تصاعدت مباشرة بعد نشر قرار المجلس الوزاري العربي.
أدركت العواصم الغربية المهتمة بالملف اللبناني أن هذا الإخراج لن يتجاوز «رقعة الهروب إلى الأمام». ويقول أحد الدبلوماسيين العرب إن باريس حاولت «تنبيه اللبنانيين إلى أن التدويل بات قريباً»، وأن قسماً من المعارضة رأى أن هذا من باب التهويل.
يعرف الجميع هنا أن التحضيرات لقرار دولي كانت قد انطلقت منذ سنة تقريباً، ورغم أن فرنسا سوف تكون «في واجهة المبادرة» في مجلس الأمن فإن الأوساط المتابعة للشأن اللبناني تعترف بوجود تردد يشارك فيه بعض مستشاري الإليزيه وبعض موظفي الكي دورسيه وأن القرار النهائي الذي هو في يد الرئيس نيكولا ساركوزي ينتظر نهاية جولته الخليجية.
لا يستبعد بعض المراقبين أن يفتح تأجيل رئاسي مقبل في 21 كانون الثاني الباب أمام تسلم مجلس الأمن الدولي ملف لبنان وصدور قرار «تنظيمي يؤطرضرورة إجراء انتخاب رئاسي خلال فترة معينة»، مع إشارات إلى النقاط الأخرى التي وردت في بيان المبادرة العربية. ويتردد أن عدم اكتفاء القرار قيد التحضير لمجلس الأمن بالدعوة إلى انتخاب رئيس ودخوله في تفاصيل النقاط التالية يشير إلى أن «مرحلة التأطير» يمكن أن تتجاوز الأشهر الستة، ولا يستبعد بعضهم أن تكون فكرة تمديد العمل بالقرار حتى الانتخابات النيابية المقبلة تراود فريقاً دولياً رغم ممانعة فرنسا.