strong>ديما شريف
استضاف قسم علم الاجتماع في الجامعة الأميركية في بيروت الدكتور منير بشور لإلقاء محاضرة عن نمو الجامعات الغربية في الدول العربية. وتأتي المحاضرة ضمن نشاطات الـ«Monthly Sociology Café» التي يقيمها القسم في مقهى «ة مربوطة» في الحمرا.
بدايةً، رأى بشور في مداخلته أن التعليم العالي في المنطقة العربية ارتبط تاريخياً بالمؤسسات الدينية الإسلامية مثل الأزهر. وقال: «كان محمد علي باشا في مصر من بين الأوائل الذين فكّروا في تطوير التعليم العالي، فأرسل في القرن التاسع عشر طلاباً إلى الدول الأوروبية لإحضار «علوم أوروبا» إلى مصر، لكن المشروع فشل آنذاك على رغم جرأته». وقد تزامن المشروع مع مجيء البعثات التبشيرية المسيحية الأوروربية إلى المنطقة حيث انتهجت الطريق الأسهل للدخول إلى المجتمعات، أي التعليم، فأنشأت المدارس التي تحوّلت لاحقاً إلى جامعات مثل الكلية الإنجيلية السورية التي أصبحت الجامعة الأميركية. أمّا المحاولات الوطنية، فكانت أوّلاً في سوريا مع إنشاء «جامعة دمشق» عام 1932 وتبعتها جامعات القاهرة، الإسكندرية، وحلب.
وأشار بشور إلى أن السبعينات مثّلت نقطة تحوّل في عدد الجامعات الوطنية في الدول العربية، وكانت بدايات تأسيس الجامعات الخاصة، التي بات عددها اليوم يفوق بكثير عدد الجامعات الوطنية.
وفي دول الخليج العربي، بدأ انتشار الجامعات الخاصة منذ منتصف التسعينات، ففي قطر والإمارات العربية المتحدة كانت الثورة في المشاريع التربوية عبر افتتاح فروع لجامعات خاصة عريقة غربية، أوروبية وأميركية، بناءً على قرار من حكومات تلك الدول. وقد دُعيت هذه الجامعات التي فتحت أبوابها أخيراً إلى اعتماد مناهجها كما هي من دون تغيير، مقابل فواتير ضخمة تقدّر بمليارات الدولارات تدفعها الدول المضيفة.
وأوضح بشور «أنّ الاستراتيجيات تختلف من دولة إلى أخرى، فنرى أنّ ما يُتّبع في دول مثل الكويت والمملكة العربية السعودية يختلف تماماً عما تقوم به دولتا قطر والإمارات. فالسعودية، تؤسس حالياً جامعة وطنية كبرى بكلفة 2.6 مليار دولار على البحر الأحمر للعلوم والتكنولوجيا، وقد كلّفت لجنة وطنية إعادة النظر بمبادئ التعليم العالي في المملكة. في المقابل، بدأت سوريا اللحاق بركاب الدول العربية الأخرى، فسمحت خلال أربع سنوات بإنشاء خمس جامعات خاصة، ما يؤدي الى إنشاء تعليم موازٍ لمن يستطيع الدفع ولا يُقبل في الجامعات الوطنية، والحال ذاتها في مصر والأردن. ولفت بشور إلى أن عدد الجامعات الخاصة التي تقدم طلبات عضوية إلى اتحاد الجامعات العربية الموجود في الأردن كبير جداً.
وتخلل اللقاء حوار بين المحاضر والمشاركين، فقدمت طالبة قطرية تدرس في الجامعة الأميركية مداخلة حول النقاش الذي تثيره الجامعات الغربية في قطر والخليج، فالموقف تجاهها ليس موحداً، فبعض المناهج لا تدرّس كما يجب، فيما تمنع بعض الكتب الفلسفية بتأثير من الإسلاميين. ورداً على سؤال عن واقع الجامعات في لبنان، أوضح بشور أن ترخيص أيّ جامعة جديدة يعود إلى مجلس الوزراء، الذي يتلقّى توصيات اللجنة المعنية ويأخذ القرار الذي هو سياسي بامتياز.
ورأى بشور أن الجامعات الخاصة التي افتتحت فروعاً لها في الخليج سعيدة الآن بالمداخيل المالية، معرباً عن اعتقاده بأن البعض قد ينسحب في النهاية، وأعطى مثلاً: جامعة كونيكتكت (Connecticut) التي انسحبت قبل توقيع العقد مع دولة الإمارات، بذريعة أن هذه الأخيرة لا تعترف بدولة إسرائيل وسجلّها غير ناصع في مسألة العمالة الأجنبية.