ليال حداد
يقدّم الأستاذ في الجامعة الأميركية رامي علّيق تجربته في كتابه «طريق النحل: جمهورية رامي علّيق»، لتكون حافزاً لعمل طلابي يتخطّى الطوائف


يستحيل تصنيف كتاب «طريق النحل: جمهورية رامي علّيق» ضمن إطار محدّد، فهو كتابٌ سياسيّ بقدر ما هو طلابيّ، أو إنّه سيرة ذاتية وتجربة شخصية «كُتبت في ربيع العمر»، كما يوضح علّيق في الفصل الأخير من كتابه. لكنّ الهدف الأساسي، بحسب علّيق، هو انتقال تجربة توحيد طلاب الجامعة الأميركية، على اختلاف انتماءاتهم، على مطلب محقّ إلى كل لبنان.
ويسرد في كتابه تفاصيل «ثوراته» المتعدّدة بكثير من التشويق، من «ثورته» الأولى في الجنوب، مروراً بـ«ثورته» الثانية في الجامعة الأميركية، وصولاً إلى انتفاضته الأخيرة على الأفكار المعلّبة والتعصّب الأعمى ضدّ كل ما هو «مختلف».
ويشرح علّيق أنّه انتسب إلى حزب الله، ودافع عن مبادئه إلى درجة التطرّف، وإذا به «في الرابعة عشرة في صفوف المقاومين والمجاهدين»، كما شارك في معارك الحزب مع حركة «أمل»، وفي حربه على إسرائيل. إلا أن التزامه الحزبي والديني لم يمنعه من التفوّق في دراسته، رغم طرده من أكثر من مدرسة بسبب المشاكل التي كان يثيرها.
تخرّج من ثانوية الآداب ـــــ برج البراجنة، وانتقل إلى كلية الزراعة في الجامعة الأميركية في بيروت، كما انتسب في الوقت نفسه إلى كلية الحقوق والعلوم السياسية في الجامعة اللبنانية. وبعد أشهر قليلة، أصبح علّيق من أبرز الطلاب في الجامعة الأميركية لجهة نشاطاته وتأثيره في زملائه، ما دفع إدارة الجامعة إلى زيارة الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله والطلب منه «لجم» نشاط علّيق، كما جاء في الكتاب.
ولكنّ النقطة الفاصلة في حياة علّيق ومسيرة الحركة الطلابية في الجامعة الأميركية كانت في تشرين الأول من عام 1994. وفي التفاصيل أنّ عدداً من طلاب كلية الآداب والعلوم بدأوا آنذاك بتوقيع عريضة ضدّ رفع الأقساط بنسبة 10%، وعند عدم تجاوب الإدارة، بادر علّيق إلى إطلاق أكبر تحرّك طلابي في تاريخ الجامعة. وبسبب رفض معظم الطلاب في البداية المشاركة خوفاً من الفشل، دفع شقيقه وصديقه إلى منع الطلاب من استلام الإشعارات بزيادة الأقساط، إضافة إلى حثّهما على استفزاز رجال الأمن. صعّد علّيق التحرّك عند اعتقال أحد الطلاب المشاركين،
وتحدّى خلاله «التكليف الشرعي» الصادر عن الحزب بوقفه، حرصاً منه «على مصلحة الطلاب وعدم تركهم في منتصف الطريق». تعرّض الطلاب إلى تنكيل الأجهزة الأمنية، وتصدّرت الحادثة عناوين الصحف في اليوم التالي.
ويوضح علّيق في الكتاب أنّ الإدارة لم تلغ الزيادة على الأقساط، إلا أنّ التحرّك أجبرها على تأمين منح للطلاب بنسب وصلت في بعض الأحيان إلى 100%.
يكمل عليّق قصّته، شارحاً التغيّر الذي طرأ على شخصيّته بعد التحرّك، وتركه لحزب الله وإطلاقه لمجلة «gate». لكنّ استقالته من العمل الحزبي لم توقف نشاطه الطلابي، فعمل على تأسيس «رابطة نهضة الشباب الاجتماعية» المؤلفة من طلاب ومتخرّجين من مختلف الطوائف. كما يروي بإسهاب ذهابه إلى الولايات المتحّدة للدراسة، وتماهيه مع المجتمع الغربي، ومنعه من دخول مطار نيويورك والولايات المتحدة بعد أحداث 11 أيلول.
يعترف علّيق، الذي أصبح اليوم أستاذاً محاضراً في الجامعة الأميركية في علم تربية النحل، بأنّ الجامعة هي التي علّمته معنى الانفتاح والتفاعل مع الآخرين، بصرف النظر عن انتماءاتهم ومعتقداتهم. يعمل حالياً على تأسيس جمعية «لبنان غداًً» مع عدد من طلابه. «لبنان غداً هو ثورة بيضاء، تحاكي المواطن من مختلف الانتماءات». ففي الخامسة والثلاثين، لا يزال علّيق يؤمن بأن قدرة التغيير يجب أن تنبع من الطلاب.
يرفض علّيق أن يصنّف كتابه الذي عمل عليه سبع سنوات، في خانة محاربة أي طرف سياسي، «كتابي موجّه أولاً إلى أهلي في كلّ الجنوب، عليهم أن يفهموا الكتاب على أنّه نقد بنّاء. وإذا لم يحصل ذلك، أكون قد فشلت في إيصال هدفي». وكدليلٍ على عدم تسييس كتابه، رفض علّيق تبنّي أي دار نشر لكتابه، فأسّس دار «طريق النحل».